تفاصيل الحكم على مغتصبي “طفلة طاطا”

أحدث خبر قضية مغتصبي “طفلة طاطا”، ضجة واسعة في اليومين المنصرمين، بعدما انتشرت قصة هذه الفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت للمنظمات الحقوقية، وكتبت عنها مجموعة من الجرائد الإلكترونية، رغم أنها قضية مرت عليها أكثر من سنة، إلا أن الجديد كون “مغتصبيها” خرجوا من السجن بعد قضائهم عقوبة سنة حبسا نافذا المحكوم عليهم بها.

وفي تفاصيل الواقعة، فإن هذه القضية وقعت منذ أكثر من سنة حينما تم اغتصاب الفتاة من قبل مجموعة من الأشخاص لمرات متتالية، نتج عنه الحمل ثم الولادة، ومن بين المغتصبين مدرب لكرة القدم لإحدى الأندية المحلية، التي كانت الضحية ضمن فريقه، وقد وصل عدد المغتصبين لخمسة، حيث كانت قد أصدرت الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية أكادير حكمها بالحبس لمدة سنة ضد أربعة متهمين منهم (وهم الذين استوفوا أجل عقوبتهم وخرجوا من أسوار السجن)، فيما لازال المتهم الخامس فارا من العدالة إلى غاية اليوم.

واقعة الاغتصاب المتكررة

بعد اكتشاف أم الضحية أن ابنتها حاملا، قدمت شكاية في الموضوع، وهنا بدأت رحلة البحث والتحقيق من قبل الشرطة القضائية بطاطا، عن واقعة الاغتصاب التي كانت ضحيتها فتاة لم تتجاوز آنذاك سن 15 سنة، حيث أصبحت حاملا ثم أما لطفلة.

وبعد التحقيقات تم اكتشاف أن الفتاة كانت ضحية جريمة اغتصاب متكررة، من قبل عدة أشخاص من بينهم المتهم الرئيسي (أ.ن)، الذي كشفت الأبحاث أنه من فض بكرتها، ثم ثلاثة آخرين وهم (م.ا) متزوج وله ثلاثة أبناء تاجر، (ح.ش) تلميذ، (أ.خ) متدرب، حيث ثبت أن كل من المتورطين في هذه القضية قاموا بممارسة الجنس مع الفتاة القاصر بدون عنف، ولمرات متتالية.

والغريب في الأمر، حسب المنظمات الحقوقية، أن هذه الجريمة وقعت لمرات متكررة ولم يتم اكتشاف الأمر إلا بعد مرور ستة أشهر على حمل الضحية، ورغم ذلك قررت المحكمة مؤاخذة المجرمين بارتكابهم جناية “هتك عرض قاصر بدون عنف نتج عنه افتضاض”، ومعاقبتهم مع “تمتيعهم بظروف التخفيف بالنظر الى ظروفهم الاجتماعية”، حيث تم الحكم عليهم بسنة واحدة.

تفاصيل الحكم

حسب الحكم الصادر في هذه القضية، من قبل الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية أكادير، الذي توصلت “بلادنا24” بنسخة منه، فإن المحكوم عليهم (أ.ن) عامل، و(م.ا) متزوج وله ثلاثة أبناء تاجر، (ح.ش) تلميذ، (أ.خ) متدرب، تمت إدانتهم بـ “جناية هتك عرض قاصر نتج عنه افتضاض بالنسبة للأول وهتك عرض قاصر بدون عنف للباقين”، وهي “الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 485 و 488 من القانون الجنائي”.

وأضاف الحكم أنه، “يستفاد من محضر الضابطة القضائية بتاريخ 2022/03/03 المنجز من طرف المركز الترابي لتيسنت، أنه اثر شكاية أم الضحية التي أخبرتها أن مدربها خالد الحيان صرح لها انها من المحتمل أنها حامل لتعرضها على طبيب ثبت فعلا انها حامل في شهرها السادس واخبرته أنها على علاقة مع (ا.ن)، وهو من افتض بكارتها”.

وتابع “وحيث أكدت الضحية القاصر بأن المتهمين مارسوا عليها الجنس، كما أقر المتهم (أ.خ) بممارسته الجنس سطحيا مع الضحية فضلا عن ملامسته جسدها بقضيبه، وحيث أن قيام المتهمين بممارسة الجنس مع الضحية القاصر ولو برضاها يعتبر هتكا لعرضها بدون عنف، وحيث أنه لا دليل بالملف يثبت أن المتهمين قاموا بهتك عرض الضحية بالعنف وكذا ان الضحية انجزتها بعد مرور ستة أشهر من حملها،  وحيث أن المتهمين قد أتوا الافعال المذكورة عن نية واختيار مما يكون معه قصدهم الجنائي قائما في النازلة الحال، وحيث انه بالنظر الى ما ذكر فإن المحكمة اقتنعت بأن ما نسب للمتهمين يشكل جنحة هتك عرض قاصر دون عنف مما يتعين مؤاخذتهم من أجلها بعد إعادة تكييف الافعال الى مقتضيات الفصل 484 من القانون الجنائي مع تمتيعهم بظروف التخفيف بالنظر الى ظروفهم الاجتماعية مع تحميلهم الصائر وتحديد مدة الاجبار”.

وعليه قررت المحكمة وفق نسخة الحكم “بمؤاخذة المتهمين من أجل جنحة هتك عرض قاصر دون عنف بعد إعادة تكييف الافعال الى مقتضيات الفصل 484 من القانون الجنائي”، وحكمت على كل واحد منهم بـ “سنة واحدة حبسا نافذا مع الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى”.

ومما ينبغي الإشارة إليه، أن الضجة العارمة حول هذه القضية تكمن في كون أن الفصل 484 من القانون الجنائي الذي قررت المحكمة اتخاذه في تعليلها ينص على أنه “يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرا أو أنثى”.

ويلاحظ أن هذا الفصل ينص على معاقبة المغتصب الذي أتى بفعل الاغتصاب بدون عنف ابتداء من سنتين وليس من سنة في الحد الأدنى، وخمس سنوات كأحد أقصى”.

قضية “طفلة تيفلت”

لقد أعادت هذه القضية إلى الأذهان ما وقع في شهر أبريل الماضي، حيث كانت قد قررت محكمة الاستئناف في الرباط، بإدانة مغتصبي طفلة تيفلت بـ 20 سنة سجنا نافذا في حق المتهم الرئيسي، فيما قضت بـ10 سنوات سجنا لكل واحد من شريكيه.

وكانت بذلك قد صححت حكما ابتدائيا صدر بعامين حبسا في حق المتهم الرئيسي، واعتبر آنذاك أنه حكم مخفف لينال غضبا شعبيا وحقوقيا عارما، صدر على إثره الحكم السابق الذكر من قبل محكمة الاستئناف.

مطالب بمراجعة القانون الجنائي

ومن المنتظر أن تبدأ محكمة الاستئناف في أكادير، غدا الأربعاء، في مراجعة الحكم القضائي المثير للجدل الذي صدر في المرحلة الابتدائية، في حق مغتصبي “طفلة طاطا”، عقب الضجة التي صارت بعدما خرج المغتصبون من أسوار السجن واستقبالهم بزغاريد عائلتهم وفقا لتقارير إعلامية متطابقة، على أمل أن يتم اتخاذ بعين الاعتبار الظروف التي أصبحت تعيشها الطفلة بعد واقعة الاغتصاب، حيث أضحت أما لطفلة من مغتصبها.

وفي هذا الصدد، طالبت شبكة نساء متضامنات بـ “إنصاف الطفلة عبر استدراك هذا الحكم الجائر الذي يسيء لسمعة العدالة المغربية في المرحلة الاستئنافية يوم غذ 31 ماي، مع تشديده في حق الجناة/ العصابة لكي يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمة جسد الآخرين طفلات كن أو نساء أو اطفالا”، مؤكدة على “ضرورة توفير المواكبة الاجتماعية والعلاج النفسي للطفلة/الأم جبر ضررها، والعمل على إقرار نسب الطفلة الناتجة عن هاته الجريمة لأبيها البيولوجي وفق ما تؤكده الخبرة الجينية”.

كما جددت الهيئة مطالبتها بـ”المراجعة الجذرية للقانون الجنائي وملاءمته مع دستور البلاد ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها المغرب”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *