هل ارتفاع سعر الدولار عالميا يبرر عدم انخفاض سعر المحروقات محليا؟

لعبت الحرب الأوكرانية دورا مهما في تغيير موازين القوى على المستوى السياسي والعسكري، وبالأخص على المستوى الاقتصادي، فباتت العملات الأجنبية بين أخذ ورد وارتفاع وهبوط، ولاسيما الدولار الأمريكي الذي يعتبر عالميا العملة الأقوى. وقد بات الدولار متحكما في قيمة العملات وكل شيء يقاس عليه.

ولئن بررت بعض الحكومات ما يجري على الساحة الاقتصادية من غلاء الأسعار وتغير الميزان الاجتماعي هبوطا وارتفاعا، فقد تأثر الدولار أيضا بهذا التغير ولم يبق على قيمته المعهودة، بل أن ظروف الحرب وارتفاع سعر البترول أثر على قيمته ودوره في الريادة المالية، مما أثر على اقتصاديات كثير من الدول مهما كانت المبررات والأسباب.

لكن بعض هذه المبررات قد توظفها بعض الحكومات “شماعة” لتعليق أي فشل أو تقصير في اتخاذ سياسات جادة ومسؤولة للتخفيف من تبعات الأزمة على مواطنيها، خاصة الفئات الهشة منهم والذين أنهكتهم الزيادات المتواصلة على مستوى السلع الاستهلاكية، وأسعار المحروقات الحارقة.

تبرير حكومي

لم ترهق حكومة أخنوش نفسها في البحث عن “حلول” جادة عوض الغوص في إيجاد “مبررات” لما يشهده المغرب اليوم من غلاء للأسعار، ولطالما ما أفنت الحكومة وقتها في عرض المشاكل على المواطنين الذين ينتظرون منها سماع البدائل، وها هي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، تدعو المغاربة إلى “استعمال أقدامهم” في التحرك بدلا عن السيارات للحد من استهلاك الطاقة كحل تراه “مناسبا” من أجل “التخفيف” من حدة غلاء أسعار المحروقات.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط عالميا، لم تحرك أسعار المحروقات بالمغرب ساكنا، وظلت على حالها أو ربما سارعت الحكومة بتباطؤ في خفض الأسعار التي لم يتعد هذا التراجع درهما واحدا، مما أثار بعض التساؤلات المغلفة بنوع من الاستغراب عن سبب انخفاضها بشكلها الطفيف، مقارنة بالقفزات التي تشهدها الأسعار حينما يزداد السعر على المستوى الدولي.

وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، إن حكومة عزيز أخنوش “لا تنتهج سياسات لصالح المواطنين”، وإنما “تخدم مصالح اللوبيات التي تتحكم فيها”، معتبرا أن أسعار المحروقات يجب أن تنخفض إلى ما كانت عليه قبل الحرب الأوكرانية الروسية.

وأشار المتحدث في تصريح صحفي بقوله “سعر البرميل على الصعيد الدولي رجع إلى المستوى الذي كان عليه قبل حرب أوكرانيا، أي لا يتجاوز سعره 10 دراهم، وبالتالي هذه الزيادة التي تصل إلى 5 أو 6 دراهم يمكن اعتبارها أرباحا فاحشة، ونحن اليوم نتفرج على مأساة”.

وبعد “شماعة” حرب روسيا على أوكرانيا التي ظلت حكومة عزيز أخنوش تبرر بها سبب ارتفاع أسعار المحروقات، أرجع مصطفى بايتاس، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أسباب عدم انخفاض أسعار المحروقات بالمغرب رغم انخفاضها على المستوى الدولي، إلى أن “سعر الدولار ظل محافظا على مستوى تصاعدي”، مشيرا إلى أن الشركات النفطية يجب أن تطبق هذا التخفيض، لأنه يهم القدرة الشرائية للمواطنين.

وردا على أسئلة الصحفيين خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي الخميس الماضي، قال المتحدث: “مباشرة بعد  احتساب 15 يوم الأولى من شهر يوليوز، عرفت المادة انخفاضا تقريبا بدرهم، لكن، هناك مستجد آخر، وهو أن الدولار ظل محافظا على مستوى تصاعدي، وهو شيء معروف وحقيقة يدركها الجميع، لأنه أيضا ارتفاع الدولار يؤثر بشكل مباشر على هذه الأسعار في الاستيراد”.

ارتفاع الدولار ليس مبرر

ومن جانبه، صرح الخبير الاقتصادي رشيد أوراز لـ”بلادنا24” بقوله “تأثير الدولار ليس إلى الدرجة التي تم تصويره به. ارتفاعه ينعكس فعلا، لكن ليس بنفس المعدلات التي ارتفعت بها أسعار المحروقات في السوق المغربية”.

وأضاف المتحدث “من الناحية التقنية، كلما ارتفع الدولار مقابل الدرهم، فالنسبة التي ارتفع بها يرتفع بها سعر الشراء في السوق الدولية. وفعلا نحن ما زلنا نعيش في عصر البترودولار، حيث يتم تسعير النفط بالدولار، لكن ارتفاعه مقابل الدرهم لا يبرر كل هذا الهامش الذي نراه في الأسواق هذه الأيام.

وأشار أوراز إلى أن “المشكلة الكبيرة هي أن سوق المحروقات ليست سوقا تنافسية، وبنية السوق نفسها لا تعطي صورة واضحة عن كيف تتطور الأمور”، لافتا إلى أن “تعطل مشروع مجلس المنافسة في تفكيك الوضعية الإحتكارية التي يعرفها السوق، جعل الوضعية معقدة”، على حد تعبيره.

وما تزال وسائل التواصل الاجتماعي في تفاعل مستمر حول هذه الوضعية الاقتصادية التي اكتوى بنارها الفقراء خاصة، وما الدعوة إلى التجمع والتجمهر أمام مؤسسات الدولة، وكذا المشاركة في “الوسوم” المطالبة بخفض الأسعار إلا دليلا على ما يشعر به المغاربة من غضب وانفعال تجاه ما يعايشونه يوميا في الأسواق وفي أماكن البيع والشراء، مما أثر على القدرة الشرائية لدرجة غير مسبوقة.

يجري هذا في ظل صمت شبه تام وغض النظر عما يقوله المواطنون أو ما تحفل به الساحة الاجتماعية من انتقاد وشعور في الغضب تجاه هذا الوضع الجديد الذي لم يشهده المغرب في فترة من الفترات. لذا كانت الحاجة ماسة إلى إعادة النظر فيما يعين المواطنين على الاستمرارية والعيش الكريم في ظل هذه التقلبات العالمية، والزيادة الصاروخية في مختلف المواد الاستهلاكية، ضروريات وكماليات.

بلادنا24مريم الأحمد

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *