ما الذي تغير بعد سنتين من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء؟

مرت سنتين على اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، ومايزال موقف الولايات المتحدة الأمريكية ثابتا، ومسلسل الانتصارات الدبلوماسية التاريخية للمغرب يتواصل على المستوى الدولي.

الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وسيادته على أقاليمه الجنوبية، يدخل عامه الثاني، حيث شكل الحدث حينها ضربة قوية لجبهة البوليساريو ومحتضنيها، لأنه يشكل أهم الانتصارات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، حيث يعتبر هذا الاعتراف منعطفا تاريخيا مهما في قضية المغرب الأولى، فماذا تغير بعد مرور سنتين على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء؟

استمرار الاعتراف الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء، يعكس موقفا واضحا من واشنطن على المستوى الدولي، في دعم الصديق التاريخي الرباط، لتعزيز نفوذه في المنطقة، فخلال محطات كثيرة من التاريخ امتدت لقرون، كانت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين قوية جدا، فالمغرب كان دائما الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية، في المقابل، أيدت واشنطن المواقف السياسية للمغرب في المحافل الدولية، لذلك لم يكن موقفها الرسمي منذ سنتين غريبا في ملف الصحراء، ما أدى لتقوية موقف وسياسة المغرب الداخلية والخارجية.

مسار القضية الأولى للمغرب بعد الاعتراف الأمريكي

أكد نوفل بوعمري محامي ومختص في ملف الصحراء، في تصريحه لـ“بلادنا 24”، أن “الاعتراف الأمريكي الذي يدخل سنته الثانية أحدث أثرا سياسيا جد مهم على مستويين، الأول على صعيد المسار الأممي، إذ باتت الأمم المتحدة أكثر وضوحا في دعم مبادرة الحكم الذاتي، تجلى ذلك في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن سواء 2602 أو 2548، اللذين تبنيا معا الحل السياسي الذي قدمه المغرب، وذلك بفضل الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى إعداد مسودة القرار الذي طُرح للتصويت، وكانت المسودة تعكس وجهة نظر الإدارة الأمريكية من النزاع والحل، مما شكل دعما كبيرا لمقاربة المغرب السياسية لحل هذا النزاع المفتعل”.

وأضاف المتحدث ذاته، أنه “على مستوى علاقة المغرب بالعديد من الدول، شكل الاعتراف الأمريكي باعتباره صادرا عن دولة قوية لها وزنها الإقليمي والدولي وتأثيرها في النزاعات ذات الطابع الإقليمي، (شكل) دعماً للمغرب، ليكون تحركه الدبلوماسي مبنياً على موقف قوي صادر من قوة عظمى، وهو ما شجع الدبلوماسية المغربية على اتخاذ العديد من القرارات الدبلوماسية المرتبطة بعلاقتها بعدد من الدول التي كانت تعاكس الوحدة الترابية للمغرب”.

وأبرز بوعمري، أن”الموقف الأمريكي يعتبر تحولا كبيرا في العلاقة التاريخية التي تجمع الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، والتي تتعدى ما هو متعارف عليه لتصل لمستويات من الشراكة والثقة في مختلف القضايا السياسية، والأمنية المرتبطة خاصة بمحاربة الإرهاب والانفصال التي تندرج ضمنهم جبهة البوليساريو”.

الولايات المتحدة الأمريكية الصديق التقليدي للمغرب

أما محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، فقد أكد في تصريحه لـ”بلادنا 24”، أن “اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، شكل في حينها صدمة بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وفرنسا على وجه الخصوص، إذ لم تتقبل الأخيرة أن لا يبقى المغرب حليفا لها كما كان في الماضي، وأن يتجه نحو الولايات المتحدة، فالمغرب اليوم أصبح جادا في مواقفه وسياساته الخارجية مع كل الدول، منذ اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء يوم 10 دجنبر 2020، حيث أصبح خطاب المغرب واضحا لكل الدول التي تريد أن تكون حليفة وصديقة للمغرب، حتى تكون واضحة في مواقفها بخصوص ملف الصحراء المغربية أولا”.

وأبرز المتحدث، أن “الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على أن لا يكون المغرب مجرد صديق تقليدي، ولكن أكثر من ذلك، أي أن يكون حليفا استراتيجيا، وعندما نعود إلى لائحة العلاقات المنضبطة بين الطرفين، نلاحظ أن المغرب أول دولة من أفريقيا توقع اتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة منذ أوائل القرن الحالي، كما نلاحظ أن المغرب يمثل صفة الحليف الاستراتيجي خارج الحلف الأطلسي”.

وفي نفس السياق، أكد المتحدث، أن “الولايات المتحدة والمغرب دخلا في ما يسمى بالحوار الاستراتيجي الدوري، الذي ينعقد سنويا مرة في واشنطن ومرة في الرباط، بهدف تحديد علامات التحالف بالنسبة للمستقبل، فموقف الولايات المتحدة هو دعم حقيقي وواضح للمغرب ليكون منصة استراتيجية للربط بين أمريكا ومنطقة غرب أفريقيا، وقد أكد الرئيس جو بايدن، أنه لن يتم التنازل عن الاعتراف بمغربية الصحراء، على عكس ما كان يتوقعه أعداء الوحدة الترابية”.

وأشار محمد تاج الدين الحسيني، إلى أن “الاجتماع الأخير الذي انعقد بعد غياب لسنوات بين أمريكا وقادة البلدان الإفريقية، قد يعيد نوعا من التطور والتألق لهذا التعاون الأمريكي الإفريقي، فواشنطن اليوم تعلم جيدا أن عليها أن تملأ كل الفراغات لكي لا تترك للصين مجالا للتوغل في المنطقة تجاريا، بالإضافة من جهة أخرى إلى روسيا التي تحاول الهيمنة عسكريا، عن طريق تصدير السلاح، ولذلك الولايات المتحدة كانت واضحة بخصوص تجاوز هذا التحدي الذي يعتبر فائق الخطورة، بالنسبة لقارة تعتبر المستقبل لكل من أوروبا وأمريكا والصين وروسيا، وبما أن المغرب هو بوابة القارة الإفريقية، كان على أمريكا التحرك في اتجاه دعم ملف الصحراء، لتقوية العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية مع المغرب”.

خديجة حركاتصحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *