في ظل العلاقات المتأزمة.. قضية العمال المغاربة المطرودين من الجزائر تعود إلى الواجهة

عادت قضية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، من جديد، إلى واجهة الأحداث، لتلقي بظلالها على سطح العلاقات المغربية الجزائرية التي تمر من “عنق الزجاجة”، بعد أن أثار المغرب في الدورة الـ36 للجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم جنيف، واقعة ترحيل أزيد من 45 ألف عائلة مغربية من الجزائر قسرا، رغم توفرهم على الإقامة القانونية بالأراضي الجزائرية، ودعا إلى الكشف عن التدابير المتخذة لحماية حقوق هؤلاء المرحلين، وتحسين أوضاعهم المعيشية، وتمكينهم من استعادة ممتلكاتهم التي جردوا منها من قبل الجزائر، وتعويضهم عن الأضرار التي تعرضوا لها.

مذكرة المغاربة ضحايا التهجير القسري

وأعلنت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، في المذكرة الترافعية الموجهة لرئيس لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، حول قضية العمال المغاربة المهجرين قسرا من الجزائر سنة 1975، أن دور الجمعية في هذا الإطار، هو  “تزويد لجنة الخبراء بمعلومات حول حقوق العمال المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، والتي لا تزال مع الأسف حقوقهم مهضومة وممتلكاتهم ورواتب تقاعدهم مصادرة بالجزائر، بدون وجه حق، منذ سبعة وأربعين سنة”.

1d5f62f2 f57e 460b 8277 58a00165bd96

وأضافت الجمعية، في المذكرة الترافعية، التي تتوفر “بلادنا24” على نسخة منها، أن الجزائر تحاول نهج سياسة التجاهل والتملص من تسوية حقوقهم “المشروعة”، فيما تلقى الدولة المغربية صعوبات في فتح نقاش جدي مع الدولة الجزائرية، من خلال أعمال اللجنة الثنائية المشتركة القنصلية والاجتماعية المغربية الجزائرية التي أصبحت مجمدة.

وأشارت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، إلى أن الأخيرة قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية والسياسية، وقامت بإغلاق جميع مجالاتها الحدودية مع المغرب من طرف واحد، مما جعل ملفات وقوائم أسماء المتضررين من العمال المغاربة المهجرين قسرا من الجزائر سنة 1975، تبقى عالقة ودون إيجاد تسوية لها.

معاناة العمال المطرودين من الجزائر

وأبرزت الجمعية في المذكرة الترافعية الموجهة للجنة المعنية، أن هناك فئة من العمال المهاجرين المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، تعيش الآن في وطنها المغرب ظروفا وأوضاعا اقتصادية واجتماعية مزرية وصعبة، ولا تزال تبحث عن الاندماج الحقيقي في بلدها.

1bb9d475 bba1 4e67 9482 060549957328

والتمست الهيئة، بخصوص هذه المناسبة المتعلقة بتقديم التقرير الدوري الثاني الذي أعدته المملكة المغربية، الخاص بإعمال الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، من أجل مطالبة الدولة المغربية وحثها على احترام وتفعيل وإعمال بالملاحظات الأخيرة التي أصدرتها اللجنة في دورتها التاسعة عشرة بتاريخ 18 شتنبر 2013 تحت عددCMW/C/MAR/CO/1، خاصة الفقرتين 43 و44، والتي تحث فيها المغرب باتخاذ الإجراءات الضرورية اللازمة لأجل تسهيل إعادة إدماج هذه الفئة من العمال المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر في بلدهم المغرب، من خلال تحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بناءا على المادة 67 من ذات الاتفاقية.

حقوق العمال المطرودين

وأعلنت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، عن أن “حقوق العمال هي من ضمن المبادئ العامة لحقوق الإنسان التي لا يتم على الإطلاق الاستغناء عنها، والتي لا يمكن تجزئتها، وبالتالي فإنه من المفروض أن يتمتع العامل بكل حقوقه وفق ما تقتضيه المواثيق الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين للحقوق، والقانون الدولي نفسه ينص على حماية حقوق العمال لكي يعمل على تنظيم المنافسة ودعم السلم الدولي ونشر العدالة الاجتماعية وتطوير قوانين العمل الوطنية والدولية ودعم حركات الإصلاح”.

وأبرزت الجمعية، أن “واقعة التهجير القسري الجماعي لحوالي 45 ألف أسرة مغربية التي تضم بين أفرادها عددا كبيرا من العمال المهاجرين المغاربة الشرعيين الذين تم تهجيرهم ابتداء من منتصف دجنبر 1975 من فوق التراب الجزائري في ظروف قاسية وغير إنسانية، حيث شاب هذا التهجير القسري ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خاصة في صفوف النساء والأطفال والشيوخ”.

f8636168 5b3d 49eb 842a eb2f96bc4542

ولفتت، إلى أنه تركز في مذكرتها، على “فئة العمال المهاجرين المغاربة الذين تم طردهم جماعيا من عملهم بشكل تعسفي، ودون احترام تام للمساطر المؤطرة للطرد والفصل من العمل، ودون إعطائهم حقوقهم المتمثلة في التعويض عن الطرد التعسفي من العمل بدون موجب حق، والتعويض عن مهلة الإخطار، والتعويض عن الضرر وما يترتب عن ذلك من آثار قانونية”.

جريمة ضد الإنسانية

وأكدت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، على أن هذا الفعل، “يشكل في حد ذاته فعلا مجرما، خصوصا وأنه ترتبت عنه عدة جرائم ضد الإنسانية، متمثلة في التهجير القسري، وحجز الأشخاص في معتقلات سرية بالجزائر محرومين من الزيارة، والتعذيب ومصادرة كافة حقوقهم وممتلكاتهم بالقوة، وهذا شطط في استعمال السلطة، وانتهاك خطير لحقوق الفرد”.

واستحضرت الجمعية، الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والتي صادقت عليها الجزائر، مؤكدة على أنها ملزمة باحترام بنودها، “لأنها تنص على حماية مصالح العمال في بلدان غير بلدانهم، وتضمن لهم كافة حقوقهم المشروعة”.

b5907466 c2e1 43dd 9bc1 93b33e84dd81

وجاء في المذكرة الترافعية، “ومادام أن العمال المهاجرين المغاربة الذين كانوا يعملون فوق التراب الجزائري منذ عقود من الزمن بطريقة قانونية وشرعية، ويتوفرون على ما يثبت ذلك من بطائق الإقامة وشهادات العمل وبطائق التسجيل، والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الجزائري، وعقود عمل رسمية مؤشر عليها لدى السلطات الجزائرية، إلى جانب وثائق الخاصة بالمعاشات مؤشر عليها من طرف الصندوق الوطني الجزائري للتقاعد”.

بالإضافة إلى أن هذا الأمر، “يؤكد بالملموس أن العمال المهاجرين المغاربة كانوا يشتغلون بشكل نظامي، ويجب أن يتمتعوا بكافة حقوقهم أسوة بالعمال الجزائريين، وهذا ما نصت عليه الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45/158 المؤرخ في 18 دجنبر 1990 بالجزء الثاني المعنون تحت اسم “عدم التمييز في الحقوق”، إلا أن السلطات الجزائرية خرقت كل المواثيق والقوانين المعمول بها، وعرضت العمال المغاربة المهاجرين وأفراد أسرهم للتعذيب والعنصرية والمعاملة القاسية اللاإنسانية، ليس إلا أنهم عبروا بكل حرية عن أفكارهم المتمثلة في تشبثهم بهويتهم المغربية وعدم المساس بها”.

مطالبة الجزائر بتقدم اعتذار

وأكدت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر، على أن “كل هاته الوقائع ثابتة بمقتضى وثائق رسمية موقعة ومختومة ومؤشر عليها من طرف السلطات الجزائرية، وأن هناك شهادات حية لعمال مغاربة حرموا من كافة حقوقهم، ومورست عليهم كافة أنواع التعذيب المادي والمعنوي، علما أنهم أصحاب حق، ومن حقهم ومن الواجب على الدولة الجزائرية منحهم تعويضا عادلا ومناسبا لهم ولذوي حقوقهم، وجبر ضررهم ماديا وتقديم الاعتذار الرسمي لهم معنويا”.

dc6ad3f5 26d1 4d7e a243 e613f7ee223d

ودعت إلى “استرجاع جميع العمال ممتلكاتهم العقارية والمالية المصادرة بدون وجه حق من طرف الدولة الجزائرية، وعلى القيام بتيسير وتسهيل عملية جمع شمل الأسر المغربية بذويها الباقين في الجزائر، لأن الأفعال التي تعرضوا لها هؤلاء العمال المغاربة المهجرين قسرا من الجزائر سنة 1975 لا يطالها أي تقادم، وإنما هي جرائم ضد الإنسانية جمعاء”.

47743ce5 114a 44e4 b8b8 32268db1da6b

وتجدر الإشارة، إلى أنه في الوقت الذي لبى فيه المغاربة نداء الملك الراحل الحسن الثاني، للمشاركة في المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء المغربية، ردت السلطات الجزائرية على المغرب بـ”المسيرة الكحلاء”، حيث أنه وقت احتفال الأمة الإسلامية بعيد الأضحى، كانت دوريات الشرطة الجزائرية والدّرك تدور على بيوت الأسر المغربية، وتستدعيهم للتهجير دون السماح لهم حتى بفرصة توضيب حقائب لسفرهم المصيري ذاك بلا رجعة.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *