خبير بيئي: الوضعية بالمملكة مقلقة.. وعلى الحكومة إعادة النظر في الطلب

تحتل أزمة تدبير المياه وما يرفقها من تداعيات خطيرة تهدّد الزراعة وحتى ماء الشرب، جزء كبير من النقاش العمومي منذ سنوات، وذلك منذ تأكيد المملكة معاناتها من هذه الإشكالية، بسبب توالي سنوات الجفاف، واستنزاف الخزانات الجوفية بعدة مناطق، الشي الذي بات يطرح، ضرورة اعتماد استراتيجيات عاجلة لمواجهة هذا التحدي.

ولعل ما يزيد من حدة النقاش، هو استمرار الحكومة، في تصدير المياه، رغم الأوضاع كارثية التي مرت منها أغلب المواسم، وذلك من خلال تشبتها باعتماد بعض الزراعات التي تستهلك نسبة من الماء أكثر من غيرها، والتي أغلبها تكون موجهة للتصدير، وهو ما تبينه أرقام رسمية تشير إلى تربع المملكة على عرش الدول المصدرة لعدد من الفواكه والخضر لعل أبرزها “الدلاح” و”الأفوكادوا”.

وضعية مائية مقلقة

وللغوص في عمق هذه الإشكالية، ومعرفة الحلول الممكنة للحد من تداعيات هذه المعضلة التي تتربص بمستقبل البلاد، أكد محمد بهناسي، أستاذ جامعي وخبير دولي في البيئة، أن “التساقطات المطرية التي عرفتها المملكة خلال شهر مارس الماضي، طبعت نوعا من الإرتياح في نفوس المواطنين، إلا أن المغرب على مستوى الأمن المائي، مازال في وضعية مقلقة وجد صعبة، خصوصا في ظل ارتفاع درجة الحرارة”.

وأوضح محمد بهناسي في تصريح لـ”بلادنا24” أن “نسبة ملء حقينة السدود في المغرب والتي بلغت إلى غاية 23 أبريل، 32.79 في المائة وهي نسبة الملء تقريبا ذاتها التي كانت عليها حقينة السدود خلال الفترة نفسها من السنة الماضية (33,58 في المائة)، أي بانخفاض يناهز 130 مليون مكعب مقارنة بالعام الماضي، تعطي للمغرب إحتياط مائي يمكنه من تجاوز الأزمة خلال الأشهر المقبلة”، مستدركا أن “ظاهرة غياب الأمن المائي والاجهاد المائي لازلت قائمة ويجب التعامل معها بشكل حذر، وبطريقة معقلنة”.

زراعات مستنزفة للفرشة

وشدد المتحدث ذاته، على أن “مسألة إعادة النظر في مختلف الزراعات، المستنزفة للفرشة المائية، والموجهة على الخصوص للتصدير (البطيخ الأحمر، الافوكادو..)، باتت ضرورة ملحة، لمواجهة مشكل ما يسمى بتصدير المياه نحو الخارج”، مسجلا أن “القطاع الفلاحي يستهلك نحو 85 في المائة من الموارد المائية المتوفرة على المستوى الوطني”. داعيا إلى “ضرورة العمل على حلول واتخاذ تدابير استعجالية على المستوى المتوسط والبعيد”.

وتعليقا على التصريح الأخير لوزير الفلاحة محمد الصديقي والذي نفى من خلاله استنزاف بعض المزروعات مثل البطيخ الأحمر للفرشة المائية، مؤكدا أن هناك زراعات أخرى تحتاج الماء بكمية أكبر كالقمح، أشار الخبير المائي، أن “مقارنة إنتاج الحبوب بانتاج المواد الفلاحية، هي مقارنة غير علمية، كون أن إنتاج الحبوب يعتمد بالأساس على التساقطات المطرية، في حين أن إنتاج المواد الفلاحية الأخرى، تعتمد غالبا على السقي إما من المياه المخزنة في السدود أو الجوفية، خصوصا في المناطق التي تقل فيها نسبة التساقطات (أكادير، الشرق،…)، مما يأدي إلى استنزاف هذه المادة الحيوية التي يجب التعامل معها على أنها احتياط استراتيجي للدولة والمجتمع”.

ترشيد استهلاك المياه

وبخصوص الإجراءات التي يجب اعتمادها لوقف نزيف المياه، في ظل هذه الوضعية المقلقة، شدد محمد بهناسي على “ضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي للمغرب خاصة في القطاع الفلاحي”، موضحا أنه “لا يمكن للمملكة التي تعيش إجهاد مائي بدأ يكتسب بعد هيكلي دائم، أن تستمر في سياسة فلاحية، موجهة أولا نحو التصدير، إلى جانب إعطاء أهمية كبيرة للفلاحة المسقية التي تعتمد بالخصوص على الفرشة المائية المهددة”.

وبالإضافة إلى هذا، دعا المتحدث عينه، إلى الاهتمام بتطوير إنتاجية الماء وفعالية استعمالاته في مختلف القطاعات، مضيفا أنه “إلى جانب الإجراءات التي ترمي إلى تعبئة موارد مائية جديدة، (بناء السدود، تحلية المياة، إعادة تدوير المياه المستعملة…) يجب إعادة النظر في مسألة الطلب على الماء، وتطوير سلوكيات جديدة في مختلف القطاعات، تروم إلى ضبط التعامل مع هذه المادة الحيوية”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *