حوار| ما دور وزارة الشباب والثقافة والتواصل في حماية الطفولة؟

باتت العناية بالطفولة أمرًا لازمًا بل وواجباً لدى أي مجتمع من المجتمعات، وهذه العناية حق مكفول للطفولة ، إذ تعتبر هذه الرعاية أصلاً من أصول التربية والتنشئة السليمتين ،حرصاً على إيجاد إنسان سليم البنية والفكر إعدادا للمستقبل، واستثماراً فاعلاً في الحياة العامة .

و يعتبر ذلك من اهتمامات وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بالنسبة للأطفال المتواجدين في تماس مع القانون، فعبر هذه المراحل الثلاث يتم إصلاح الفرد وبناء شخصيته وفق هذه الأصول المعتمدة في أصول التربية لإعداد جيل سليم ينسجم في حياته مع مجتمعه، وتطلعاته، واستشرافاته المستقبلية.

وفي حوار أجرته جريدة “بلادنا24” مع كريم الحنفي، إطار بوزارة الشباب والثقافة والتواصل ومدير سابق بمركز حماية الطفولة التابع للوزارة، وذلك من أجل تسليط الضوء على المراكز المعنية بحماية الطفولة،من منظور أخلاقي وتربوي، وإصلاحي.

وفيما يلي نص الحوار

في اعتقادك أستاذ كريم الحنفي ،ما هو دور مراكز حماية الطفولة؟ وهل الأطر المشرفة عليها مختصة في مجال معين؟

في البداية مراكز حماية الطفولة هي مؤسسات تربوية اجتماعية تابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، يكمن دورها الأساسي في استقبال الأطفال المتواجدين في تماس مع القانون، والذين يُحالون عليها من طرف السلطات القضائية المختصة، إذ يجرى التكفل بهم وتمكينهم من مجموعة من الخدمات الاجتماعية والتربوية الكفيلة بتأهيلهم في أفق إعادة إدماجهم في المجتمع.

هذه المؤسسات تسير بناء على نصوص إدارية صادرة عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، فالسند القانوني الذي يعطي هذه المراكز حق الاشتغال يكمن في المذكرات الصادرة عن الوزارة الوصية.

أما بخصوص الأطر المشرفة على هذه المراكز تتكون من موظفين تابعين لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، وهم في الأصل من خريجي المعاهد التي كانت تابعة لوزارة الشباب والرياضة سابقاً، أما الآن وفق الهندسة الحكومية الجديدة باتوا تابعين لوزارة التعليم، وكانوا يخضعون لمباريات لولوج هذه المعاهد، ويدرسون لمدة أربع سنوات، مع وجود اختلاف بين سلك المربين الذين تتحدد دراستهم في سنتين، وسلك المفتشين الذين يدرسون أربع سنوات على أساس أن يختصوا في السنتين الأخيرتين في مراكز حماية الطفولة.

وفي السنوات الأخيرة باتت تظهر شريحة جديدة بين العاملين في مراكز الطفولة وهم الأطر المساعدة، ويتجلّى دورهم في تغطية الخصاص في الموارد البشرية باستدعاء فاعلين في المجتمع المدني للعمل ضمن هذه المراكز مثل منشطين تربويين أو رياضيين.

لذلك يمكن ملاحظة وجود عناصر تابعة لجمعيات المجتمع المدني ضمن مراكز حماية الطفولة التابعة للدولة ولكن من لهم الحق في تسيير المرافق هم الموظفون التابعون للوزارة الوصية “وزارة الشباب والثقافة والتواصل”.

برأيك ،هل إعادة تأهيل الأطفال يشمل إعادتهم إلى صفوف الدراسة؟

فيما مضى كان مركز واحد مخصصا بالدراسة وهو مركز بنسليمان، وكانت الدراسة ضمن المركز تنتهي في المرحلة الابتدائية فقط وتجرى بشراكة مع وزارة التربية الوطنية، ولكن بما أننا أصبحنا نستقبل أطفالا لم يقوموا بفعل جرمي بات التفكير بتمدرسهم حاجة ملحة، إذ لا يُعقل حرمان هؤلاء الأطفال من متابعة الدراسة ومن الاستفادة من أنشطة خارجية، لذلك استقر الرأي على حث المراكز من قبل الوزارة بالتنسيق مع سلطات قضائية على إرسال الأطفال للدراسة حرصاً على مستقبلهم الدراسي ونادرا ما يرفض طلب خروجهم للتمدرس.

ما هي الأحكام الموجهة ضد الأطفال؟ وأين يتم إيداعهم عند خروجهم من المركز؟

أقصى حكم يوجه للطفل هو الإيداع في مركز حماية الطفولة إلى حين بلوغه سن الرشد المحدد بـ”18 سنة”، وقبل خروج الطفل نمر عبر مرحلة ما قبل الخروج، ومن خلالها يجرى تهيئة الطفل للاندماج السليم في المجتمع من جديد، وإذا كان الطفل يتعرض للتهديد من قبل الوسط الأسري مثلا، فالمراكز تقوم بزيارات قبلية لأسرة الطفل، وتحاول معالجة المشكل قبل عودة الطفل إلى بيته سواء من خلال التحسيس أو من خلال تحميلهم المسؤولية في حال تعرضه لأي مكروه وتنبيههم بأنهم قد يصبحون محط مساءلة جنائية مباشرة، ولكن في الغالب نُحاول الابتعاد عن هذا المسار كي لا تتسع رقعة التشنج وعدم التفاهم داخل الأسرة، لأن الهدف المنشود يكمن في أن يعيش الطفل في أمن وأمان دون المساس بأفراد الأسرة حفاظاً على الجو العام داخلها.

هل يتم عرض الأطفال على مختصين نفسيين في حال تعرضهم للتهديد؟ وما هي الأنشطة التي تقومون بها بشكل عام؟

بالنسبة للحماية الصحية عموماً جميع المراكز لديهم عقدة مع أطباء بموجبها الدولة تخصص تعويضاً مادياً لهم، ويتم التعاقد مع طبيب المركز لأن من ضمن الأشياء المتعارف عليها في المراكز أن الطفل يعرض على فحص طبي خلال الثلاثة أيام الاولى من مجيئه للمركز لتشخيص حالته الصحية، وكلما اقتضت الحاجة إلى ذلك مرة أخرى يجرى إحضار الطبيب حسب التخصص المطلوب.

أيضا المراكز تؤمن جميع الاحتياجات التي يتطلبها الطفل، إذ بمجرد إحضاره يتكفل به المركز بشكل دائم والذي يحدده القرار الذي جاء به إليه، وبشكل كامل من حيث التغذية، والتطبيب، والتمدرس، والملابس، والأنشطة الترفيهية، فضلاً عن التخييم في أوقات الصيف، كما يجرى برمجة مجموعة من الأنشطة التربوية التي تحاول رفع الجانب القيمي للطفل.

أما فيما يخص الجانب التكويني والدراسي، فإذا كان الطفل في وضعية عادية يجرى إلحاقه في إحدى المدارس لإتمام دراسته بشكل عادي، أما إذا كان منقطع عن الدراسة وسنه أقل من 15 سنة نحاول قدر الإمكان  إعادة إدماجه من جديد للتمدرس، في حين إذا تجاوز سن 15 سنة يخضع للتكوين المهني بحسب الشعب المتوفرة في كل مركز، وبحسب ميولات الطفل كذلك

وهناك أنشطة رياضية سواء داخل المراكز والتي تقوم بها بعض الجمعيات، وأخرى خارجه تمكن من استفادة الأطفال من أنشطة خارجية بالقرب من المركز من قبيل دور الشباب، أو مركبات ثقافية، وهنا تتم مراسلة القاضي لأخذ الترخيص، بالإضافة إلى رخصة من الوزارة في شخص المديرية الإقليمية والجهوية المشرفة على المركز.

ويتجلى الهدف النهائي من هذه الأنشطة المبرمجة هو حصول الطفل على شخصية متوازنة، ومده بمهارات حياتية تؤهله للإندماج من جديد داخل المجتمع، أما الأطفال الذين ارتكبوا أفعالا مجرمة يكون الرهان في عدم ارتكابه لها مرة أخرى، أما إذا كان من الأطفال الذين هم في وضعية صعبة، يكون الرهان هنا أن يصبح وسطه العائلي سليما ويندمج فيه بشكل جيد.

هل يمكنك أن تحدد لنا ،ما هي الطاقة الاستيعابية لكل مركز؟

كل مركز لديه طاقة استيعابية محددة، ونحاول ألاّ نصل إليها، لأنه كلما كان عدد الأطفال منخفض كانت الاستفادة أكبر، فالرهان الذي نعقده ليس استقبال أكبر عدد من الأطفال، وإنما أن يستفيدوا من خدمات أكثر.

وهناك تتبع لحالات الأطفال دون سن 18 سنة، والتي انتهت مدة إيوائهم في المركز، وتجرى المتابعة من قبل جناح الرعاية اللاحقة الذي يضم أطر تتابع وضعيتهم داخل أسرهم للمراقبة عن كثب في مدى استثمار ما تلقوه في المركز.

أما عندما يبلغ سن 18 سنة لا يمكن أن نلاحق حالته لأنه يصبح راشدا، ولكن في إطار شخصي لا تنقطع علاقته بالمركز، لأن المدة التي يقضيها داخل المركز كفيلة بأن تنسج علاقات تمتد خارجه.

ما هي طبيعة الأحداث المرتكبة والتي ترد إليكم؟

في السابق كنا نستقبل ما يسمى بالأحداث الجانحين، أي الأطفال الذين ارتكبوا جنح أو جنايات معاقب عليها من قبل القانون الجنائي، وعوض أن يودعوا في السجن، أو في مراكز الإصلاح والتهذيب التابعة لمديرية السجون، يُجرى إرسالهم لمراكز حماية الطفولة ،على اعتبار أن المراكز تدخلها تربوي بالدرجة الأولى وليس تدخلا عقابيا، لكن بعد التعديلات التي عرفها قانون المسطرة الجنائية منذ سنة 2002 إلى الآن، أصبحت المراكز تستقبل نماذجا أخرى مثل الأطفال في وضعية صعبة، وهم الأطفال الذين وجدوا في وضعية معينة تهدد سلامتهم البدنية والعقلية، ولحمايتهم يتم إرسالهم إلى هذه المراكز.

ومع الأسف هناك شح للمراكز الاجتماعية التابعة للدولة، لذلك قرر القضاة أن يجرى استيعاب هؤلاء الأطفال ضمن مراكز حماية الطفولة، وبالتالي نستقبل حاليا أطفال في نزاع مع القانون، وأطفال في وضعية صعبة، وصنف آخر نستقبله كذلك وهم الأطفال ضحايا الجنح والجنايات.

هل المراكز تستقبل الأطفال من كلا الجنسين؟

هناك مراكز تستقبل الإناث، وأخرى تستقبل الذكور، وفي السابق كان هناك 15 مركزا للذكور، وخمسة للإناث، لكن حاليا هناك 15 مركزا يعمل أما الباقي قي حالة إصلاح، ويجرى التفكير حاليا بشكل جدي في إنشاء مراكز من جيل جديد تستجيب والشروط الصحية، كما هناك توجه لإنشاء مراكز جهوية، ففي كل جهة سيحدث مركز جهوي يضم جناحين للذكور والإناث بشكل منفصل، لكن الوضعية الحالية محددة في 10 مراكز للذكور وخمسة للإناث.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *