ثورة الملك والشعب. علاقة وفاء بين المغاربة والعرش العلوي ورفضهم “زعيما من ورق”

يحيي المغاربة في العشرين من غشت من كل سنة ذكرى منعطف حاسما في تاريخ النضال المغربي، بتعلقهم بالملك الراحل محمد الخامس، ورفضهم الزعيم الصوري التابع للسلطات الفرنسية، محمد بنعرفة.

ذكرى عودة الملك الراحل محمد الخامس من منفاه بعد مقاومات وحركات كفاح جسدت الشرعية السياسية والدينية للسلطان، وأكدت تلامح الشعب والعرش وعلى الروابط القوية التي تجمعهم.

قبل 69 سنة، وبالضبط في العشرين من غشت قررت سلطات الحماية تنحية الملك محمد الخامس من منصبه وتنصيب محمد بنعرفة مكانه، وتطويق القصر الملكي بأمر من الحكومة الفرنسية ثم نفيه مع أسرته إلى جزيرة كورسيكا التي نُقل منها لاحقا إلى مدغشقر.

جاء هذا بعد أربعة أيام من مظاهرات حاشدة خرجت فيها إلى الشوارع سكان كل من الدار البيضاء والرباط وسلا ومراكش وفاس ووجدة. أيدوا فيها سلطان المغرب ونندوا بالاستعمار وأعوانه.

وأيضا بعد رفض ملك المغرب آنذاك توقيع الظهائر والمصادقة على قرارات الإقامة العامة، واتخاده موقف مساند لسياسة حزب الاستقلال وتمسكه باستقلال البلاد. وكذلك بعد ضغط فرنسا على السلطان للتنازل على جزء كبير من حقوق المغرب السياسية.

محمد بنعرفة “زعيم” من ورق

رغبة محمد بنعرفة في تبوء الحكم وتعويض ابن عمه، جعلت منه سلطانا صوريا للسلطات الفرنسية التي كانت تفرض نظام الحماية بالمملكة المغربية منذ عام 1912.

قوبل تنصيب محمد بنعرفة برفض من القوى الوطنية والجماهير، وعرفت فترة حكمه القصيرة بتزايد أعمال العنف والمظاهرات الرافضة له والمطالبة بعودة محمد الخامس، وبارتفاع وتيرة عمليات المقاومة والعمليات الفدائية ضد المستعمر بالمدن الكبرى.

محاولة اغتيال

وصل الرفض الشعبي للسلطان الجديد إلى تعرضه لمحاولة اغتيال بعد ثلاثة أسابيع فقط من تنصيبه على العرش، حيث قام علال بن عبد الله يوم 11 سبتمبر 1953 قبل دقائق من صلاة الجمعة، من التوجه صوب موكب السلطان ومحاولة طعنه، إلا أن ضابطا تدخل لإنقاذ بنعرفة في الوقت التي أطلق فيه رجال الشرطة 8 رصاصات على بن عبد الله.

كل هذا الضغط الشعبي على السلطات الاستعمارية وارتفاع وتيرة العنف بالبلاد أدت إلى جلوس المغرب وفرنسا على طاولة واحدة بمؤتمر “إيكس ليبان” الذي تقرر فيه في 23 غشت من عام 1955 إقالة بن عرفة وإقامة مجلس وصاية ثم تشكيل حكومة مغربية تمثيلية لمختلف الاتجاهات.

عيش بفرنسا

واتجه محمد بنعرفة إلى طنجة التي كانت وقتها دولية عقب تنحيته في أكتوبر من عام 1955، وانتقل للعيش بفرنسا بعد انضمام طنجة إلى المغرب، وظل هناك إلى حتى وفاته في 17 يوليو من عام 1976، بسبب منعه من العودة إلى المغرب.

ومن شدة تعلق المغاربة وقتها بسلطانهم ورغبتهم في عودته إلى الوطن والعرش، أكد ومازل يؤكد العديد منهم الذين عاصروا عهد الحماية وحركات المطالبة بالإستقلال، رؤية وجهه في القمر.

وبعد نفي دام من 20 أغسطس 1953 إلى 16 نوفمبر 1955، رضخت السلطات الفرنسية إلى مطالب الشعب المغربي في السادس عشر من نونبر من عام 1955، وتحققت مطالبهم بعودة محمد الخامس إلى أرض الوطن كملك يواصل إلى جانب شعبه مسيرة الاستقلال واسترجاع أجزاء من البلاد لتحقيق الوحدة الترابية، ليشكل هذا التاريخ بداية تحول في مسيرة المغرب نحو الاستقلال.

 

عفاف فحشوش _ بلادنا24

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *