“التريبورتور” .. الراكبون من الحياة وجهتهم الموت و “كابوس” مدونة السير

بلادنا 24- صفاء بورزيق-

على غرار “التوك توك” في مصر، و”الركشة” في السودان، شهدت المدن المغربية في الآونة الأخيرة غزو دراجات ثلاثية العجلات، المعروفة من قبل المغاربة بـ “التريبورتور”، والتي يتم استغلالها لصالح الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمعوزة ومحدودي الدخل في الأحياء الشعبية، لتتحول من وسيلة لنقل البضائع والسلع إلى وسيلة لنقل البشر، رغم أنها غير آمنة وتشكل خطرا كبيرا على ركابها.
وارتفع عدد دراجات “التريبورتور” في شوارع العاصمة الاقتصادية،بشكل مهول، وذلك منذ أن بدأ دخولها إلى المغرب سنة 2006، بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال برنامج التشغيل الذاتي لفائدة الشباب الباحث عن فرص العمل، إذ وزعت السلطات عددا كبيرا من الدراجات ثلاثية العجلات على العاطلين من أجل استعمالها في بعض النشاطات المدرة للدخل، إلى أن تتحول هذه الدراجات بشكل تدريجي من نقل البضائع إلى نقل البشر، وذلك بمقابل مادي يصل أحيانا إلى 5 دراهم للشخص الواحد.
وقال نبيل، أحد سائقي “التريبورتور”، إنه لا يتوفر على شهادة دراسية أو ديبلوم يخول له الولوج إلى سوق الشغل، لذلك اضطر لشراء “التريبورتور” ، يتجه به صوب الأسواق الكبرى لبيع الخضر والفواكه، وأحيانا يقف أمام الأحياء الصناعية و “يخطف البلايص” على حد تعبيره.

الانتظار يثير قلق البيضاويين

حالة القلق والتذمر يعيشها البيضاويين كل يوم مع وسائل النقل، إذ يجدون صعوبة كبيرة في استعمالها، بسبب الازدحام الشديد في طوابير الانتظار، خصوصاً خلال فترتي الصباح والمساء المتزامنين مع بداية ونهاية نشاطهم العملي.
مريم تشتغل بأحد الأحياء الصناعية، تقول:” أعاني بشدة مع وسائل النقل، من سوء المعاملة والاكتظاظ والفوضى، لذلك اضطر لأخد “التريبورتور”، فرغم خطورته يبقى الوسيلة الأسرع في بعض الأحيان من الحافلات وسيارات الأجرة، وأيضا ثمنها مناسبا للطبقة الفقيرة مثلنا”.
ومن جهتهم، يرى سائقو سيارات الأجرة أن هذه الدراجات ثلاثية العجلات، تزاحمهم في مورد رزقهم، بحكم غلاء المعيشة في المجتمع المغربي.
ويوجهون اللوم للسلطات التي تتساهل في بعض الأحيان مع سائقيها لاعتبارات اجتماعية، كما أنها تشكل خطراً على السائقين في الطريق، مايزيد من ارتفاع حوادث السير.

حوادث سير بالجملة و سرقة في الأحياء الشعبية

يتسبب بعض سائقي “التريبورتور”، في الحوادث الطرقية داخل المدار الحضري، إلى جانب عرقلة كبيرة لحركة السير والجولان خصوصاً في أوقات الذروة، وتصنف هذه الوسيلة في خانة الوسائل الأكثر تهديداً للسلامة الجسدية لمستعملي الطريق، حيث أودت بحياة الكثير من الضحايا.
ويستحضر سكان حي سيدي معروف “الكابوس ” اليومي “للتريبورتورات”، وهو يسير في الطرقات، يتمايل يمينا وشمالا ، يشعرون في أي لحظة أنه سينقلب، واعتبروه “وجهة للموت”.
فيما اعتبره آخرون أنه وسيلة لممارسة المجرمين أنشطتهم الإجرامية وسط الأحياء الشعبية، حيث يستعملون أساليب في السياقة من الصعب مطاردتهم.

التريبورتور..جحيم يقف على حافة مدونة السير

وأكد بلاغ للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية NARSA، أن سياقة الدراجات ثلاثية العجلات بدون رخصة السياقة، يعتبر جنحة يعاقب عليها القانون رقم 53.05، المتعلق بمدونة السير على الطريق.
واهتدت إلى منع تأمين هذه الدراجات إذا كان سائقوها لا يتوفرون على رخصة السياقة من صنف B.
وحسب البلاغ ذاته، فإن العدد الإجمالي لهذا النوع من الدراجات المسجلة يتجاوز 91 ألف و 300وحدة، مشيراً إلى أن الحالات التي تهم عدم توفر السائق على رخصة السياقة اللازمة هي حالات معزولة.
وتنص المادة 148 من القانون 52.05 على أنه يعاقب بغرامة من ألف إلى أربعة آلاف درهم كل شخص يسوق مركبة تتطلب سياقتها الحصول على رخصة سياقة دون أن يكون حاصلاً عليها بالإضافة إلى الحرمان من الحصول على الرخصة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر.

إجراءات قبلت بالرفض 

ورغم كل هذه الإجراءات، فالعديد من السائقين الذين يفتقدون لرخصة السياقة، اعتبروا أن هذا القانون يعد تضييقاً على نشاطهم وتحركاتهم، بسبب مصاريف رخصة السياقة التي بموجبها يصبحون عاطلين على العمل، ويدخلون في براثن البطالة.

وفي هذا الصدد أكد أحمد أحد سائقي “التريبورتور ” ، أنه غير راض على هذا القرار بحكم عدم قدرته على اجتياز امتحان رخصة السياقة، بسبب الأمية التي اعتبرها عاملاً أساسياً لعدم رضاه.
ولم يكن أحمد وحده من يُعاني من تبعيات هذا القرار، فالعديد من السائقين رفضوا التوفر على هذه الرخصة ، رغم أنه قرار فيه مصلحة للجميع، خصوصاً أن هذه الوسيلة التي كانت تعمل في البداية على نقل البضائع، أصبحت جزءاً لا يتجزأ من منظومة النقل في مدينة الدار البيضاء.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *