“بغينا الخدمة”.. توقف نشاط التهريب يدفع شباب جهة الشرق لركوب “قوارب الموت”

بلادنا 24: كمال لمريني

“بغينا الخدمة، رانا طايبين، وبني أدرار قتلوها”، بهذه العبارات نطق عدد من شباب جماعة بني أدرار الواقعة بالنفوذ الترابي لعمالة وجدة أنجاد، التي كانت إلى حدود الأمس القريب تشتهر بتصريفها لأكبر كمية من الوقود المهرب من القطر الجزائري، غير أنه بعد أن توقفت أنشطة التهريب، أصبحوا يفكرون في ركوب “قوارب الموت” والهجرة صوب “الفردوس المفقود”.

يحي وميمون وآخرون، كانوا يشتغلون في مجال تهريب الوقود عبر الشريط الحدودي المغربي –الجزائري، وهو ما كان يوفر لهم دخلاً يومياً، لكن بعد توقف أنشطة التهريب أصبح شغلهم الشاغل البحث عن أية وسيلة تُمكّنهم من ملامسة “الحلم الأوروبي”، أمام غياب فرص الشغل وتفشّي ظاهرة البطالة.

ويقول يحي (32 عاماً)، وهو يحكي عن حجم المعاناة التي يعشيها، “بني أدرار تحوّلت إلى مدينة أشباح، إذ أنه بالرغم من شساعتها وموقعها الجغرافي والإستراتيجي، إلا أن التنمية توقفت بها، وهو الأمر الذي يفرض على شبابها ركوب “قوارب الموت” والهروب صوب “الفردوس الأوروبي”.

“ما بقا ما يدار ف بني أدرار، مكاين لا تنمية ولا خدمة، الدعوة راها ماجة”، بلغة منفعلة يتحدّث يحيى الذي كان يمتهن التهريب المعيشي، قبل أن يضيف:”التهريب بالرغم من أنه قطاع غير مهيكل، إلاّ أنه كان يوفر مناصبَ شغل كبيرة للعاطلين عن العمل، لكن أمام تشديد الخناق على هذا النشاط، أصبح الشباب يعانون ويفكرون في مغادرة المدينة، والهجرة لديهم هي أقرب الحلول”.

وبمضاضة يستطرد: “رغم الحديث الكبير عن دعم المشاريع وتقديم الدعم، إلاّ أن شباب بني أدرار لم يستفيدوا من هذه المشاريع بالرغم من أنهم محسوبون على المناطق الحدودية، التي كانت تتخذ من التهريب المعيشي وسيلة لكسب قوت العيش”، دون أن يكشف إن كان قد تقدّم  بطلب لدى داعمي المشاريع أو أنجز مشروعاً متكاملاً يُطابق الشروط المطلوبة.

جماعة بني أدرار التي تركن في هامش الهامش، والمُحاذية للشريط الحدودي المغربي –الجزائري، كانت عاصمة للتهريب، إذ أن غالبية شبابها انخرطوا في هذا النشاط، لكن أمر إغلاق الحدود وتوقف نشاط التهريب، إنعكس عليهم سلباً، ودفعهم إلى الدخول في عطالة إجبارية.

وليس شباب بلدة بني أدرار من يفكرون في الهجرة فحسب، بل شباب إقليمي الناظور والدريوش، بدورهم يتحينون الفرصة لملامسة “الحلم الأوروبي”، بحكم ان المنطقة تعرف تواجد عدد كبير من أبنائها بديار المهجر، بالإضافة إلى أن الإقليمين يطلان على الواجهة المتوسطية، وهو ما يذكي فيهم حماس الهجرة ويدفعهم إلى المجازفة بحياتهم.

ويحكي محمد (35 عاما) والمعروف ب”حميتو”، أنه كان يتخذ من التهريب سواءً عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري أو المعابر الحدودية الوهمية لـ”باب مليلية” المحتلة، وسيلة لكسب الرزق وإعالته أفراد أسرته غير أنه بعد إغلاق “فرونتيرا” أصبح يعيش المعاناة.

ويقول “جماعة فرخانة أصبحت خاوية على عروشها إزاء إغلاق معابر التهريب، حيث حتّم هذا الوضع على عدد كبير من الشباب إلى الهجرة إلى أوروبا سواء عن طريق البحر أو قفز الحواجز الحديدية لمليلية عبر معبر “ماريواري”، حيث يتم نقل الأشخاص الذين نجحوا في الدخول إلى مليلية إلى إسبانيا بعد قضائهم مدة تزيد عن 3 أشهر بمركز إيواء المهاجرين”.

ويضيف محمد: “دابا ولات صعيبة الدعوة وراها مزيرا، حيتاش الكوحل رونوا الدعوة ..والمخزن هنا بزاف”، ليتابع قائلاً:”الهجرة إلى أوروبا أصبحت حلمَ كل عاطل عن العمل بالمغرب، إذ الكل يتوق إلى بناء مستقبلهم وضمان حياة كريمة لهم، وتغيير أحوالهم بعد أن تدهورت الأوضاع بجهة الشرق”.

وتُعتبر إشكالية التشغيل بجهة الشرق متعددة الأبعاد، إذ لا يمكن إلقاء اللوم عل مسألة وضع الحدود المغلقة لوحدها رغم الارتباط التاريخي بالمسألة الاقتصادية بالحدود في المنطقة رغم وجود مشترك بين الضفتين، لاسيما وأن إعادة فتح الحدود المغلقة من طرف الجزائر أو إسبانيا بالصيغة التقليدية لا تساهم في بنية اقتصادية للدولة ،بل فقط في إيجاد حالة معيشية لأفراد بعينهم بعيداً عن اقتصاد مهيكل وحقيقي، وهذا يفسر الارتباط الذهني لسكان المنطقة بمسألة الاقتصاد الحدودي.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *