هل ستعيد الجزائر سفيرها إلى المغرب وتدعم مبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء؟

بدأت السلطات الجزائرية تراجع سياستها الخارجية، من خلال قيامها بالإعلان عن عودة السفير الجزائري إلى مدريد، رغم تشبث المملكة الإيبيرية بموقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وواقعي لحل ملف نزاع الصحراء المغربية، وهو ما يرى فيه متهمون بأن الجزائر أصبحت مقتنعة أشد الاقتناع بانتصار المغرب لوحدته الترابية، إذ هناك توقعات تشير إلى أن الجزائر ستقوم بإنهاء أزمتها الدبلوماسية مع المغرب، وتعمل على تعيين سفيرا لها بالمغرب، وتتجاوز حالة الخلاف القائمة بينها وبين بلدها الجار الذي تجمع بين شعبيهما روابط الأخوة والمصاهرة والعقيدة المشتركة والقرابة والدم.

فعودة العلاقات المغربية الجزائرية إلى دائرة الضوء مسألة فقط، وتحتاج إلى تدابير وإجراءات من قبل سلطات قبل المرادية، وفي حال الإعلان عن عودة العلاقات بين البلدين يبقى السؤال المطروح هو، هل ستدعم الجزائر مبادرة الحكم الذاتي وتقف إلى جانب المغرب لاستكمال وحدته الترابية؟ وهل ستكسر الحواجز الحديدية الصدئة التي تنال منها الزمان، وتعمل الجزائر على فتح الحدود البرية المغلقة منذ سنة 1994؟ وهل ستوافق المؤسسة العسكرية الجزائرية على هذا الحل السياسي، أو النظام العسكري سيقف في وجه أي تقارب سياسي مغربي جزائري؟.. هذه الأسئلة يجيب عنها باحثون مغاربة وجزائريون.

المغرب والجزائر.. والسياق المختلف

المعارض الجزائري، وليد كبير، يرى أنه من المستبعد أن تقدم السلطات الجزائرية على إعادة سفيرها إلى المغرب في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن العلاقات الجزائرية الإسبانية تختلف عن نظيرتها المغربية، حيث أن الجزائر لم تقم بقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسبانيا، مثلما يشاع عند بعض من وصفهم بـ”الأبواق” التابعة للنظام الحاكم في الجزائر.

وأضاف السياسي الجزائري، في تصريحه لـ”بلادنا24“، أن العلاقات بين المغرب والجزائر قطعت من طرف النظام الجزائري يوم 24 غشت 2021، “واليوم هناك جهات داخل نظام الحكم في الجزائر اقتنعت بضرورة تخفيض التوتر مع المغرب، لما سبب للجزائر من مشاكل وأضرار على مستوى علاقتها مع دول العالم، خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي، وبعض الدول الأوروبية، وحتى علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أصرت مؤخرا على ضرورة قبول الحل الواقعي بخصوص ملف الصحراء المغربية”.

عودة مرتقبة

وتابع كبير، أنه “من الممكن جدا خلال الفترة المقبل ما بين 2024 و2029، أي خلال الفترة الرئاسية المقبلة، سواء مع الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يطمح إلى عودة ثانية، أو شخص آخر قد يصل إلى الحكم، وينال إجماع المؤسسة العسكرية، أن ينخفض التوتر، لكن الأمر سيكون مقرون بالأساس بذهاب سعيد شنقريحة، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي يشرف شخصيا على الإبقاء على التصعيد مع المغرب، لأن النظام يرى في أن الصراع من المغرب هو مسألة وجودية”.

ومضى المعارض الجزائري قوله: “قد نشهد فترة العودة الثانية للرئيس الراحل الشادل بن جديد، الذي كان قد تخلص من بعض رموز الهواري بومدين، وبدأ يتقرب من المغرب، وأفضت إلى عودة العلاقات المغربية الجزائرية خلال سنة 1988 بعد تدخل بوساطة سعودية، وهو ما أعاد فتح الحدود البرية آنذاك”.

واسترسل في حديثه، “يجب أن نبقى متفائلين بخصوص مستقبل العلاقات، فالإقدام على خطوة مثل خطوة إرجاع السفير الجزائري إلى إسبانيا، لا أعتقد أنها ستتم في هذه الفترة المقبلة، لكن رجوع سفير الجزائر إلى مدريد، هو مؤشر على خشية أن تتسع دائرة الضغط داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، خصوصا وأن الجزائر بدأت ترى في خطوات هامة لبعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي الداعمة لخطة الحكم الذاتي، كحل سياسي مقترح من طرف المغرب لحل ملف الصحراء المغربية”.

عزلة دبلوماسية

ومن جانبه، قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن إعلان السلطات الجزائرية عن عزمها تعيين سفير لها في إسبانيا، “فهذا سياقه يختلف عن تعيين سفير بالمملكة المغربية ، وحتى أن هذا السياق الحالي لتعيين الجزائر لسفير لها بمملكة إسبانيا، هو يعكس الأزمة الحقيقة التي تعانيها الدبلوماسية الجزائرية، خاصة من جانب عزلتها على مستوى الدور الذي تلعبه إسبانيا في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وحتى كذلك في العلاقات في البحر المتوسط وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا”.

وأوضح المحلل السياسي في تصريحه لـ”بلادنا24“، أن هذا الإعلان يعكس بأن “الواقعية هي التي تفرض نفسها وبأن القرارات التي تكون إيحاءاتها لا تسند إلى معطيات واقعية، فإنها لا تستطيع أن تصمد لمدة”.

عودة دبلوماسية غير واردة

وأكد أستاذ العلوم السياسية، على أنه “بالنسبة للحالة المغربية في الوقت الراهن، فهي مسألة غير واردة، بالنظر إلى مجموعة من الاعتبارات، لأن حتى التقرير للأمين العام للأمم المتحدة، فهو يشير بالمرموز إلى أن العلاقات المغربية الجزائرية هي علاقات متوترة”.

ولفت إلى أن “هذا التوتر لا يساعد في التخفيض من حدة التوتر على المنقطة، وإن استجابة الجزائر لمجموعة من المبادرات، سواء التي كان تقدم بها الملك محمد السادس، من خلال الدعوة إلى طي خلافات الماضي، أو من خلال مساعي حميدة قامت بها مجموعة من الدول”، قبل أن ينهي حديثه، بالقول: “لا أتصور، ولا أعتقد في الوقت الحالي، أنه يمكن للجزائر أن تقوم بخطوة كما أقدمت عليها مع مملكة إسبانيا”.

وكان الملك محمد السادس، قد وجه في خطاب العرش الأخير، دعوة للجزائر من أجل فتح الحدود البرية المغربية الجزائرية، معربا عن أمله في “عودة الأمور إلى طبيعتها” بين البلدين، و”إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. علاش كتمشيو بعيد فتحاليل ديالكم. إرجاع السفير إلى مدريد راجع إلى الحالة الاقتصادية في الجزائر. الأسواق فارغة من المواد الأساسية و اسبانيا كانت موردها الأساسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *