تحديات اقتصادية ترافق الأسر خلال شهر رمضان.. وخبير يقترح الحلول

استقبلت الأسر المغربية، شهر رمضان، وسط ضغوط تضخمية أثقلت كاهلها، وهو ما جعلها تواجه مجموعة من التحديات لتأمين احتياجاتها اليومية، في ظل عدم استقرار أثمنة الخضر والفواكه والمواد الأساسية، الأمر الذي جعل مستوى الثقة لديها يتدهور، مما أصبح يتطلب تدابير وإجراءات لمواجهة التحديات التي باتت تحدق بالاقتصاد الوطني.

هذا الوضع، يفتح الباب لطرح أكثر من علامة استفهام، من قبيل، ماهي التحديات الاقتصادية التي ترافق شهر رمضان في المغرب؟ وماهي أسباب تراجع القدرة الشرائية لدى الأسر؟ وهل ارتفاع أسعار مختلف المواد كان سببا في ذلك؟ وما هي التدابير التي يمكن اتخاذها لمواجهة هذه التحديات؟.

تحديات اقتصادية

وفي هذا الصدد، قال عبد الرزاق الهيري، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن الاقتصاد الوطني يواجه ثلاثة تحديات، “الأول، يتعلق بتحقيق استقرار المستوى العام للأسعار، فيما الثاني مرتبط  بالتحكم في نسبة التضخم التي عرفت انخفاضا كبيرا خلال الشهرين الأولين من سنة 2024، مقارنة بنفس الشهور لسنة 2023، حسب تقديرات بنك المغرب التي صدرت مؤخرا، وكذلك الإحصائيات التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط”.

وأضاف الهيري، في تصريح لـ”بلادنا24“، أنه “من المنتظر أن ننهي هذه السنة بمستوى تضخم حوالي 2.2 في المائة، بعدما سجل الاقتصاد الوطني 6.1 في المائة خلال سنة 2023، بينما رفع تحدي التحكم في المستوى العام للأسعار، مرتبط بعوامل داخلية، وعوامل خارجية”.

وأوضح أن “العوامل الداخلية، مرتبطة كذلك بمستوى التساقطات المطرية، وآثارها على أثمنة المواد الغذائية، بينما العوامل الخارجية، مرتبطة بالمحيط الاقتصادي الدولي، الذي يتأثر كثيرا بالأزمات السياسية بالحروب، كما وقع خلال الشهور الماضية”. مشيرا إلى أن “التحدي الثاني مرتبط بمستوى البطالة، حيث عرفت سنة 2023، ارتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة، إذ وصلت إلى 13 في المائة”.

ارتفاع نسبة البطالة

وأكد المحلل الاقتصادي، على أن “مستوى البطالة مرتفع، وهو رقم لم يسجله المغرب منذ عدة سنوات، كون البطالة لها آثار اجتماعية سلبية، لا من ناحية عدم الحصول على الدخل، ولا من الناحية النفسية وعدم الثقة في المستقبل بالنسبة للأسر”.

وأبرز أن “السلطات العمومية، مطالبة ببذل المزيد من الجهود، من أجل تسجيل انخفاض لمؤشر نسبة البطالة خلال سنة 2024”. قبل أن يضيف، أن “التحدي الثالث، هو تحقيق نسبة نمو معقولة، تمكن من الرفع من الدخل الفردي، وتمكن من خلق جو تفاؤلي بالنسبة للأسر المتعلق بالسنوات المقبلة”.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن “إحصائيات بنك المغرب التي صدرت مؤخرا خلال انعقاد مجلس البنك، أشارت إلى أن نسبة النمو لن تتجاوز 2.1 في المائة، على أن ترتفع في السنة التي تليها”.

شهر رمضان ونفقات الأسر

وقال عبد الرزاق الهيري، إن شهر رمضان عرف ارتفاعا ملحوظا في نفقات الأسر المتعلقة بالاستهلاك، “وهذا الارتفاع مرتبط بعادات وتقاليد الأسر المغربية، المرتبطة بالوجبات التي يجب تحضيرها في هذا الشهر المبارك”.

وتابع الخبير الاقتصادي، “جاء شهر رمضان في ظرفية اقتصادية، وفي ظل موجات تضخمية عرفتها سنة 2023، ولكن هذا التضخم في الطريق الى الانخفاض، إذ ترك آثرا سلبيا على المؤشرات الماكرو اقتصادية بالخصوص على مستوى  الادخار”.

وأشار إلى أنه، جاء في سياق يعرف تدهورا لمؤشر ثقة الأسر الذي تصدره المندوبية السامية للتخطيط، “وهو المؤشر الذي تصدره منذ سنة 2008، وهذه السنة تسجل أدنى مستوى لمؤشر ثقة الأسر، وهو مؤشر يعكس إحساسا بتدهور مستوى المعيشة، ويعكس كذلك الظرفية غير الملائمة لاقتناء السلع المستديمة، ويعكس التصور غير المتفائل للوضعية المالية للأسر، ويعكس التشاؤم فيما يتعلق بالقدرة على الادخار، وبالتالي فهذا الشهر يتزامن مع هذه العوامل”.

وأوضح الأستاذ الجامعي، أن عملية الاستهلاك، “تأتي قبل بدء شهر رمضان، لتحضير الوجبات التي اعتادت الأسر أن تحضرها، وهاته الوجبات مرتبطة بمواد أثمنتها تبقى في الغالب مرتفعة”.

ولفت إلى أن هذا الاستهلاك، “يرتفع خلال شهر رمضان، ويرتفع خلال نهاية الشهر، نظرا لرغبة الأسر في اقتناء ملابس الأطفال لاستقبال عيد الفطر المبارك. وبالتالي فارتفاع الاستهلاك، سيؤثر بطريقة سلبية على الادخار”. مردفا: “نلاحظ أن مجموعة من الأسر تلجأ الى الاقتراض، سواء الاقتراض اللامؤسساتي، أو الاقتراض من مؤسسات الائتمان المختلفة”.

وأكد الخبير الاقتصادي، على أن “هذا الارتفاع، له آثار إيجابي على الدورة الاقتصادية، كون ارتفاع الاستهلاك، يمكن التجارة من تحقيق رقمنة ومعاملات مرتفعة، ويمكن الدولة من تحصيل الضرائب اللازمة لتمويل النفقات العمومية”.

إجراءات لمواجهة التحديات

وذكر الهيري، أنه من أجل مواجهة هذه التحديات، “هناك عدة إجراءات، فبالنسبة لمواصلة التحكم في نسبة التضخم، قرر بنك المغرب مواصلة تطبيق سعر الفائدة الرئيسي لـ3 في المائة، من أجل التحكم في الطلب ونسبة التضخم، غير أن هذا الاجراء، أدى إلى ارتفاع متوسط معدل الفائدة المطبقة على القروض، وهو ما أدى الى ارتفاع المتوسط من 4.5 في المائة سنة 2022، إلى أكثر من 5.3 في المائة حاليا، حسب الإحصائيات التي أصدرها بنك المغرب”.

وأشار إلى أن “مواصلة التحكم، تقتضي مواصلة دعم المكتب الوطني للكهرباء والماء، من أجل التحكم في فاتورة الكهرباء التي تدفعها الأسر، وكذلك مواصلة دعم مهنيي النقل، من أجل تحقيق الاستقرار في أثمنة الخدمات المرتبطة بالنقل، ودعم المواد الأساسية، كالسكر، والدقيق المدعم، علما بأن قنينة الغاز سوف تعرف انخفاضا في الدعم، نظرا لتطبيق زيادة 10 دراهم ابتداء من أبريل 2024”.

وأضاف أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن “رفع الدعم التدريجي عن سعر قنينة الغاز، سيؤثر سلبا على أثمنة مجموعة من السلع والخدمات ذات الاستعمال الواسع لدى الأسر المغربية”. في حين، أوضح أنه “من بين التدابير، كذلك، أجل للرفع من نسبة النمو، يجب أن تتخذ السلطات العمومية، تدابير صارمة من أجل تشجيع الاستثمار الذي يعاني من عدة إكراهات مرتبطة بالمحيط الاقتصادي، لا الداخلي، ولا الدولي، وإجراء إصلاحات مؤسساتية للدفع بالعملية الاستثمارية نحو الأمام، وهذا الموضوع كان قد أشار إليه والي بنك المغرب في عدة مناسبات”، وفق قوله.

وخلص الخبير الاقتصادي، إلى أن التحدي الثالث المرتبط بالبطالة، “لا يمكن أن يتراجع دون دعم حقيقي للعملية الاستثمارية، ودون تحقيق مستوى معقول للنمو الاقتصادي دون التحكم في التضخم، ومستوى البطالة مرتبط بمستوى الاقتصاد الوطني من أجل خلق مناصب شغل. وهذا لن يتأتى إلا عن طريق دعم القطاع الخاص، ودعم الاقتصاد الاجتماعي، الذي أشار إليه النموذج التنموي، دون نسيان الدور المحوري للاستثمار العمومي من أجل خلق مناصب شغل بطريقة غير مباشرة، في إطار الطلبيات العمومية”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *