هل يمكن أن تكون سنة 2024 بداية عودة العلاقات المغربية الفرنسية إلى مسارها؟

بعد التوترات العديدة التي شهدتها العلاقات المغربية الفرنسية، خلال السنة الفارطة، والسنة التي قبلها. وبعد تعيين المغرب سفيرا جديدا له بباريس، بعدما ظل المنصب شاغرا لعدة أشهر، يبدو أن العلاقات بين الرباط وباريس تشرف على العودة لمسارها الطبيعي.

علاقات جمعت بين البلدين لعقود من الزمن، لطالما تميزت بنوع من الاستقرار والانسجام، والتعاون بين الجانبين على المستوى الاقتصادي، لاسيما على مستوى التبادل التجاري والاستثمارات، حيث أن فرنسا كانت الزبون والممون الأول للرباط، فاستثماراتها كانت تحتل الصدارة في مجمل الاستثمارات الأجنبية بالمغرب.

أزمات بجذور قديمة

وفي هذا الصدد، سلط عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، الضوء على سلسلة الخلافات والتشنجات التي عرفتها العلاقات المغربية الفرنسية، منذ بداية القرن الحالي، وأواخر القرن الماضي.

وقال صبري في تصريح لـ’’بلادنا24’’، إن ’’نوعا من البرود الديبلوماسي أصاب العلاقة بين البلدين، منذ التحقيق في قضية المهدي بن بركة’’، مؤكدا أن ’’باريس معروف عليها ممارس الابتزاز والمساومة في السراء والضراء’’.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية، إلى تعليق المغرب سنة 2014، لاتفاقية التعاون القضائي، بشكل كامل مع فرنسا، مباشرة بعد توظيف باريس ’’ملف المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف حموشي، كمظلة للمساومة، غير أن رد المغرب كان جد قوي’’.

وأضاف المتحدث، أن ’’سنة 2015، ستظهر لفرنسا أنه لابد من التعامل مع المغرب من جديد، خاصة في القضايا المتعلقة بالإرهاب. أما سنة 2020 التي اعترفت فيها الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، فهي السنة التي أصيبت فيها باريس بهلع من قرار أمريكا الذي أكد على مغربية الصحراء’’. وأضاف أن ’’فرنسا سنة 2021، اصطنعت أزمة التأشيرات، معتبرة أنها ستصل بها أو من خلالها، إلى وضع قدم لها في المغرب، أو تبين على أنها قادرة على بعثرة الأوراق’’.

وفي نفس السنة، يقول صبري، ’’قامت باريس بافتعال قضية تجسس المغرب، وتصنته على هاتف الرئيس الفرنسي، دون تقديم أي دليل على ذلك’’.

أما سنة 2022، فاعتبر أستاذ العلاقات الدولية، أن ’’باريس ومن خلال توظيفها البرلمان الفرنسي، فيما يتعلق بحرية الصحافة، أكدت على أنها تلعب على وثر إبقاء العلاقات بين المغرب والجزائر، كما هي”، معتبرة أنه “إذا تحسنت، سيربك ذلك تحركاتها الخارجية، وبالتالي ستصبح محدودة، فمن مصلحتها أن توظف سياسة فرق تسود، وهي معادلة تضمن التنافس المغربي الجزائري على فرنسا، حسب ما تعتقده الاخيرة’’.

باريس لم تستطع إقامة علاقات مغاربية

منذ بداية القرن الحالي، يقول صبري، ’’تبين أن باريس لم تستطع تكوين علاقات وطيدة في المحيط المغاربي، خاصة مع المملكة والجزائر’’، معتبرا أن ’’المصلحة الأساسية لفرنسا، هي أن يبقى المغرب بلدا مستقرا في محيط مضطرب ’’.

ويؤكد المتحدث ذاته، أن ’’المغرب أدرك محيطه جيدا، بنجاحاته وإخفاقاته، متيقنا تماما أن فرنسا باتت المستفيد الأول من النزاعات المغربية الجزائرية، كما أنها أصبحت متؤكدة من كونها الخاسر الأكبر إذا تحسنت أو تطورت العلاقات في المحيط المغاربي’’، مضيف:ا ’’منذ بداية شهر يناير من العام الماضي، والسفارة المغربية بفرنسا فارغة، لما يزد عن عشرة أشهر، وكانت الرسالة  المغربية واضحة لفرنسا، فالدولة المغربية عرفت كيف تتعامل مع هذا الأمر، كما أنه تم طرح  مجموعة من التساؤلات في السنة الماضية، خاصة حينما جن جنون فرنسا، واعتبرت أن عدم قبول المغرب للمساعادت الفرنسية خلال زلزال الحوز، جعلها تتأكد من أن المغرب نوع شركائه’’.

2024.. أمل جديد في العلاقات المغربية الفرنسية

يعد تعيين سميرة سيطايل، سفيرة للمغرب في باريس، اعتبر مؤشر على إمكانية عودة العلاقات المغربية الفرنسية إلى سكتها الصحيحة.

عبد النبي صبري، يرى أن العلاقات الاقتصادية والانسانية والثقافية أيضا، ’’متجذرة منذ زمان طويل بين باريس والرباط”، مشيرا إلى تواجد أزيد من 45 ألف طالب وطالبة مغربية يدرسون في فرنسا، وأيضا مؤسسات فرنسية مفتوحة في المغرب وتستقبل عددا كبيرا من الطلاب.

وطرح أستاذ العلاقات الدولية فرضيتين أساسيتن في مسار العلاقات المغربية الفرنسية، الأولى هي ’’إبقاء العلاقات على ما هي عليه، طالما أن فرنسا لم تعلن بشكل واضح، وتعترف بسيادة المغرب على ترابه، وقضية الصحراء هي قضية محورية على هذا الأساس’’.

وأبرز أن ’’سنة 2020، اعترفت أمريكا، ومجموعة من الدول الأوروبية بمغربية الصحراء، كما أكد الخطاب الملكي لثورة الملك والشعب سنة 2022، على أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات’’.

وأكد المتحدث، على أن ’’فرنسا تريد أن تحافظ على علاقاتها مع الجزائر، ما يدفعها إلى عدم الاعتراف بشكل واضح بمغربية الصحراء، من أجل الاستفادة من علاقتها بها’’.

وسجل صبري، أن الاحتمال الثاني، متمثل في ’’عودة المياه إلى مجاريها ين البلدين’’، مضيفا: “إذا عادت فرنسا، وأرادت أن تكون المنافع لها والخسائر لنا، فالمغرب مستعد لكافة الاحتمالات والخيارات، ولا يمكن أن تتعامل فرنسا بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع الجزائر، ولا يمككنا أن نقارن بين دولة لم تستطع أن تقنع فرنسا حتى على تسليمها سيف الأمير عبد القادر، ودولة قادرة على تجاوز كل الأزمات لوحدها، والوقوف في وجه كل من لم يحترمها’’، على عد تعبيره.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *