وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ”بلادنا 24″: المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية

أدى الزحف الإسمنتي إلى هدم جميع القاعات السينمائية بمدينة وجدة، حيث تحولت معظمها إلى عمارات سكنية، وأخرى مغلقة تنتظر قرارات لهدمها، الأمر الذي جعل سكان مدينة الألفية والمهتمون بالثقافة والسينما يشعرون بالغربة والتمزق الجماعي في العلاقة مع الفن والثقافة.

ويحكي المهتمون بالشأن الثقافي، عن أن مدينة وجدة كانت تتوفر على عدد من القاعات السينمائية، والتي لم تكن تتوفر في غيرها من المدن المغربية، إذ تم بناؤها في بداية الثلاثينات حتى نهاية الثمانينات، بل كانت إحدى بلداتها تفتخر باحتضانها لأول قاعة سينمائية، والتي شيدت في الثلاثينيات من القرن الماضي، أثناء فترة الاستعمار الفرنسي، وكانت تسمى “باريس الصغيرة” (Le Petit Paris) وأغلقت أبوابها في بداية السبعينات.

وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ"بلادنا 24": المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية
وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ”بلادنا 24″: المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية

وفي هذا الصدد، قال فريد بوجيدة أستاذ السوسيولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، والباحث في سوسيولوجيا السينما والصورة في تصريحه لـ”بلادنا24″، إن معظم القاعات السينمائية تأسست في عهد الاستعمار الفرنسي، وكانت جزء من المرافق التي شيدها المستعمِر في المغرب، والتي كان دورها كما هو معروف مرتبطا في البداية بالتسلية ثم لأهداف أخرى.

وأردف فريد بوجيدة قائلا:”هكذا شيّدت الإدارة الإستعمارية القاعات السينمائية وهي بنايات ذات معمار جميل والتي احتضنت في حينه مجموعة من العروض السينمائية إلى جانب بعض الأنشطة الترفيهية”.

وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ"بلادنا 24": المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية
وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ”بلادنا 24″: المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية

وأشار إلى أن مدينة وجدة، وغيرها من المدن المغربية، كانت تضم عدة قاعات سينمائية شُيد بعضها في الثلاثينات من القرن الماضي مثل سينما “المغرب” (ريكس سابقا) وسينما كوليزي وسينما باريس التي كانت تسمى “ريالطو”، ليضيف، “افتتحت بعض القاعات أبوابها بعد هذا التاريخ كسينما “الفوكس” في بداية الأربعينيات والمعراج في بداية الخمسينيات والنصر في بداية الستينيات وسينما الفتح بعدها وسينما الملكي، وكانت آخر قاعة هي سينما الريف التي فتحت سنة 1985 وبصمت بالتالي على نهاية مرحلة بعد إغلاقها بسنة تقريبا”.

ولفت الباحث في سوسيولوجيا السينما والصورة، إلى أنه يمكن للوجديين أن يتذكروا شبابهم من خلال هذه القاعات، لأنها كانت تتمركز بوسط المدينة، وكانت شاهدة على الزمن الجميل لاحتضانها الأفلام التي طبعت تاريخهم من أفلام الحركة وأفلام رعاة البقر، والسينما الهندية، والمصرية.

وأبرز أن عشاق السينما يستحضرون بكثير من الحرقة سينما باريس، وسينما كوليزي، لأن هذه القاعات كانت تقدم أجود الأفلام كما أنها احتضنت الأنشطة السينمائية لرواد الفن السابع، وكان آخرها المهرجان الوطني السابع للسينما المغربية والذي نظم بقاعة سينما باريس سنة 2005 .

وأوضح بوجيدة، أن هدم القاعات السينمائية يعد تراجعا كبيرا على المستوى الثقافي والفني، ويعتبر علامة على أفول مرحلة بكاملة، مشيرا إلى أنه قد زحف الإسمنت المسلح والرأسمال العقاري على معظم البنايات والأسواق الجميلة.

وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ"بلادنا 24": المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية
وجدة بدون قاعات سينمائية.. وباحث لـ”بلادنا 24″: المدينة في حاجة إلى قاعات عصرية

وتابع المصدر ذاته قائلا:”هناك من يعتقد أن اندثار القاعات السينمائية ظاهرة عالمية، وهذا غير صحيح، لأن القاعات السينمائية في البلدان المتقدمة لازالت تعرض الأفلام وتعد الآن من بين أهم العلامات التي تفتخر بها المدن الكبرى”.

وأكد أستاذ السوسيولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، على أنه لا يمكن تعويض فن المشاركة بأفلام تبثها القنوات الفضائية ولا بالأقراص المدمجة، ولايمكن تعويض القاعات السينمائية إلا بتشييد أخرى وبمواصفات جمالية تستجيب للعصر الذي نعيش فيه.

وتابع الباحث قائلا:”نحن في حاجة إلى نهضة ثقافية تعيد للسينما وهجها بتشييد قاعات جديدة، ولا يعقل أن تنظم المهرجانات والملتقيات السينمائية في دور الشباب والقاعات الضيقة دون مراعاة لشروط العرض السليم”.

ويرى أن اهتمام الجماعات المحلية بالرياضة وبكرة القدم تحديدا لا يوازيه نفس الاهتمام بالثقافة عموما والثقافة البصرية تحديدا، إذ يكشف هذا على نظرة تسطيحية في تقدير الأولويات.

وخلص في تصريحه ل”بلادنا 24“، قائلا:”ففي الوقت الذي ينفتح الشباب على العالم من خلال مشاهدة الأفلام عبر الشاشات الصغيرة والهواتف النقالة، بحيث تشكل هذه المشاهدة حاجة ضرورية لدى الجميع، لا يتم بالمقابل الانتباه إلى الأهمية القصوى لقاعات العروض السينمائية، بحيث يمكن أن تكون المشاهدة الجماعية وفي شروط سليمة إحدى أهم الوسائل للتربية والتثقيف، إذا تم إخضاعها لبرامج محددة تراعي متطلبات التربية الفنية وكيفية تطوير الحس الجمالي والذوق السليم”.

 

بلادنا 24 – جريدة إلكترونية مغربية

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *