مافيا الرعي الجائر تتربص بشجرة أركان المثمرة

بلادنا24 – مريم الأحمد |

تتعرض شجرة أركان لكثير من المخاطر التي تهدد وجودها في الطبيعة، باعتبارها شجرة ذات أهمية كبيرة في شكلها وظلالها، وما تعطيه من زيت نادر يدفع الكثير من الحيوانات العاشبة لأكلها، مما ينذر بانقراضها إن لم يتدارك هذا الأمر.

في منطقة سوس، تكثر شجرة أركان التي نالت من الشهرة من حيث ما تعطيه من زيت نافع ذي فوائد متعددة، ومن حيث الأكل، وكذلك من حيث استخدامه الأكثر لدى النساء باعتباره عاملا رئيسيا من عوامل الزينة التي تفتخر بها المرأة المغربية.

تتهدد شجرة أركان عوامل بيئية وبشرية، فوجودها الأكثر في هذه المنطقة يعرضها لهجوم الحيوانات عليها لاسيما الإبل، فالرعاة مع تغاضي وزارة الفلاحة عن حمايتها، تجد فيها الغذاء المناسب الذي تمنحه تلك الطبيعة من خلال شجرة أركان.

وهكذا بات التنازع على هذه الشجرة من طرف الرعاة كثيرا ما يؤدي إلى الخصومات والنزاعات والاقتتال، ما بين مافيا الرعي الجائر وساكنة المنطقة التي لها حق التملك لتلك الشجرة.

شجرة تعزز قيم التشبث بالأرض

وفيما يخص أهمية شجرة أركان بين الأشجار المثمرة في المحيط الطبيعي للأرض، صرح عضو تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة، سعيد فرج لـ”بلادنا24″ قائلا: “شجرة أركان تعد من الأشجار المثمرة وتعد مكسبا للإنسانية جمعاء، على اعتبار فوائدها الصحية أولا وكذا باعتبارها غطاء نباتيا يساهم بفعالية في محاربة التصحر في مجال شبه صحراوي، لكن أهميتها الكبرى تكمن في نذرتها وعدم تواجدها في كل العالم سوى في منطقة سوس الكبير. وأركان ليست مجرد شجرة مثمرة، بل شجرة تخفي الكثير من التراث اللامادي الذي يجعلها في صلب قيم التشبث بالأرض والمجال، وهي موروث إنساني لا ينحصر فقط في قيمته الغذائية”.

وعن اكتسابها لشهرتها في الميدان الزراعي، علق فرج بالقول: “لا يمكننا الحديث عن منشأ آخر لشجرة أركان سوى المنطقة التي تعيش فيها اليوم، فهي من الأشجار المعمرة القديمة التي لا تتواجد سوى في سوس الكبير الممتد من تانسيفت لواد نون، والمعروف أن شجرة أركان موطنها في هذا المجال في كل من سوس وإحاحان”.

وواصل حديثه بالقول: “صحيح أن هنالك شبيه لهذه الشجرة في أمريكا اللاتنية، لكن ليس بنفس الجودة والهيئة التي تنفرد بها شجرة أركان المتواجدة فقط في المغرب، وشهرتها نابعة من ارتباط الساكنة المحلية بمنتوجاتها الزيتية سواء في موائد طعامهم أو للزينة عند النساء، وهو ما أدركه العالم متأخرا وأبهر بمميزات هذه الشجرة التي لها مكانتها عند الساكنة الأصلية”.

أيادي خارجية تعبث بالشجرة المثمرة

وأردف سعيد فرج مجيبا عن الوسائل الواجب اتباعها للحفاظ على هذه الشجرة المثمرة بالقول: “لم يطرح هذا السؤال من قبل عندما كانت الساكنة المحلية هي من تتعامل مع هذه الشجرة لوحدها ولقرون مضت، ولم تسبب ضررا لها رغم طول فترة التنفع بمنتوجها”، مستدركا: “ولكن السؤال يطرح اليوم، لأن هنالك أيادي خارجية تحاول أن تفرض وصايتها عليها بعدما علمت بأهميتها وقيمتها، كما أن منها من لا يزال يجهل هذه القيمة وسبب لها ضررا كبيرا وعن سبق إصرار وترصد، مثلما تفعل مافيا الرعي حاليا باستباحتها لمجال هذه الشجرة الناذرة، ولا يمكن إيجاد وسائل للحفاظ عليها بمعزل عن الأعراف التي وضعتها الساكنة، والتي ساهمت في حمايتها لقرون عديدة حتى وصلت إلينا اليوم”.

الدولة تتغاضى عن مافيات الرعي الجائر

اعتبر المتحدث ذاته، أن مسؤولية الجمعيات وغيرها من التنظيمات المدنية لا تعدو أن تكون وقائية ترافعية بالأساس، لكن المسؤولية الكبرى تتحملها أجهزة الدولة التي تتسامح مع ظاهرة مافيات الرعي، وفصلت على مقاسها قانون 113.13 الذي ينص أحد بنوده على أن تفتح هذه الغابات للرعي في حالات الجفاف، وهو تحريض خطير على استباحة مجالها في أصعب الظروف المناخية.

هذا ما يجعل الرعي فيها مستمرا خلال الحالات العادية، أمرا طبيعيا حسب روح القانون، وهو “أمر خطير تتحمل من خلاله وعبره مؤسسات الدولة كامل المسؤولية على ما تشهده مناطق أركان من اجتياح مافيات الرعي”، على حد تعبيره.

ويرى عضو تنسيقية أكال، أن الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة، تكمن في “إسقاط ما يسمى بالقانون 113.13 أولا، واستعمال المسطرة الجنائية ضد انتهاكات مافيا الرعي للممتلكات الفردية والجماعية للساكنة، واعتماد الأعراف المحلية الحامية لهذه الشجرة وترقيتها لقوانين”.

وهذا لن يتأتى، كما وضح في ختام حديثه، إلا باحترام الدولة للالتزامات الدولية وإقرارها بالإتفاقية 169 المتعلقة بالشعوب الأصلية والقبائل في البلدان المستقلة، وكذا احترامها للإعلان العالمي للشعوب الأصلية، “وهي مرجعيات أممية مهمة في هذا الباب، وتضمن ديمومة الموارد والثروة من خلال آليات الشعوب في تدبيرها”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *