فاطمة الزهراء بناصر.. موهبة فنية متجددة عنوانها العطاء

تجمع بين مواهب عديدة، وشكلت لنفسها مسارا فنيا مميزا ومليئا بالعطاء، ترتدي ثوب مختلف الشخصيات بسلاسة تامة واحترافية عالية، ومتشبعة بالفن والإبداع منذ الصغر، كما تمكنت من تجسيد صورة جميلة للفنانة المثقفة، الشغوفة، والمجتهدة.

هي فاطمة الزهراء بناصر، نموذج فني فريد من نوعه، تعمل في صمت، وتخطو خطى ثابتة، إضافة إلى أنها تميل إلى البساطة والابتعاد عن الأضواء، تاركة بصمة لا مثيل لها في الساحة الفنية المغربية.

نبذة عن طفولتها وبداياتها

رأت فاطمة الزهراء بناصر النور بمدينة القنيطرة، يوم 30 أكتوبر سنة 1981، وتعود أصولها إلى منطقة عبدة، كما باشرت حياتها المهنية في مجال الأنفوغرافيك، قبل أن تلج إلى مجال الفن.

وفي طفولتها، كانت بناصر تتمتع بصوت جميل وتحب الغناء، متمنية أن تصبح مطربة في المستقبل، وتشارك شغفها مع أكبر المطربين.

فخلال بداياتها، أحبت فاطمة الزهراء الغناء أكثر من التمثيل، وأكدت ذلك في أحد المقابلات، قائلة: “وأنا صغيرة لم يكن في بالي أن أكون ممثلة، موهبتي في الغناء سبقت ذلك، حين اكتشفتها وأنا في سن الخامسة، لهذا كان الغناء هو الطريق الأول الذي أردت أن أسلكه، لكن التمثيل جاء صدفة، ليصبح هو الأساس”.

وحسب تصريحاتها السابقة، ذكرت بناصر أنها واجهت ظروفا صعبة، شكلت شخصيتها “القوية”، فحياتها لم تكن سهلة، وناضلت كثيرا لتحصل على ما تريد، كما لم تكمل دراستها، وانقطعت عنها بعد الشهادة الثانوية، لتعيل أسرتها بعد وفاة والدها.

تجربة فنية حافلة بالعطاء

تعرف الجمهور المغربي على الفنانة فاطمة الزهراء بناصر من خلال مسلسل “أمود” سنة 2003، من إخراج المخرجة فاطمة بوبكدي، التي أتاحت لها الفرصة الأولى لولوج هذا الميدان، وهو عمل مستوحى من أسطورة أمازيغية مشهورة، تدعى “حمونامير”، كان يتكون من 15 حلقة، وبمشاركة ثلة من الفنانين، من قبيل هشام بهلول، سعيدة بعدي، ياسين أحجام، حنان زهدي، وآخرون.

لتتوالى بعد ذلك أعمالها الناجحة التي تألقت فيها، حيث وصل عددها لأكثر من 40 عملا فنيا متنوعا، بين السينما والتلفزيون، أبرزها، المسلسل الشهير “رمانة وبرطال” سنة 2005، الذي يتناول الحكايات الشعبية المستوحاة من التراث الفلكلوري المغربي، من بطولة سناء عكرود، حسن ميكيات، ياسين أحجام، سامية أقريو، لنفس المخرجة.

وعام 2008، تألقت فاطمة الزهراء بناصر في سلسلة “ساعة في الجحيم”، من إخراج ياسن فنان، وهي السلسلة التي حققت نجاحا كبيرا، ولقيت استحسان وإعجاب الجمهور. تتضمن حلقات مختلفة، وكل حلقة تدور حول شخصية معينة تنقلب حياتها رأسا على عقب، وتواجه العديد من المشاكل والأحداث المثيرة خلال ساعة واحدة من حياتها.

لتأتي مشاركتها في سلسلة “العقبة ليك”، التي تعد القفزة النوعية في مسيرتها الفنية، وانطلاقة جديدة في مشوارها الفني، حيث تحدثت بناصر عن تجربتها في العمل سابقا، معبرة: “واجهت صعوبات كثيرة في البداية وتوقفت كثيرا خلال مساري الفني، إلى أن التقيت بالمخرج ياسين فنان الذي كان له الفضل في شهرتي أكثر. بعد مشاركتي في مسلسل العقبة ليك، وثق في ولم أخيب ظنه، لذلك هذا العمل كان انطلاقة لأشياء جميلة لاحقة”. وتميزت السلسلة بمشاركة مجموعة من النجوم البارزين في الساحة الفنية، أهمهم، سناء عكرود، طارق البخاري، أمال الأطرش، دنيا بوطازوت، وعدنان موحجة.

يليها مسلسل “صالون شهرزاد” سنة 2011، ومسلسل “صدى الجدران” سنة 2014، إضافة إلى مسلسل “مقطوع من شجرة” و”حميمو” سنة 2015. وأطلت أيضا في مسلسل “دار الضمانة” سنة 2016، إلى جانب مسلسل “حديدان” سنة 2017، ثم “الصفحة الأولى”، “عز المدينة”، و”قلوب تائهة” سنة 2018.

وتحاول بناصر اختيار أدوارها بعناية تامة والحرص على التجديد في كل شخصية، مبتعدة عن النمطية والتكرار، إذ تأخذ رأي الجمهور بعين الاعتبار، وتحدد الأعمال التي ستشارك فيها، انطلاقا من حدسها وإحساسها، ومن خلال جودة السيناريو وطبيعة الدور.

فخلال السنوات الأخيرة، كانت فاطمة الزهراء بناصر حاضرة وبقوة في المشهد الفني، حيث شاركت في مجموعة من المسلسلات التي لقيت صدى طيبا لدى الجمهور، منها، مسلسل “قصر الباشا”، “ولاد المختار”، الجزء الثاني من “الماضي لايموت”، “الغريبة”، “أحلام سيتي”، وأيضا مسلسل “جروح” الذي حظي بإشادة واسعة السنة الماضية، ثم مسلسل “تزوج ماقالها ليا”، ومسلسل “بيا ولا بيك”.

وبالنسبة للأفلام، قدمت فاطمة الزهراء بناصر، قائمة طويلة من الأعمال، رفقة مجموعة من النجوم، أهمها، “حجر الواد”، “سرير وأسرار”، “الفصول الخمسة”، “مسحوق الشيطان”، “كاريان الزومبي”، “عاشقة من الريف”، “ظلال الموت”، “سرير الأسرار”، “الذئاب التي لا تنام”، “فورماطاج جرادة مالحة”، “الطريق الصحيح”…

مسار التمثيل والغناء

وبالحديث عن هذه السنة، أبدعت فاطمة الزهراء بناصر في مسلسل “عايشة”، من إخراج داني يوسف، وكتابة فاتن اليوسفي، مجسدة شخصية الأخت الكبرى “عائشة”، وأم في نفس الوقت، تتميز بالرصانة والحكمة، مطلقة ومسؤولة عن ثلاث بنات. وتحاول جاهدة توفير جو مستقر لهن والحرص على تربيتهن. كما عبر الجمهور عن انبهاره بأدائها “القوي” و”المؤثر”، وبـ”السلاسة” و”الاحترافية”، التي توصل بها مشاعر الشخصية المليئة بالتناقضات.

ولم تتخل بناصر يوما عن شغفها الأول، وهو الغناء، حيث أصدرت سابقا ألبوما غنائيا، مكونا من 10 أغنيات مختلفة، من بينها “حمام الخلا”، “أنت جنتي”، وغيرها.

وتبقى فاطمة الزهراء بناصر، واحدة من أكثر الفنانات موهبة، وذات قوة تعبيرية هائلة، حيث تنقل إحساسها الحقيقي إلى الجمهور، عبر مختلف الشخصيات، ولم تكترث يوما بالنجومية، قائلة: “أفضل أن أعرف نفسي كإنسانة وفنانة، أنتمي إلى طائفة من الناس تقول شيئا، تجسد حالة على الشاشة، تجعل غيرها يضحك أو يحزن، أو يحلم، هذا كل ما في الأمر”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *