خبير: الذكاء الاصطناعي لا يعول عليه كثيرا كما يتم الترويج له (حوار)

يعد الذكاء الصناعي من أكثر التقنيات والمجالات المثيرة والمتطورة في عالم التكنولوجيا والحوسبة. فمن خلال الذكاء الصناعي، يمكن للآلات والأنظمة الحاسوبية تعلم القيام بالمهام والأعمال التي تتطلب مهارات بشرية، مثل التفكير الإبداعي والحلول الذكية للمشاكل.

وتتمثل فكرة الذكاء الصناعي في تطوير برامج ونظم حاسوبية تعتمد على القدرة الحاسوبية للتعلم والتحليل والتفكير بطريقة مشابهة للإنسان. وتتيح هذه التقنية إمكانية تطوير حلول تقنية مبتكرة وفعالة في مجالات متعددة، كالطب والصناعة والتجارة، وغيرها، مما يسهم في تسريع وتسهيل العديد من العمليات والأنشطة وتحقيق توفير الوقت والجهد والتكلفة.

وفي هذا الخصوص، أجرت “بلادنا24” حوارا مع المختص في تأثيرات الذكاء الاصطناعي، محمد الخالدي، للإجابة على بعض الأسئلة الشائكة والمترددة حول هذه الظاهرة العلمية الجديدة وأبعادها المتعددة.

ما هي أهم التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية؟

يصعب حصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستعملة في الحياة اليومية، لأن الفاعلين في مجال التطوير التكنولوجيات الذكية يتنافسون فيما بينهم في تطوير برامج تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ففي المجال الطبي مثلا نجد  تطبيقات “EMR (Electronic Medical Record)”، التي تلعب دورا كبيرا في التشخيص الطبي، من خلال تجميع وتحليل المعطيات الطبية وتقاسمها مع الممارسين”.

وهناك تطبيقات الترجمة الفورية، سواء النصية أو الشفوية، أو حتى تلك التي تقوم على ترجمة كل ما يتم رصده من طرف الكاميرا. وهناك الكثير من التطبيقات المستعملة في مجالات مساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة، كالتطبيقات المساعدة للمكفوفين مثل “Seeing AI””.

اذكر لنا أبرز التحديات التي يواجهها مجال الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي؟

هناك تحديات مختلفة، لكن تظل أهمها التحديات الأمنية والحقوقية وتلك المرتبطة بالأخلاقيات والقيم.

ما هي الأخطاء الشائعة التي يمكن أن يقع فيها الناس عند مناقشة الذكاء الاصطناعي؟

59e12510 4760 4827 8e27 1d2321f0479e

يمكن أن نتحدث في هذا الباب على اتجاهين يوجهان الآن النقاش العمومي بشكل خاطئ؛ يتعلق الاتجاه الأول بالتهويل من المخاطر، ويتعلق الاتجاه الثاني بالثقة المبالغ فيها اتجاه برامج الذكاء الاصطناعي. وهو ما يفسر بعدم ضبط الكثير لموضوع الذكاء الاصطناعي، سواء من حيث طبيعته، أو من حيث تداعياته وآثاره، إلى جانب رغبة الجميع في ركوب موجة الذكاء الاصطناعي، ولو على حساب ترويج معطيات غير دقيقة.

في حين أن النظرة الواقعية تفرض النظر إلى هذه البرامج، باعتبارها أدوات تعكس التراكم المعرفي والتكنولوجي الذي حققته البشرية، وتمثل أهم ثمرات هذا التراكم، لكن تظل لها حدود ومخاطر ينبغي الوعي بها، من أجل تطويرها وتجويدها لما فيه خير للإنسانية.

هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان وظائف بشرية؟

طبعا، سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الكثير من الوظائف البشرية، لكنه يساهم أيضا في ظهور وظائف أخرى.

الأكيد أن اعتماد برامج الذكاء الاصطناعي، يتطلب إعادة النظر في منظومة التربية والتكوين من أجل تحقيق ذلك التناغم بين كفايات الموارد البشرية وبين متطلبات سوق الشغل، التي باتت تعتمد بشكل متعاظم على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيصبح يوما ما قادرا على تفهم العواطف البشرية؟

هناك تجارب متقدمة في هذا المجال، خصوصا فيما يتعلق بإنتاج الروبوتات التي تتفاعل مع البشر، بل وتعبر عن بعض الأحاسيس والمشاعر، من خلال الاستثمار بشكل كبير في الذكاء العاطفي الاصطناعي، الذي يقوم على تحليل البيانات المرتبطة بالتعبيرات والانفعالات البشرية، والسعي إلى محاولة توليد تعبيرات في سياقات شبيهة. وهو ما تيسره برامج التعرف على الوجوه والتعرف على الأصوات والحركة.

لكن رغم ذلك، يصعب في الوقت الحالي الحديث عن أنظمة تضاهي العواطف البشرية، لأن هذه الأخيرة تشكل ثمرة تاريخ فردي، تتشكل فيه شخصية الإنسان بشكل تفاعلي مع ذاته ومع ومحيطه، بالإضافة إلى المخاطر والأخطاء المرتبطة بجودة الآلات وحساسيتها التقنية.

ما هي الابتكارات الجديدة والاكتشافات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي؟

تتناسل الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن يكثر الحديث حاليا على برامج الدردشة الآلية مثل “Chatgpt” الذي طورته شركة “Openai”. كما أن هناك ابتكارات في مجال الواقع المعزز، وانترنت الأشياء، وصناعات الروبوتات الذكية في مجالات الصناعة، والطب، والتحليل المالي، وحماية البيئة، وقيادة السيارات والطائرات، ومكافحة الجريمة، والتهرب الضريبي، وغيرها من مجالات. ويمكن اليوم أن نقول بأن كل مجالات الحياة الإنسانية أصبحت موضوعا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته.

هل هناك أي تحذيرات من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي؟

هناك مخاطر مرتبطة بسوء استخدام المعطيات الشخصية، وإمكانية اخترق أنظمة حساسة والتحكم فيها، مثل أنظمة التسلح وأنظمة التحكم في السدود، بالإضافة إلى الاعتماد غير الحذر على برامج الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية والبيئية والقضائية.

وبالتالي، فالحاجة إلى التدخل البشري تظل أساسية كلما تعلق الأمر بقرار مصيري يمكن أن تكون لديه آثار غير قابلة للإصلاح، ناهيك عن الجانب القيمي والأخلاقي في اتخاذ القرار. وذلك أن القرار البشري لا يتعلق فقط بالاعتبارات المنطقية والعقلانية، بل هناك مجال كبير للاعتبارات الثقافية والذاتية التي تتداخل لتشكل خصوصية الفاعل البشري.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *