زلزال الحوز.. ملحمة ملك وشعب وقصص شاهدة على مرارة الفاجعة

في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة 8 شتنبر، شهد المغرب زلزالا خلف خسائر كبيرة في الأرواح الممتلكات بعدد من أقاليم المملكة، زلزال سجلت بؤرته بجماعة إغيل إقليم الحوز، قدرها المعهد الوطني للجيو الفزياء بقوة 7 درجات على سلم ريشتر، الحياة عادية بمراكش قبل دقائق من الزلزال، ساحة جامع الفنا بدينامية حكواييتها وأنغام فرقها الموسيقية، سياح يلتقطون الصور ورواج كبير بحنطات بيع العصير والمأكولات، هزة أرضية هلع كبير وسط الساحة، غبار وضبابية انقطاع الإنارة، سقوط صومعة مسجد الخربوش الواقع بجنبات الساحة.

حكايات مواطنين عاشوا لحظات الفاجعة

عبد الحق مالك أحد محلات بيع المصنوعات التقليدية بساحة جامع الفنا، بتأثر كبير “ظننتها نهاية العالم، ثواني قليلة كانت كفيلة بإحداث رعب بساحة كبيرة، دوي سيارات الاسعاف انطلق دقائق بعد الكارثة، الجميع تجند لمواجهة الفاجعة، وسط تخوفات من معاودة هزة ارتدادية أخرى، كان الحذر والخوف سيد الموقف، طيلة ليلة الجمعة وصباح السبت، بدأت الأنباء تتقاطر بوجود ضحايا وخسائر مادية بعدد من أحياء المدينة العتيقة، كان لزاما مد العون والمساعدة في إنقاذ الساكنة من تحت الأنقاض، الكل تجند”.

بقربه محمد، أحد ساكنة حي الملاح بلكنة يغلبها الحزن والأسى، “لحظات الفاجعة لن تنسى، وستظل في مخيلتي لعقود، كان الأمر بمثابة ومضة ضوء، ليعم السكون من جديد، سارعت للمشاركة في عمليات الإنقاذ، تمكنت من انتشال عدد من الناجين”، بحسرة يكمل “ولم أتمكن من إنقاذ آخرين رحلوا الى مثواهم الأخير، نحيب وصراخ عائلات مكلومة، وأخرى تراقب بقلق، ظلت الأسئلة تتبادر لذهني عن هزة ارتدادية أخرى مماثلة، لكن واصلت جهود الإنقاذ موقنا أن لا هروب من قدر الموت”.

على بعد أميال من مراكش في الطريق لجماعة إغيل بؤرة الزلزال، قرى ودواوير لم يتبقى منها سوى الأطلال، وأعمدة خشبية، تشهد على قصص عائلات منكوبة وسط الخيام، إبراهيم أحد ساكنة جماعة بؤرة الزلزال، بحزن عميق يحكي تفاصيل الفاجعة، “كان السكون يخيم على دوار إيفورار، رفقة عدد من شباب الدوار كنا في جلسة نحاكي الأوضاع والقصص، قبل أن نستشعر الكارثة، ظلام قاتم وغبار يسود المكان، سارعنا لاستجلاء الأمر صراخ وعويل يسود المكان، ساهمنا في عملية إنقاذ عدد من الأشخاص بإمكانيات ذاتية، توقفت شبكات الاتصال، كنا بمعزل عن العالم، لكن تيقنا أننا أمام كارثة بفعل هزة أرضية”.

يتابع بمرارة “فقدت عددا من الأصدقاء والأقارب، يصعب وصف مرارة الفراق، لكن تلك مشيئة الله ونحن راضون بقدره”، مردفا “أنقذنا أزيد من 30 شخص من الدوار، وبدأنا رحلة البحث عن ناجين آخرين، متخوفين من أن نصير ضحايا لهزة ارتدادية موالية، لم نستجلي أننا ببؤرة الزلزال إلا في صباح يوم السبت، بعد عودة شبكة الاتصالات وورود اتصالات الأقارب”.

في دوار آخر بجماعة ثلاث نيعقوب، دادا عيشا كما يلقبها ساكنة الدوار، أرملة بدون أولاد في السبعينيات من العمر، بآسف شديد تحكي واقعة الزلزال، “كنت في وليمة بمنزل أخي، دلفت لمنزلي في الساعة الحادية عشر ليلا من مساء يوم الجمعة، لحظة الفاجعة، ارتطم رأسي مع جنبات الحائط فقدت الوعي، لم أستفق إلا على صراخ ونحيب ساكنة الدوار”، تتابع تنهيدة يسكنها الألم “إبن أخي تمكن من إنقاذي، بينما هلكت عائلته بالكامل”، بمرارة تواصل، “فقدت أخي وعائلته لم يعد لي شيئ في الدنيا، كان معيلي الوحيد “الحمد الله ربي بغاهم داهم”.

هي مئات الحكايا والقصص، وقائع لن تنسى من ذاكرة ساكنة الأقاليم المنكوبة، وراء كل حكاية غيض وفيض من الذكريات والمعاناة، وعزاؤهم أن عوض الله بعد المحنة تأتي المنحة.

ملحمة ملك وشعب

في الدقائق الأولى لفاجعة الزلزال، كان الملك على تتبع خاص لجديد التطورات من على متن طائرته العائدة من مطار شارل ديغول صوب مطار الرباط سلا، تعليمات سامية لجل الهيئات الحكومية والعسكرية، للإسهام في إغاثة الأقاليم المنكوبة، تحركت عناصر القوات المسلحة الملكية، والقوات المساعدة، والدرك والوقاية المدنية بكل أجهزتها وتلاوينها صوب المناطق المنكوبة.

وعرفت الفاجعة تعليمات تلتها اجتماعات ماراطونية، لتخصيص صندوق لإعادة الاعمار وتعويض المتضررين، موازاة مع ذلك، أظهر الشعب المغربي، من طنجة للكويرة، أن تلاحمه مستمر في الضراء قبل السراء، نتذكر كيف خرج الملايين فرحا بإنجاز الأسود بقطر، نفس الأمر تكرر خلال زلزال الحوز، آلاف السيارات والشاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية، تقاطرت على المناطق المنكوبة من كل أقاليم المملكة، واقعة أبهرت العالم، وتصدرت صفحات كبريات الصحف والقنوات العالمية، والرسالة واضحة، مغرب اليوم ليس كمغرب الأمس.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *