“البيزوطاج”.. من المساعدة على الاندماج إلى المس بكرامة الطلبة الجدد

أدت حادثة مزعجة وقعت في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، الأسبوع الماضي، إلى تجديد الاهتمام بالظاهرة المثيرة للقلق، المعروفة باسم “البيزوطاج”.

وقد أبدى طلاب المعهد اعتراضهم الشديد على هذه الممارسات، ووصفوها بـ”الهمجية” و”المخالفة تمامًا لقيم التعليم والأخلاق والحياة الجامعية”، وذلك من خلال شكاية مكتوبة من طرف طلبة السنة الأولى، موجهة إلى المندوبية السامية للتخطيط، باعتبارها المؤسسة الوصية قانونيا على المعهد المذكور.

وطالبت الشكاية من المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، بوقف ظاهرة “البيزوطاج” التي تمارس في حق الطلب الجدد الملتحقين للدارسة بالمعهد، وإحالة القائمين وراءها على المجلس التأديبي، مشددة على احتفاظ الطلبة المتضررين منها بكل حقوقهم في المتابعة القانونية لكل المسؤولين عن هذا “الاعتداء”، و”الحط من الكرامة” في حرم مؤسسة وطنية.

خطورة على نفسية الأفراد

وفي هذا الصدد، قال محمد الخمليشي، الباحث في مجال حقوق الانسان، وأستاذ مادة الفلسفة، في حديثه عن ظاهرة “البيزوطاج”، إن “كل تلك السلوكات المراد بها دمج الأفراد ضمن الجماعة، تشكل مسا متفاوت الخطورة على نفسيات الأفراد وحقوقهم في الإحساس بالكرامة الإنسانية”.

وأضاف الخمليشي في تصريح لـ”بلادنا24“، أنه “في كثير من الحالات ينتهي بها المطاف إلى اختلالات نفسية، وإحساس بالدونية تجاه سلطة الجماعة، وكل السلط السياسية والاجتماعية والثقافية”، مبرزا أنه “بالرغم من أن البيزوطاج يعاد ممارسته في المجموعات المغلقة بشكل كوميدي ساخر للتفريغ الجماعي المحدود في الزمان، فإنه يعيد إنتاج فكرة الخضوع اللاواعي للسلطة”.

وأوضح المتحدث، أنه “قد يكون البيزوطاج استعارة من ظاهرة أنثروبولوجية لدى الجماعات البشرية المغلقة، عندما كانت تؤهل الصغار لعالم الكبار، من خلال الخضوع لممارسات عنيفة (الختان، العزل، الضرب، القربان..)، فإن هذه الاستعارة في فضاء حداثي مختلف، لا يبدو بأنه يفيد في تمكين الأفراد من الإندماج اليسير، بل هو حاط بالكرامة الإنسانية في كثير من الحالات”.

مطالب بجبر الضرر

وردا على هذه الأحداث المرتبطة بـ”البيزوطاج”، دعا الطلبة الجدد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، من الإدارة، تفعيل المادة 20 من النظام الداخلي للمعهد، والتي تنص على إحالة مرتكبي هذه الأفعال إلى مجلس التأديب. كما أشاروا إلى المادة 5 من النظام التي تؤكد على أهمية ضمان رفاهية الطلاب، بعيدًا عن التنمر والتهديدات والإزعاجات.

علاوة على ذلك، أوضح الطلبة أنهم يحتفظون بالحق في رفع الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الإهانات التي حدثت في حرم المعهد، “وهو المكان الذي يجب أن يكون مخصصًا لتعليم الطلاب وتربيتهم، وليس إخضاعهم إلى الصدمات النفسية”، بتعبير الشكاية.

تحول المغزى من “البيزوطاج”

كان الهدف من “البيزوطاج” أو “BIZUTAGE”، وهي كلمة فرنسية الأصل، متجذرة في التقاليد العسكرية، هو مساعدة الجنود الجدد على الاندماج في عالم الخدمة العسكرية القائم على الانضباط. و مع مرور الوقت، انحرفت هذه الممارسة عن غرضها الأصلي، وتحولت إلى سلسلة من الطقوس الغريبة والعنيفة والمسيئة. وقد أثارت هذه التغييرات المثيرة للقلق مطالبات بحظر أو تنظيم صارم لها داخل الأوساط الأكاديمية.

الجانب المظلم لـ”البيزوطاج”

في الماضي، كانت احتفالات “البيزوطاج” بمثابة طقوس مرور تهدف إلى الترحيب بالوافدين الجدد، وتعزيز الروابط بين الطلاب. وغالبًا ما تضمنت هذه الطقوس مقالب وتحديات خفيفة، تهدف إلى انضمام طلاب جدد إلى مجتمع الجامعة. ومع مرور الوقت، تحول هذا التقليد الحميد إلى شيء مقلق للغاية.

وغالبًا ما يواجه الطلبة الذين يتعرضون لـ”البيزوطاج” وابلًا من الإذلال والإهانة وسوء المعاملة، بما في ذلك تلقي الصفعات والمطاردة، بينما قام آخرون بإلقاء الطماطم أو البيض أو الماء عليهم، وحتى إجبارهم على ارتداء ملابس لا تتناسب مع جنسهم.

ماجدة العجمي – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *