تقرير إخباري: رغم التشويش الجزائري.. خط الغاز المغربي النيجيري شريان القارة الإفريقية

بعدما وجد نفسه مطالبا بالبحث عن بديل للغاز الجزائري الذي توقف منذ شهر نونبر الماضي، توصل المغرب وإسبانيا إلى اتفاق فاجئ العديد من المتابعين، يقضي بتزويد إسبانيا للمغرب بالغاز عبر نفس الأنبوب الذي كان يمر منه الغاز الجزائري لكن في الاتجاه العكسي.

وكان المغرب يؤمن 97% من احتياجاته من الغاز عبر هذا الأنبوب المغاربي الأوروبي، والذي كان يحصل على نصف هذه الكمية مقابل مرور خط الأنبوب عبر التراب المغربي، بينما كان يحصل على النصف الآخر بأسعار تفضيلية.

وسبق للملك محمد السادس، بعد زيارته سنة 2016 لنيجيريا، أن توصل لاتفاق مع الرئيس النيجيري محمدو بوهاري، يقضي بتزويد المغرب بالغاز النيجيري عبر خط يمتد لأكثر من خمسة آلاف كيلومتر، ويمر عبر أزيد من عشر دول إفريقية.

اتفاق ملكي مع نيجيريا

قبل تطور الأحداث بين المغرب والجزائر، سبق للمغرب أن توصل لاتفاق مع نيجيريا بعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس لنيجيريا نهاية سنة 2016، حيث تم الاتفاق مع الرئيس النيجيري محمدو بوهاري على إحداث أنبوب غاز بطول يناهز 5660 كلم، والذي سيمر عبر بينين، وتوغو، وغانا، وساحل العاج، وليبيريا، وسيراليون، وغينيا، وغينيا بيساو، وغامبيا، والسنغال، وموريتانيا، لكي يصل إلى المغرب ومنه إلى أوروبا.

وترأس الملك محمد السادس حفل توقيع الإتفاق بين المغرب ونيجيريا بالقصر الملكي بالرباط خلال شهر ماي 2017، حيث عبر وزير الشؤون الخارجية النيجيري جيوفري أونيام، في كلمة له، أن الاتفاق بين البلدين هو دليل على نجاح الشراكة التي تجمع الرباط بأبوجا، وهو النجاح الذي يجد تفسيره في إرادة قائدي البلدين حيال تكثيف المشاريع الثنائية. أما ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، فقد أكد على أن هذا المشروع الضخم، الذي سينجز من طرف الأفارقة ومن أجل الأفارقة، يشكل تجسيدا بليغا لدبلوماسية الفعل والقول.

وبتاريخ 31 يناير 2021، جدد العاهل المغربي والرئيس النيجيري في مكالمة هاتفية، تأكيدهما على عزمهما المشترك مواصلة المشاريع الاستراتيجية بين البلدين وإنجازها في أقرب الآجال، ولا سيما خط الغاز نيجيريا-المغرب.

التحركات الجزائرية للتشويش

اضطر المغرب للبحث عن بديل للغاز الجزائري، منذ بداية شهر نونبر الماضي، بعد قرار السلطات الجزائرية بوقف إمدادات الغاز إلى الرباط، وتزويد إسبانيا مباشرة بالخط البحري “ميدغاز” الذي لا يمر من المغرب، وهو القرار الذي جاء أسابيع قليلة بعد قرار الجزائر القاضي بقطع علاقاتها الديبلوماسية مع المغرب.

ورغم حجم التزويد الذي كان يصل المغرب من الجارة الجزائرية، فإن السلطات المغربية أبدت عدم قلقها من القرار الجزائري، وانطلقت في البحث عن حلول مستعجلة أبرزها استيراد الوقود الأحفوري واستيراد الكهرباء مباشرة من أوروبا، قبل التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإسباني يقضي بتدفق الغاز من أوروبا نحو المغرب.

ولم تتوقف الجزائر عند هذا الحد، بل عملت على التشويش على المشروع الذي يربط المغرب ونيجيريا، حيث لم تترد الصحافة الجزائرية في ترويج أخبار تفيد بتعثر المشروع، وهو ما اتجهت إليه بعض المنابر الصحفية الفرنسية كذلك.

بايتاس: المشروع يدخل مراحل متقدمة

مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة أكد خلال الندوة الصحفية الأسبوعية، التي تلت مجلس الحكومة يوم الخميس 5 ماي الجاري، أن مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب يسير في الاتجاه الصحيح، وفقا للمسار الذي رسمه الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بوهاري.

وأضاف المتحدث أن “المملكة تجمعها شراكات إستراتيجية مع نيجيريا”، مبرزا أن “مشروع أنبوب الغاز دخل مراحل متقدمة”، وأشار خلال رده على أسئلة الصحفيين أن “الدراسات التي تهم مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب في طور الإنجاز الهندسي”، معتبرا أن “هناك اليوم دراسات بشأن الأثر البيئي والاجتماعي لهذا المشروع”.

مكانة إفريقية ريادية وبديل طاقي للمغرب

كشف المحلل السياسي والأكاديمي المغربي محمد بودن، في مقال له بعنوان: “مشروع أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب.. المزايا الجيوسياسية والاقتصادية”، أن هذا المشروع “يمثل الطريق الرئيسي لخلق التنمية و التكامل على نطاق واسع وعابر للحدود و كمشروع استراتيجيي – أطلسي يروم تحسين أمن الطاقة بالنسبة لدول إفريقية وأوروبية، فضلا عن كونه يقع في ملتقى طرق المصالح الطاقية بالنسبة لعدد من الفاعلين الدوليين”، كما شدد على أن المغرب من الناحية الاقتصادية سيتمكن من “تعزيز الخيارات و البدائل في سوق الطاقة، بالمقابل سيعزز هذا المشروع العملاق الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا بشكل كبير، خاصة وأن عمر المشروع يبلغ ربع قرن، بناء على معدلات الإنتاج والإستهلاك المتوقعة بعد إنجازه”.

وأضاف بودن في مقاله المنشور على موقع “رفي دكار”، أن “المشروع سيعطي زخما جديدا للمغرب في القارة الإفريقية على المستويات الاقتصادية والسياسية والتنموية، وسيعزز مكانة المملكة المغربية كدولة إفريقية رائدة في الاستثمار على مستوى القارة”، مشيرا إلى أن “المملكة المغربية تتبنى استراتيجية ثلاثية الأبعاد، فمن ناحية تطمح لتعزيز سوق الطاقة الداخلية ببديل هام، ومن ناحية أخرى تهدف إلى تأمين معبر حيوي للغاز من أجل خلق نموذج تكاملي بين شمال وغرب إفريقيا، فضلا عن جعل الإتصال بين إفريقيا وأوروبا قائما على منطق التوازن والمنفعة المتبادلة”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *