قضية بيغاسوس.. حينما ينقلب السحر على الساحر

ساهمت قضية اختراق هواتف مسؤولين إسبان عبر برنامج التنصت “بيغاسوس”، في تسليط الأضواء على كثير من المعطيات التي حفلت بها الساحة المغربية والإسبانية على الخصوص، مما دفع الأحزاب اليمينية الإسبانية إلى تبني هذه القضية في محاولة منها للضغط على الحكومة الإسبانية، قصد التراجع عن موقفها الأخير تجاه الصحراء المغربية.

بيغاسوس فرصة لنفث السموم

زعيم حزب بوديموس المتطرف في الكونغرس، خاومي أسينس ،لمح قبل يوم الأربعاء بضرورة التراجع عن موقف حكومة سانشيز الأخير تجاه المغرب إذا تبين للأخير يد في هذه القضية، وهو موقف متوقع من حزب اعتبر موقف إسبانيا الإيجابي “خطأ فادحا” وراح يبحث عن أي “قشة” يتعلق بها.

ونظرا لكون المغرب قد أبدى موقفا حازما من قضية الصحراء ومن سياسة إسبانيا قبل الاعتراف الأخير، فقد تلاقت الأصوات الناشزة على الدفع بقوة لإدانة المغرب في هذا الصدد، وقد جوبهت هذه الدعوات بالرزانة والاتزان من منظور السياسة المغربية التي تميل إلى الاعتدال وعدم الخوض في مثل هذه الأساليب غير المجدية.

وفي هذا الصدد، تجنب الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، التعليق على اتهام بعض التقارير الصحفية المغرب بالوقوف وراء عملية التنصت على أجهزة بعض المسؤولين الإسبان، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.

وتفادى الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، أول أمس الخميس، الرد على أسئلة الصحفيين المتعلقة بالموضوع بدعوى أنه لم يتم مناقشته ضمن المجلس الحكومي.

العلاقات الدولية لا تبنى على تكهنات

في السياق ذاته، اعتبر محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لجريدة”بلادنا24″، أنه نتيجة للتقارب الدبلوماسي الكبير بين حكومتي المغرب وإسبانيا، فإنه كان من المنتظر أن تكون هناك بعض التحرشات وحتى اتهامات لتعكير صفو هذا التقارب الذي أزعج بعض الأطراف السياسية.

ويرى بنطلحة أن أصحاب القرار في البلدين لن يرضخوا لتحرشات رخصيصة مبنية على أوهام، “فمواقف الدول لا تبنى على افتراضات، ولا على بعض الخطابات السياسية لبعض الأحزاب التي تنهل من مرجعيات تعود  لزمن الحرب الباردة، بل إن لغة المصالح التي تبنى على استشرافات مستقبلية هي التي تمكن البلدين من بناء علاقات قوية”.

دفاع إسباني

وأبانت السياسة الإسبانية عن موقف ينسجم مع رؤية المغرب، وفي هذا الصدد، رفض رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، ووزير الخارجية خوسيه إيمانويل ألباريس، إدانة المغرب في موضوع التجسس، وهذا ما يدفع إلى القول بأن موقف المغرب وإسبانيا موقف لا ينبني عن ردات فعل أو تخمينات، وإنما ينبني على المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى في تحقيق هذه المصالح.

وقال وزير الخارجية الإسباني، أول أمس الخميس، أن العلاقات الدولية “لا تستند على تخمينات بل على حقائق”، رافضا زج المغرب في “تهم لا دليل لها سوى افتراضات وتكهنات من يكن العداء للمغرب وسياساته التي أبانت على قوة وتبصر”.

إن المغرب وعبر الدبلوماسية، نفى تلك الاتهامات نفيا قاطعا كما فعل في الاتهامات السابقة، وهذا بدوره يدل على الاتزان السياسي وبعد النظر في التعامل الدولي، لا سيما في هذه القضية التي جعلت الحكومتين المغربية والإسبانية تتفقان على رفض هذا الاتهام رفضا قاطعا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *