بشرى عبده لـ”بلادنا24″: التبليغ هو أهم وسيلة للحد من العنف ضد المرأة ويجب محاربة العقليات “الذكورية” والمتخلفة”

تتعرض النساء بشكل عام وبمختلف مرجعياتهن ومستوياتهن الثقافية لأنواع عديدة من أنواع العنف، وفي مقدمة هذه الأنواع العنف الجنسي، وهو أي فعل أو قول يصدر تُجاه المرأة دون رضاها أو موافقتها، أو تحت التهديد والإكراه، مما قد يُخلف أضرارا جسدية ونفسية لديها.

وحسب ما كشف عنه تقرير صادر عن فدرالية رابطة حقوق النساء، فقد تم تسجيل 41435 حالة عنف خلال سنتي 2019 و2021، ونتحدث هنا عن الحالات التي تم التصريح بها فقط، أما ما خفي فقد كان أعظم، ذلك لأن العديد من النساء لا يجرُؤن على التحدث عما يتعرضون له من عنف بشتى أنواعه.

وأكدت بشرى عبده، فاعلة حقوقية ورئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، في اتصال هاتفي أجرته مع موقع “بلادنا 24″، بأن العنف الجنسي ضد النساء لازال من المواضيع المسكوت عنها، ذلك لأن الضحية نفسها ترفض البوح بما تعرضت له تحت ذريعة “العار” وأنه “حشومة وعيب”، فمثلاً حينما تستقلن الحافلة ويتم التحرش بهن، فإن نسبة قليلة منهن فقط  ستتجرأن على فضحه ومتابعته بسبب الخوف من نظرة الآخر وإلقاء اللوم عليهن، ما يمنعهن من كسر جدار الصمت، وأضافت:”الأكثر من ذلك هو تعرض بعض الزوجات للإغتصاب من قبل أزواجهن بالإكراه ويعتبرن بأن الأمر طبيعي وأنه من الواجب عليهن الرضوخ للزوج ومنحه حقه الشرعي”.

وعرّفت بشرى العنف الجنسي على أنه شكل من أشكال العنف الذي قد ينطوي على أفعال عديدة من بينها التحرش الجنسي، الاغتصاب، هتك العرض، الإحتكاك أو لمس جسد الضحية أو توظيف بعض الإيماءات أو الإيحاءات الجنسية، و هذا يعني أن العنف الجنسي يشمل كل ما سبق ذكره مادامت المرأة غير راضية عنه أو تمت ممارسة تلك الأفعال بدون إذنها.

وكرئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة التي تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة، أوضحت بشرى بأن الدور الذي تقوم به الجمعية هو التوعية والتحسيس وكذا المرافقة، إذ يتم توعية النساء بأفعال العنف الجنسي وأنواعها وبوسائل وطرق الإثبات في حالة تعرضهم لأي نوع من أنواع العنف الجنسي، كما يتم اتخاذ عدد من الإجراءات لمساعدتهن على تخطي ما تعرضن له بحيث يتم تقديم الدعم النفسي لمساعدتهن على تجاوز المرحلة ،بالإضافة إلى تقديم الدعم القانوني للضحايا في بعض الحالات.

وأشارت بشرى إلى أن هنالك مشكل في وسائل الإثبات حينما يتعلق الأمر بأحد أنواع العنف الجنسي، لكن هذا لا يجب أن يشكل عائقاً أو مانعاً من التبليغ ويجب على النساء أن يكسرن جدار الصمت ويقمن بالتبليغ عن المعتدي ومتابعته، ما يتيح للمسؤولين في خلايا العنف أو مخافر الشرطة أو الدرك التحرك والبحث عن طرق الإثبات بكل الوسائل المتاحة بما فيها مراجعة كاميرات المراقبة إن تم الأمر في الشارع العام أو غيرها من الوسائل، لأن حتى في حالة العنف المادي الممارس في حق أي شخص تتم المطالبة بدليل يتمثل في تقديم شهادة طبية، لكن هذا لا يمنع من التبليغ والبحث عن وسائل تثبت ما تعرضوا له،وبالتالي فإن إشكالية طرق الإثبات تظل قائمة في العديد من الحالات، لكن المهم بالنسبة لنا هو كسر حاجز الخوف والتحلي بالجرأة اللازمة للتبليغ عن المعتدي ومواجهته على اعتبار أن متابعته قانونيا وجعله عبرة لأشخاص آخرين قد يكون حلا فعالا في الحد من مثل هذه السلوكات.

وذكرت عبده بأن هنالك أيضا العنف جنسي التي تتم ممارسته عبر الوسائط الإلكترونية، فمفهوم العنف الجنسي ساير تطور وسائل التواصل، فمثلاً حينما يُبادر شخص ما بإرسال صور جنسية أو فيديوهات إباحية عبر تقنية “الشات” أو إرسال صورة لأعضائه التناسلية فهذا يعتبر أيضا عنفا جنسيا، وحينما يرسل أحدهم عبارة “كوكو الزين”، فمن الممكن أن يدخل هذا أيضا في إطار العنف الممارس ضد المرأة.

وبخصوص تبرير العنف ضد النساء، قالت بشرى عبده بأنه يجب الاشتغال على محاربة العنف ضد المرأة بشتى أنواعه من قبل كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع سواء كانت جمعيات المجتمع المدني أو وسائل الإعلام، من أجل محاربة العقليات “الذكورية” التي تبرر دائما العنف ضد المرأة وتعتبر بأن المرأة هي المذنبة والمسؤولة عن العنف الممارس عليها، وتلقي اللوم عليها أو على طريقة لباسها”.

وخلصت المتحدثة إلى أن هنالك تقييد لتحرك المرأة في الفضاء العام وفي المجتمع بسبب العقليات “المتحجرة” و”المتخلفة” التي تبرر العنف ضدها، بدل أن تلقي اللوم على الرجل وتحاسبه على سلوكياته وأفعاله، وهو ما تباركه وتزكيه القوانين غير العادلة والمجحفة في حق النساء، إذ يجب سن عقوبات صارمة في حق الشخص المعتدي والمعنف للحد من العنف ضد المرأة، فمثلاً اليوم يمكننا الحديث عن القانون 103.13 الذي يرمي إلى محاربة العنف ضد المرأة لكن يظل مشكل وسائل الإثبات قائما، لذا فمن الواجب أن تتكفل الخلايا التي تشتغل على هذه الملفات بإثبات الوقائع من خلال البحث والتقصي.

 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *