النساء المعنفات.. بين جدار الخوف من التبليغ ونظرة المجتمع

العنف ضد النساء ظاهرة اجتماعية وثقافية معقدة، ولا زالت أرقام عدد المعنفات تعرف تصاعدا يوما بعد يوم، كما تنبه الجمعيات والهيئات القانونية إلى ضرورة الالتفات إلى خطر جرائم القتل في حق النساء والفتيات، وتعديل القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

العنف ضد النساء لم يعد يقتصر على الأماكن العامة والخاصة، بل تعدى ذلك إلى الفضاء الإلكتروني، حيث تتعرض المئات من النساء إلى التحرش أو العنف اللفظي أو لسلوكيات عنيفة أو حتى للتهديدات التي تضع حياتها المهنية والشخصية في خانة الخطر.

”شبح العنف” يطارد النساء على مواقع التواصل الاجتماعي

المندوبية السامية للتخطيط، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس، أعلنت أن ”العنف الإلكتروني بات يمثل 19 في المئة من مجموع أشكال العنف ضد النساء في المغرب، كما أن ما يقرب من 1.5 مليون امرأة مغربية هن ضحايا للعنف الإلكتروني بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية”.

من جانبه، كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه تم تسجيل ارتفاع عدد حالات التبليغ عن العنف ضد النساء، بالنيابات العامة، بين عامي 2020 و2021، كما أن ”عدد الشكايات المسجلة بالنيابات العامة سنة 2020، حول التبليغ عن العنف ضد النساء بلغ ما مجموعه 64251 شكاية، موزعة بين 53552 شكاية عادية، و10699 إلكترونية، وسجلت سنة 2021 ما مجموعه 96276 شكاية، وخلال سنة 2022 سجلت ما يناهز 75240 شكاية”.

ناقوس الخطر

جمعيات وهيئات حقوقية أكدت أنه من الضروري تعديل قانون 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ليضمن الوقاية والحماية وجبر الضرر مع عدم الإفلات من العقاب وتشديد الأحكام، حتى لا يتكرر ذلك، إضافة إلى إلغاء الفقرة المتعلقة بالتناول عن الشكاية الذي يحد من متابعة الجاني من قانون 103-13.

المطالبة بضرورة تعديل قانون 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، راجعة لعدم تضمن القانون الجنائي تعريفا واضحا لمفهوم الاغتصاب وهتك العرض، كما لا يجرم الاغتصاب الزوجي بنص خاص.

كما كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد أقر بـ”ضعف الخدمات الطبية المجانية المقدمة إلى الناجيات من العنف، والتي تقتصر على الشواهد الطبية، ولا تشمل الرعاية الطبية اللاحقة، وخاصة في حالة الاعتداء الجنسي”.

الخوف من التبليغ ونظرة المجتمع

يعد الخوف من نظرة المجتمع، الدافع الأساسي لعدم التبليغ عن ما تتعرض له النساء من عنف، سواء لفظي، جسدي، معنوي، أو الإلكتروني، بالرغم من تبني المغرب قبل بضعة أعوام قانونا يشدد العقوبات ضد التحرش الجنسي.

العديد من السياسيات أكدوا على ضرورة وجود حركة أممية عالمية ضاغطة على الشركات الكبرى الناشطة في مجال التواصل الاجتماعي، لوقف هذا العنف الرقمي، لحماية الإنسانية جمعاء.

ضحايا العنف الرقمي

الكثير من النساء المغربيات تعرضن للابتزاز وللاكراه الجنسي، وأيضا للتشهير، وللتنمر واقتحام الخصوصية، ونشر صورهن في أوضاع مخلة للحياء العام، كواقعة ”فتاة تطوان” التي كانت ضحية تصوير من قبل شخص قيل إنه مهاجر مغربي مقيم بالديار الهولندية، حيث حكم عليها بالسجن لمدة شهر واحد حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم، بالرغم من كونها هي “من تعرضت للابتزاز والتصوير دون علمها”، وفق ما أفادت به العديد من الحقوقيات.

ولا زالت النساء المغربيات تطمحن لتغيير الواقع في كل مرة، كخروج بعض الممثلات والفنانات والمؤثرات في الآونة الأخيرة، عن صمتهن بمنصة ”بغاتها الوقت”، لحكي قصص النساء المعنفات وإعطاء صوتهن لمن لا صوت لهن، للدفاع عن قضاياهن ومساعدتهن، هذه الحملة تضم كبسولات تعرض شهادات مؤثرة عن أوضاع النساء، وذلك بغرض إيصال معاناة العديد من الضحايا اللواتي يعانين في صمت والدفاع من أجل تغيير القوانين.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *