اللاجئون السوريون في المغرب ..من رحلة العبور إلى محنة اللجوء

 

بلادنا 24- صفاء بورزيق-

من المشرق إلى المغرب، سلكوا طريقا صعبا في رحلتهم، تركوا وراءهم أحلامهم وذكرياتهم وسط الحروب، باحثين عن السلم والسلام لهم ولأبناءهم، لعيش حياة مستقرة، إنهم أبناء سوريا، أبناء أصبحوا اليوم لاجئين في المغرب، منهم من استطاع الاندماج والتعايش، يكافح من أجل لقمة العيش، ومنهم من أرهقه الزمن وطفح به الكيل، لكن رغم ذلك يتحمل مرارة العيش.

المغرب بلد السلم والسلام

علي، في الثلاثينيات من عمره، استقر في مدينة الدار البيضاء، وهو قادم من مدينة ريف حماة، يشتغل بائعا للحلويات السورية، في إحدى الأحياء الشعبية السكنية، قال: “أحس أني في بلدي الثاني، أبناء المغرب يتعاملون معي برحمة، ولم أحس يوما أنني غريب أو أجنبي عليهم”.
ابتهال سيدة أربعينية، قادمة من طرطوس، بحسرة ودموع تروي لنا معاناتها في رحلة العبور هي وأسرتها، وكشفت في تصريح لـ” بلادنا 24″: “لم يكن الأمر سهلا في البداية، كان صعبا علينا التأقلم في بلد آخر غير بلدنا”.

وتحدثت ابتهال عن الصعوبات التي واجهتها بخصوص العادات والتقاليد، وعلى سبيل المثال الأكل الذي كان مختلفا تماما عن عاداتهم، مشيرة إلى أن اللغة شكلت لها ولأسرتها عائقا كبيرا في البداية، لكن رغم ذلك تجاوزت كل هذه الصعوبات على حد تعبيرها، بعد تعرفها على أصدقاء مغاربة ساعدوها ولم يبخلوا عليها بأي معلومة.

واعتبرت ابتهال أن المغرب بلد الأمن والسلم،اللذان افتقدتهما في بلدها سوريا، وما خلفته الحرب من جروح عميقة.
فيما تقول مارية،من مدينة الدار البيضاء، أن المغرب بلد التآزر والتعايش، كان سهلا عليها التأقلم مع أبناء سوريا، بعيدا عن العنصرية.

لم يكن الاندماج سهلا

الكثير من السوريين عانوا من مشكل اللغة، إذ أن جل المغاربة يتحدثون باللهجة العامية، أو اللغة الفرنسية، وهو الأمر الذي وضع عقبات أمام اللاجئين في تلقي فرص سانحة للشغل، وأيضا كان صعبا عليهم التكيف في المؤسسات التعليمية بالمغرب، فبعضهم يعتبر نفسه مهمشاً مقارنة مع المهاجرين الأفارقة.

الوضع العام للاجئين السوريين بالمغرب

و في هذا الصدد، أعلن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالرباط، أن عدد اللاجئين بالمغرب وطالبي اللجوء، ارتفع إلى نحو 15 ألفا و755 شخصا، والسوريون على رأس القائمة من حيث العدد الأكبر، وفقا لإحصائيات شتنبر 2021.
ويبلغ عدد الحاصلين على صفة لاجئ حوالي 8 آلاف و902 شخصا، ينحدرون من 48 دولة عبر العالم.
وتشير المعطيات إلى أن السوريين يتصدرون القائمة، بحوالي 4 آلاف و 419 شخصا، يستقر أغلبهم بمدينتي الدار البيضاء والرباط، وآخرون يتوزعون على مدن أخرى، يليهم اللاجئون من جمهورية إفريقيا الوسطى بـ868 شخصا، والكوديفواز بـ 379 شخصا، وجنوب السودان بحوالي 366لاجئا.

متسولون سوريون يغزون شوارع البيضاء

وتدفق المئات من السوريين على شوارع وفنادق، ومساجد الدار البيضاء، بسبب عدم وجود عائد مادي مهم، إضافة إلى عدم وجود فرص العمل، وهو الأمر الذي فجر مشاكلا اجتماعية انعكست سلبا على المجتمع المغربي.

فظاهرة تسول السوريين أصبحت من الظواهر المألوفة اليوم، حيث نجد عائلات سورية تحمل جواز السفر تبرر جنسيتها مطالبين المارة بالمساعدة.

زوار العاصمة الاقتصادية، أول ما يلاحظونه بعد زيارة معالم المدينة هو عدد المتسوليين عند كل إشارة مرور باحثين عن دريهمات لشراء لقمة العيش، ومنهم من طور من آلية الكسب.

و يقول أحمد مواطن مغربي، أن ظاهرة التسول أصبحت منتشرة بكثرة في شوارع البيضاء، يقضون نهارهم تحت أشعة الشمس، فبعضهم من امتهن التسول ويجمع منه أكثر من قوته اليومي، الأمر الذي جعله لا يميز بين المحتاجين والاستغلاليين منهم.

وللتسول أشكال مختلفة، فنجد نساءً وأطفالاً وأيضا كهولاً، وجدوا أنفسهم يلتحفون الخلاء ليلاً، ويبحثون عن لقمة العيش بين إشارات المرور نهارا، كل حسب طريقته، فمنهم من يتقدم للمارة أو سائقي السيارات طالباً منهم مالاً لشراء طعام لأولاده، ومنهم من يتسول بحجة المرض أو شراء الدواء.

فالسوريون الذين هربوا من بلادهم، وقدموا إلى المغرب، طامحين أن يحميهم من مرارة العيش وقساوته، نجدهم اليوم بالعشرات في الشوارع والأزقة، وبين دروب المدينة، يعيشون ظروفا وصفوها بالقاسية، إذ يتدافعون بين السيارات معرضين أنفسهم للأذية والخطر، لم يرحم ويشفق عليهم أحد،و يتعرض هؤلاء لشتى أنواع الاستغلال والتهميش والإهانات بأقوال وألفاظ نابية، وحتى للتحرش أحيانا،كما يتم استغلال فتيات سوريات لتلبية حاجات جنسية مقابل مبلغ مادي.

إيمان اسم مستعار ، في العشرينيات من عمرها، تقول أنها تتعرض يومياً للمهاجمة واللإنسانية، فكثير من الرجال يطلبون منها الصعود إلى سيارتهم، وذلك بمقابل مادي قدره 200 درهم، تلبية لغريزة جنسية، لكن على حد تعبيرها تجاوبهم بالرفض والشتم ، وأحيانا لا ترد عليهم، لكن رغم ذلك وبحكم ظروفها تتمم مزاولة مهنة “التسول” ، التي اعتبرتها مهنة مربحة تخرجها من محنتها وليست بعادة تستغل بها المغاربة.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *