العقوبات البديلة بين المنافع الاقتصادية والرفع من المسؤولية الاجتماعية

تطرح السياسات الجنائية في المغرب، إشكالات كبيرة، حين تفرضها التحولات الاجتماعية، والتي يتم فيها تقديم المنفعة الاقتصادية على المسؤولية الاجتماعية، لتدبير أزمة الجرائم واكتظاظ السجون.

ولقي تصريح وهبي الأخير، في البرلمان، حول تعديلات القانون الجنائي، والعقوبات البديلة، رفضا كبيرا، على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الرواد أن “شراء السجين لحريته”، سيزيد من ارتفاع ارتكاب الجرائم، وهو الأمر الذي اعتبروه غير لائق ويهدد سلامة المواطنين والمواطنات.

وقد كان ولازال تشريع العقوبات البديلة، محط اهتمام الهيئات الحقوقية المغربية، لسنوات طوال، بعد أن باتت نسب الاعتقال عموما والاعتقال الاحتياطي في المغرب خصوصا، تعرف ارتفاعا كبيرا.

سوء التواصل لا يليق بالمعلومة القانونية

ويرى متخصصون أن وزير العدل وهبي، أخطأ الوصف حين قال أن “السجناء بإمكانهم شراء حريتهم”، بدل أن يقول أن “السجناء الذي يقضون أقل من عامين، عليهم أن يؤدوا غرامة يومية، كجزء من نظام العقوبات البديلة”، وهو الأمر المعمول به في عدد من الدول، والذي يخص المواطنين الذين لديهم عقوبات بسيطة، والذين لا فائدة في سجنهم، لا للمجتمع ولا للمعني بالعقوبة السجنية.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قد كشف خلال الجلسة الشفوية، في مجلس النواب، الأسبوع الماضي، عن مقترح يخص أداء غرامات مالية، تتراوح ما بين 100 درهم و2000 درهم، عن كل يوم سجن لفائدة الدولة، الذي جاء ضمن تعديلات القانون الجنائي.

المنافع الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية

كما خول اقتراحه ضمن تعديلات القانون الجنائي، كبديل للعقوبات السجنية التي تندرج ضمن “الجنح”، إمكانية تحقيق منافع اقتصادية تحد من سلب حرية الأشخاص، وتطرح في نفس الوقت تخوفات كثيرة، قد لا تحفز سلامة المجتمع ولا تحقق المساواة بين أفراده، في حال عدم قدرة الفقراء على شراء هذه المدد بالمال.

ولازال التنصيص على العقوبات البديلة، يشكل محور انتظار عدد من الفاعلين الحقوقيين والمدنيين، حيث أن تطبيقها لا يقتصر فقط على أداء غرامة يومية، بل يتضمن أيضا السوار الالكتروني، وأداء خدمة عمومية تحقق منفعة عامة، كالعمل في المستشفيات أو دور الرعاية أو الجماعات الترابية أو غيرها.

هل العقوبات البديلة تعد حلا لأزمة الاكتظاظ في السجون؟

ويأتي هذا المقترح، كحل بديل لأزمة الاكتظاظ في السجون، والذي يدخل ضمن ما تسعى إليه الحكومة لتعزيز برنامجها الاجتماعي، من أجل جعل العقوبات البديلة للجرائم، الحل الأمثل لتجاوز الاكتظاظ، حسب ما صرح به وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

وفي مطلع يونيو الماضي، كان المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صلاح التامك، قد أشار إلى أنه بين أكتوبر 2021 وأكتوبر 2022، ارتفع عدد السجناء في المغرب بنسبة 10بالمئة، من 89 ألفًا إلى أكثر من 98 ألف معتقل.

وقد أثارت هذه الزيادة الكبيرة، أيضا أسئلة حول رعاية الأشخاص المحتجزين، مما جعل العقوبات البديلة، الحل الذي دافعت عنه إدارة الإصلاحيات في نونبر، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، كجزء من خطة العمل لعام 2023، أثناء تقديم ميزانية المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

وبحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فإن عدد السجناء في الحبس الاحتياطي، قد بلغ في المتوسط ​​40 بالمئة من إجمالي عدد المعتقلين حاليا في المغرب.

ووفق بيانات المديرية العامة، فقد بلغت هذه النسبة 39 بالمئة في عام 2019، قبل أن ترتفع إلى 45.7 بالمئة في عام 2020، ثم تنخفض إلى 42.19 بالمئة في عام 2021.

بلادنا24خديجة بوتشكيل

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *