أخصائية نفسية لـ”بلادنا24″: “الصيام يخفف التوتر ويُهدئ النفس.. والإنقطاع عن المخدرات هو سبب الترمضينة”

نشر في: آخر تحديث:

تُعد ظاهرة ” الترمضينة” في المغرب من بين السلوكيات الخطيرة التي ترافق الصيام لدى البعض خلال شهر التسامح والغفران.

وتتمثل هذه الظاهرة في زيادة معدل التوتر والقلق والغضب، الذي يمكن أن يتطور ويصبح عنفا لفظيا أو جسديا يؤدي في بعض الأحيان ولأسباب تافهة إلى وقوع جرائم قتل بشعة.

أسباب “الترمضينة” وكثرة الجرائم في رمضان

غالبا ما تكثر معدلات الجريمة خلال شهر رمضان، وخاصة قبيل موعد آذان المغرب، مما يجعل البعض يتساءل حول الأسباب والدوافع التي تجعل بعض الأشخاص لا يستطيعون التحكم في أنفسهم مما يؤدي بهم للقيام بجرائم عنف مختلفة خلال فترة الصيام.

وفي هذا الصدد، فإن الأسباب وراء “الترمضينة” وزيادة معدل الجريمة، بحسب بعض الخبراء فهو راجع إلى التوتر والقلق الناتج عن الإمساك عن بعض مسببات الإدمان مثل السجائر والمخدرات والقهوة، حيث أكدت معظم الدراسات أنه لا يمكن ربط الممارسات العنيفة بالصيام لأنه ثبُت علميا وطبيا منافعه التي تكمن في تعزيز الصحة النفسية وتحسين المزاج​.

وهذا ما أكدته الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الإجتماعي بشرى المرابطي لجريدة “بلادنا24″، حيث قالت:” من الناحية النفسية الصيام يهدئ النفس ويخفض التوتر، ولا يمكن أن يكون له ارتباط بـ “ظاهرة الترمضينة”، إلا في حالات الأشخاص المدمنين على استهلاك المخدرات وخاصة الصلبة منها، والذين يصومون غالبا بسبب الضغط المجتمعي، مما يجعلهم ينقطعون طوال فترة الصيام اليومي عن تلك المخدرات، الشيء الذي يجعل مستوى ودرجة التوتر والعنف يرتفع عندهم ليس بسبب الصيام وإنما بسبب انقطاعهم عن تلك المادة المخدرة..”.

وأضافت الأخصائية النفسية مؤكدة: ” كثرة الجرائم في رمضان ليست بسبب الصيام وإنما بسبب انقطاع فئة المدمنين عن المادة المخدرة كيفما كان نوعها، وفي بعض الحالات انقطاع المرضى النفسيين عن تناول الأدوية الخاصة بهم مما يجعلهم يخرجون عن السيطرة وخاصة إذا لم يكونوا تحت رعاية المستشفى وكانوا برفقة أسرهم، إذ يمكن أن يؤدي عدم أخذهم لبعض الأدوية خلال اليوم، إلى ارتفاع معدل التوتر فالغضب ثم العنف الذي يُفضي في بعض الأحيان إلى التسبب في جرائم قتل ضد الأصول أو الفروع أو الأقارب..”.

اكتظاظ الأسواق وعلاقته “بالترمضينة”

غالبا ما تعرف الأسواق في شهر رمضان اكتظاظا غير طبيعي مقارنة بباقي الشهور الأخرى، حيث يزداد إقبال غالبية الناس على شراء بعض أنواع السلع والمنتوجات التي تشكل ضرورة ولها ارتباط بمائدة الإفطار خلال رمضان.

ويكون هذا الاكتظاظ وسط النهار وخاصة بعد صلاة العصر، حيث يتوجه عدد كبير من الناس في نفس الوقت لشراء مستلزمات الإفطار، الشيء الذي يجعل الأسواق تعرف ضغطا واختلاطا بين جميع الفئات من الناس وباختلاف مستوياتهم الاجتماعية.

وحسب الأخصائية النفسية بشرى، فإن اكتظاظ الأسواق يجعل ظاهرة “الترمضينة” واضحة، حيث يؤدي الضغط الناتج عنه إلى ظهور بعض المشاحنات والمشادّات الكلامية بين المتجولين في الأسواق مما يتسبب في وقوع عنف وحدوث جرائم في بعض الحالات.

كما أشارت بشرى، إلى أن المدمنين على المخدرات يتوجهون في غالب الأحيان إلى الأسواق وبالتحديد قبيل آذان المغرب، من أجل افتعال المشاكل ومحاولة السرقة لتوفير ثمن المواد المخدرة قبل الإفطار، لتؤكد المتحدثة مرة أخرى أن هذه الأسباب هي التي تجعل ظاهرة “الترمضينة” والجرائم تكثر في رمضان، ولا علاقة للصوم بما يروج من عنف وسلوكيات منحرفة خلال الشهر المبارك.

وفي السياق ذاته، أشار موقع “كليفلاند كلينيك”، إلى أن هناك دراسة طبية حديثة تؤكد بأن الصيام يجعل الدماغ أكثر قدرة على تحمل الإجهاد والتأقلم مع التغيير، كما يساعد في تحسين المزاج والذاكرة ويخفض من حالات التوتر والقلق ويساعد في إعطاء القدرة على التعلم.

رمضان شهر الخيرات وبلوغ الغفران

يُعرف شهر رمضان، بشهر الخير والبركات والغفران، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: “أيها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله”.

وفي تصريح له، اعتبر محمد الحياني عضو المجلس العلمي بإقليم النواصر، أن ظهور بعض الأفعال والسلوكيات المشينة خلال شهر رمضان والتي يتم تصنيفها ضمن خانة “الترمضينة”، هي أفعال تتنافى بشكل تام مع أهداف الصوم، الذي يعتبر بمثابة حصن منيع يقي من الوقوع في الممارسات العنيفة.

كما أضاف الحياني أنه “انطلاقا من الشريعة الإسلامية وأحاديث النبي محمد (ص)، فإن الصيام يعتبر وقاية تمنع الصائم من أن يتعرض أو يعرض الآخرين للسب والشتم والخصومة وغيرها من الأفعال المشينة التي تنتشر خلال هذا الشهر الفضيل، والتي غالبا ما يكون سببها الرئيسي عدم القدرة على التحكم في الغضب من قبل المدمنين على تعاطي المخدرات بكل أصنافها، حيث تنفى الأفعال والسلوكيات غير اللائقة على الصائمين والذين يؤدون فريضتهم الدينية بطواعية.

اقرأ أيضاً: