تاهلة أو “بلدة العسكر”.. كيف عاشت حقبة حرب الصحراء في السبعينيات؟

تاهلة، أو “بلدة العسكر”، كما يصفها البعض، نسبة لعرف توارثته الساكنة لأجيال وأجيال، تتوجه بسببه أعداد غفيرة من أبناء المنطقة صوب المهن العسكرية وشبه العسكرية، وأبرزها الجندية في القوات المسلحة الملكية. وهو ما جعل البلدة المحسوبة على تراب إقليم تازة المنسي، تسجل حضورها بقوة في لائحة أبطال حقبة “حرب الصحراء” الضارية، التي خاضتها القوات المسلحة الملكية، عبر “الأحزمة الأمنية‬” لسنوات، ضد مرتزقة جبهة البوليساريو الانفصالية.

وأمام لجوء مرتزقة البوليساريو إلى تكتيك يعرف باسم “حرب العصابات المُنظمة”، في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، خاضت القوات المسلحة الملكية حرب الصحراء، عبر “الأحزمة الأمنية”، التي دارت في مناطقها معاركُ كثيرة. غير أن التنسيق المُحكم بين القوات البرية، والدعم الجوي، كبّد الجبهة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وللعودة بالزمن لحقبة “حرب الصحراء”، وإعادة إحياء تلك الأوقات التي مرت على “بلدة العسكر”، بحلوها ومرها، يروي محمد، جندي سابق، لـ”بلادنا24“، بعضاً من تمفصلات تلك الفترة الزمنية.

تاهلة وسط المعارك

يقول محمد، مستذكرا تلك الأيام التي وصفها بـ”العصيبة”، بالقول، إن “اليوم تعود بي الذاكرة لحدث كبير فيه مجموعة من الأحداث، ألا وهي الحرب ومعارك القوات المسلحة الملكية في مواجهة مرتزقة البوليساريو، وداعيميها الجزائر وكوبا وغيرها…”. متابعا: “هو حدث كبير كان كفيلاً بزعزة مدينة تاهلة ونواحيها مع كل معركة، من أمغالا-تيفاريتي إلى المحبس وغيرها”.

ويروي الجندي السابق في سلاح المشاة التابع للقوات المسلحة الملكية، مستطرداً: “عقارب الساعة تشير إلى السابعة صباحاً، تليها أنباء عن وقوع عدد من المعارك، وهنا تتحول الموجة في بيوت بلدة تاهلة والقرى المحيطة بها إلى إذاعة لندن، أو إذاعات أخرى في بعض المرات.. الكل يبحث عن الأخبار، ولم لا وفي كل منزل وفي كل دوار العشرات بل المئات من أبناء المنطقة يبصمون على البطولات والبسالة داخل هذه المعارك العنيفة.. لا هاتف ولا وسائل تواصل اجتماعي، سوى رسائل مكتوبة محمولة عبر ساعي البريد، أو عن طريق جندي عائد من الخدمة في إجازة قصيرة”.

غياب التكريم

يفصل محمد، ضمن حديثه، موضحاً: “في تلك الحقبة، كان الجندي يصل باللباس العسكري إلى المحطة محملاً بحقائبه، والكل يناظره بفضول ممتزج بفخر لامثيل له، هيبة وعظمة وشدة ورجولة منقطعة النظير”. متابعاً: “يصل الجندي العائد لمسقط رأسه إلى منزله بفرحة الأم والأب والزوجة والأبناء والعائلة والجيران والأصدقاء… جندي محارب في عطلة مؤقتة ليرتاح قليلاً ويمارس ما عليه من مهام إدارية وتسوق غالبا ما يتم بلباسه العسكري، وهو ينتظر في كل لحظة بترقب، مدركاً أنه من الممكن أن يتوصل في أي وقت باستدعاء للالتحاق بكل فخر لمواصلة كفاحه الوطني بإقليم الصحراء المغربية، وإن كان ذلك قبل انقضاء إجازته القصيرة..”.

“لحظات عصيبة عاشتها الأسر، وبطولات كبيرة كان أبطالها أبناء المنطقة ورفاقهم في القوات المسلحة الملكية، دفاعًا عن الوطن والمواطنين” يضيف الجندي السابق. مبرزا أن “أغلب هؤلاء الجنود البواسل متقاعدون الآن، إلا أن مسؤولي الشأن المحلي بالمدينة لم يسبقلهم القيام بأدنى التفاتة أو تكريم ولو بسيط مع الأسف، فما بالك إنشاء فضاء خاص لهذه الفئة التي تعتبر أساس بلدة تاهلة”، على حد قوله.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *