دعاء التوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي

في مرحلة من مراحل حياة الانسان، قد يقع في معصية معينة أو خطأ ارتكبه عن قصد أو غير قصد فأضحى مدمنه وأراد بعدها الرجوع إلى الطريق المستقيم تحت رحمة الله تعالى، وهنا نجد أن أكثر هؤلاء الأشخاص بحثا على مختلف محركات البحث تنقيبا عن دعاء التوبة.

التوبة في الاسلام

يمكن أن نعرف التوبة بكونها اعتراف الفرد بذنبه وتخليه عن أفعال الخطيئة بكل جوانبها وتفصيلها،  فيه واحدة من أبرز القيم الحميدة في الإسلام ومظهرا لكمال الدين.

ويقال في الإسلام عن التوبة “التوبة النصوح”، وهي تلك التي تشير إلى العودة إلى الله تعالى و أداء حقوقه، وعن صلاتها فهي عبادة تهدف بالتراجع عن الأفعال التي يكرهها الإنسان سواء كان ظاهرا أو باطنا، والعودة من الخطيئة إلى الطاعة والأعمال التي يحبها الله.

وعد الله سبحانه وتعالى بأن يغفر الذنوب لعباده التائبين، طالما لم يشركوا به شيئا، وبشرط أن يشعروا بعظمة الذنب ويرجعوا إلى ربهم بتوبة صادقة تسعى لنيل مغفرته والنجاة من عقوبته، حيث قال تعالى: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.

الإنسان بحاجة دائمة للتوبة النصوح، حيث قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

وفي هذه الآية الكريمة، يذكر الله تعالى عباده بأن التوبة النصوح والصادقة تجلب مغفرة الله ورحمته، وتأمل في نيل الفرد جنات تجري من تحتها الأنهار، ويذكر أيضا أن نور المؤمنين سيسعى أمامهم وبأيديهم وأيمانهم، فيرجون من الله تعزيز نورهم ومغفرته لهم، فهو قادر على كل شيء.

وبشكل عام، التوبة النصوح طريق للمسامحة والرحمة من الله، فهي حاجة ومبدأ ضروري للإنسان في حياته الروحية والدينية، ذلك أن الإنسان بحاجة دائمة للرجوع إلى الله وتقديم التوبة الصادقة وترك الذنوب ليعيش حياة مستقيمة وينعم بمغفرة الله ورضاه.

دعاء التوبة

يقال في دعاء التوبة من السنة النبوية الشريفة نقلا عن رسول الله، أنه قال  صلّى الله عليه وسلّم: “اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك”.

وهناك من يردد خضوعا و خشوعا وخوفا من الله، كتعبير عن رغبته في الرجوع للطريق المستقيم: “اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما أستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنبي فأغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد ظالم لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا”.

ويقال في حديث آخر كدعاء مستجاب للتائب: “اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، و أستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، و أستغفرك من الذنوب التي لايطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك”.

والدعاء المأثور الأكثر تداولا عن التوبة وطلب العفو عند الخطأ يقول: “ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا أصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين”.

دعاء التوبة النصوح

هناك العديد من الأدعية التي يمكن للمسلم أن يرددها صباح مساء على لسانه، تقربا من الله وإظهارا جليا لمدى رغبته في التوبة والابتعاد عن المعاصي، وفيما يلي نذكر لكم أبرز الأدعية الخاصة بالتوبة النصوح:

  1. يقال في التوبة النصوح: “اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يمحق الحسنات ويضاعف السيئات ويحل النقمات و يغضبك، يارب الأرض والسموات، اللهم أغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب أذنبته و تعمدته أو جهلته، و أستغفرك من كل الذنوب التي لا يعلمها غيرك، ولا يسعها إلا حلمك”.
  2. وطلبا للمغفرة يردد التائب: “اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجي عندي من عملي، سبحانك لا إله غيرك، أغفر لي ذنبي وأصلح لي عملي إنك تغفر الذنوب لمن تشاء، وأنت الغفور الرحيم يا غفار أغفر لي يا تواب تب علي يا رحمن أرحمني يا عفو أعفو عني يا رؤف أرأف بي”.
  3. ويقال أيضا: “ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين”.
  4. وطلبا للهداية والسير على خطى الطريق المستقيم: “ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب، ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه أن الله لا يخلف الميعاد، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحًا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي أني تبت إليك و إنى من المسلمين”.
  5. وفي زيادة الايمان ابتعاد عن المعاصي، يردد المؤمن قائلا: “رب أنزلني منازل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، وأجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأجعلنا من الراشدين، و أجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين”.
  6. ويقال في دعاء آخر: “ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرًا ومقامًا، ربنا أصرف عنا السوء والفحشاء وأجعلنا من عبادك المخلصين، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعف عنا. اللهم عافنا وأعف عنا في الدنيا والآخرة”.

فضل التوبة عند الله

 تحمل لتوبة إلى الله تعالى، في طياتها العديد من الفضائل التي ينبغي على الفرد أن يعرفها، وفيما بعض التفاصيل الخاصة بهذه الفضائل:

  1.  قد تكون التوبة هي السبب الأساس في محبة الله عزّ وجل، فإن الله يحب التوابين ويتقبل توبتهم برحمته وكرمه.
  2. تعفو التوبة عن السيئات وتقبل الأعمال الصالحة، فعندما يتوب الإنسان ويعود إلى الله، يمحى عنه ماضيه الخاطئ ويتم قبول جميع أعماله الصالحة.
  3. تؤدي التوبة النصوح إلى النجاة من النار والدخول إلى الجنة، فالتوبة الصادقة مصدر جلب المغفرة الله ورحمته، وبالتالي تحمي الإنسان من عذاب النار وتؤدي إلى دخوله الجنة.
  4. تساهم التوبة في فلاح العبد وتوجهه نحو الخير والصلاح، فعندما يتوب الإنسان وينقلب إلى الله، يجد نفسه في مسار التقرب إلى الله تعالى، الشيء الذي يؤثر إيجابيا على حياته وسلوكه.
  5. بالتوبة ينال العبد رحمة الله ومغفرته، فعندما يتوب العبد إلى الله بصدق، يمتد إليه برحمته ويمحو ذنوبه ويغفر له.
  6. تكون التوبة سببا في اكتساب الأجر العظيم وتعزيز الإيمان، فإن التوبة تعكس إيمانًا صادقًا وإرادة قوية للتغيير، وهذا ينتج عنه ثواب كبير وتقوية العلاقة بين العبد وربه.
  7. تمكن التوبة الإنسان من كسب الحسنات بعد السيئات، فعندما يتوب الشخص من خطاياه ويعود إلى الله، ويجد نفسه ملتزما بالطاعات ومحرزا على الأعمال الصالحة.

صلاة التوبة

علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية أداء صلاة التوبة، فقد روى الترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ‘ما من رجل يذنب ذنبًا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له'”، ثم قرأ هذه الآية: “والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم” (آل عمران: 135).

صلاة التوبة، هي صلاة مشروعة ومستحبة بإجماع العلماء، واستندوا في ذلك إلى عدة أحاديث نقلت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تتم صلاة التوبة من خلال أداء ركعتين بشكل فردي، حيث تعد من النوافل التي لا تصلى جماعة.

وينصح في تفاصيل هذه الصلاة، أن يستغفر المصلي ربه بعد الصلاة وأن يجتهد في فعل الخيرات مع الصلاة.

ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي توصية خاصة بقراءة محددة في هاتين الركعتين، لذا يحق للمصلي أن يقرأ ما يشاء من الآيات، حيث يمكن أداء صلاة التوبة في أي وقت دون استثناء، ويمكن للتائب أن يصليها مباشرة بعد ارتكاب المعصية أو بعد فترة من الزمن.

الأسئلة الشائعة

ماهو أحسن دعاء للتوبة؟

“اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك”، أو يقول: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”.

كيف يغفر الله الذنوب الكبيرة المتكررة؟

سبق لله تعالى أن قال في كتابه العزيز أنه يغفر الذنوب جميعا، بشرط أن تكون التوبة نصوحة والاقرار بالاقلاع عن الذنوب والعزم على عدم العودة.

هل يقبل الله توبة العبد ولو تكرر الذنب؟

نعم، وذلك لقول النووي رحمه الله: “لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته”

ما هي علامات قبول التوبة من الله؟

الاستقامة على الحق والهدى واحدة من علامات قبول الله لتوبة العبد، وهناك أيضا السير على الطريق المستقيم، وإذا واصل الشخص سلوكه الصالح وثبت على الطريق المستقيم بعد أن تاب إلى الله ورجع إليه، فهذا يعد من الدلائل على أن الله يساعده ويرضى بهذه التوبة. بالمقابل، إذا زال الشخص عن الطريق المستقيم وانحرف عن الهدى والحق، فهذا يشير إلى أن التوبة غير صادقة وأن الله قد لم يقبلها.

ما هي السورة التي يغفر الله بها الذنوب؟

سورة الملك، هي واحدة من أبرز السور التي تساعد المؤمن على التوبة وقبولها عند الله تعالى.
اقرا ايضا:
تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *