طلاق الشقاق.. مسطرة بين تفرقة الأسرة والحفاظ على تماسكها

شهد المغرب منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، ارتفاعا كبيرا في نسبة طلاق الشقاق، خصوصا بعد جائحة “كوفيد 19″، الذي ارتفعت به نسبة الطلاق بشكل عام.

وأوضح تقرير رسمي، صدر مؤخرا عن المحاكم، كون أنها استقبلت أزيد من 60 ألف حالة طلاق الشقاق في سنة واحدة.

وتتعدد أسباب الطلاق، حيث لا يمكن حصرها في سبب واحد فقط، لكن يعد أبرزها الضرب والعنف والإهانة والمشاكل المادية بين الزوجين، والتي غالبا ما تؤدي إلى طلاق الشقاق، حسب التقرير ذاته.

مسطرة تسلك لأتفه الأسباب وأبسطها

فاطمة الزهراء الشاوي رئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، ومحامية بهيئة الرباط، تؤكد على أن السبب الأساسي في ارتفاع نسبة طلاق الشقاق خلال السنوات الأخيرة، راجع لـ’’عدم رفض المحاكم لهذه الطلبات، وأيضا لكونه متاح للزوج والزوجة أيضا’’.

وتضيف المحامية في تصريح لـ’’ بلادنا24’’، أنه “بعد سنة 2004، ارتفعت نسبة الطلاق، خاصة الشقاق، مباشرة بعد دخول مدونة الأسرة حيز التنفيد، بسبب معاناة النساء من الطلاق الرجعي’’.

وتوضح المتحدثة، أن “طلاق الشقاق بالنسبة للرجل أمر جيد، فهو يلجأ إلى هذه المسطرة عزوفا عن مسطرة الطلاق الرجعي، مخافة اتهامه بالتعسف في استعمال حق إيقاع الطلاق، وأيضا تخفف من بعض المستحقات الخاصة بالطلاق، كالنفقة والعدة والمتعة في حالة كانت الزوجة هي المطالبة بالطلاق’’.

وأكدت الحقوقية النسائية، على أن ’’مسطرة تطليق الشقاق جد معقدة، بما فيها مسطرة الصلح، ومسطرة وساطة’’، مطالبة بـ’’الاقتصار على نوعين من الطلاق، طلاق الشقاق مع تغيير مسطرة الصلح وعدة مساطير أخرى، والطلاق الاتفاقي فقط، مع إلغاء جميع الأنواع الاخرى’’.

وسجلت المحامية، أن مسطرة طلاق الشقاق، ’’عرفت استحسانا كبيرا في البداية من طرف منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، غير أنه مع مرور الوقت، لم يعد تطبيق هذه المسطرة يتم بالشكل الجيد، حيث أصبح الأزواج يسلكونها لأتفه الأسباب وأبسطها’’.

للصلح بين الزوجين وليس للتفريق

ومن جهته، قال بدر الدين الحميدي، أستاذ بكلية الشريعة بفاس، إن ’’طلاق الشقاق من الناحية التشريعية هو وسيلة لحل النزاعات والمشاكل، حينما يصبح العيش صعب بين الزوجين، وقد يؤدي إلى العنف أو ارتكاب فعل غير محمود’’.

كما يضيف الحميدي، في تصريح لـ’’بلادنا24’’، أنه ’’يصعب القول بالغاء مسطرة الشقاق، فهو لم يأتي ليهدم الأسرة، بل جاء بشرع الله، وأخذته المدونة وصاغته بصيغة قانونية’’، مشيرا إلى أن ’’المشكل هو إساءة توظيف هذه المسطرة، التي تعتبر غير إجبارية لا في كتاب الله، ولا في مدونة الأسرة، فهي لا تدعو إلى التفكك الأسري وليس بها تضيق’’.

ويؤكد الأستاذ بكلية الشريعة، على أن ’’المقصود من الشقاق ليس التفريق، بل الحفاظ على التماسك الأسري. الأسرة يجب أن تكون في رعاية الحاكم والقاضي، فالله دعا لتدخلهم للحفاظ على الأسرة’’.

ويعتبر المتحدث، أنه “من الضروري وجود حكمان مؤهلان يتمتعان بالقدرة على الاقناع وحسن التواصل والدعوة إلى الإصلاح والحفاظ على لحمة الأسرة’’. مشيرا إلى أن “الله وعد الحكمان إذا قام بالإصلاح والتقريب بين الزوجين، بإعانتهم في عملهم’’.

وسجل الحميدي، أن المتضرر الأول من الغاء طلاق الشقاق أو مسطرة منها، هي ’’المرأة التي يمكن أن تعنف من الناحية النفسية والجسدية، وتصبح غير قادرة على طلب الطلاق’’. وأضاف أن “هذه الوسيلة جاءت لرفع هذا الضرر’’، مشيرا إلى أنه ’’ليس هنالك سبب لإلغاء هذه المسطرة، لأنها أصلا اختيارية، وما يجيب أن يكون هو إلزامية سلوك مسطرة الصلح، فالمقصود من هذه العملية هو الجمع بين الأسرة، وليس تفرقتها، فالنزاع وارد في جميع الأسر’’، على حد تعبيره.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *