محلل سياسي: زيارة دارمانان للمغرب مؤشر لقطع فرنسا مع السياسة التي كانت تتبناها في الماضي

شكلت الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، خلال اليومين الماضيين، للمغرب، بدعوة من نظيره، عبد الوافي لفتيت، (شكلت) منعطفا جديدا بخصوص العلاقة الثنائية بين البلدين، وتحديدا في مجال التعاون الأمني بين باريس والرباط، في سياق دولي يتسم بعدم الاستقرار، وكذا نوعا من الارتياح لمستقبل العلاقة التاريخية التي تجمع المغرب وفرنسا.

وبعد زيارات متكررة للرباط، من طرف مسؤوليين فرنسيين، منذ بداية السنة الجارية، جاءت زيارة جيرالد دارمانان، لإنهاء سنوات من شد الحبل بين باريس والرباط، وإرساء مرتكزات جديدة لبناء تصور واقعي لإعادة الدفء إلى العلاقات المغربية الفرنسية.

تكسير الجليد

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي، محمد شقير، إن “زيارة وزير الداخلية وما وراء البحار الفرنسي، تكتسب أهمية سياسية كبرى بين البلدين، في إطار ديناميكية تعاون متعدد الأوجه بين فرنسا والمغرب، للتصدي معا للتحديات التي تواجه كلا البلدين، خصوصا في المجال الأمني”.

وشدد محمد شقير، في تصريح لـ”بلادنا24“، على أن “الوزير الفرنسي، جيرالد دارمانان، كان من أشد المعارضين للسياسة الخارجية المغربية، ومن الموالين للجارة الشرقية، بحيت كان يعتبر الجزائر، تتميز بأهمية كبرى بالنسبة لفرنسا، أكثر من المغرب”. موضحا أن زيارته للرباط، “تأكد على القطع النهائي لفرنسا مع السياسة التي كانت تتبناها مع المغرب طيلة السنوات الماضية، والتي اتسمت بنوع من الجمود الذي خيم على رغبة البلدين في التعاون فيما بينهما”.

كتابة فصل جديد

وبالإضافة إلى هذا، أوضح المتحدث ذاته، أن “توالي الزيارات لمسؤولين فرنسيين إلى المغرب، على رأسهم وزير الخارجية، ستيفان سيجورنيه، تبين إلحاح فرنسا على كتابة فصل جديد في علاقاتها مع المملكة، وإعادة الدفء إلى العلاقة المغربية الفرنسية، إلى جانب عزمها تغيير موقفها وفق مقاربة حددها المغرب، والخروج من المنطقة الرمادية”.

التعاون في المجال الأمني

وبخصوص المواضيع التي تم التباحث بشأنها، أوضح المحلل السياسي، أن الإشادة الواسعة التي أبداها الوزير الفرنسي، بشأن التعاون الأمني بين فرنسا والمغرب، كانت محور اللقاء، “وهو ما يبرز دور الاستخبارات المغربية في حماية الأمن الإقليمي والدولي، بفضل التنزيل السليم للرؤية الملكية المستنيرة في المجال الأمني بأبعاده المتعددة، ومكانته في حماية مصالح العديد من البلدان الكبرى على، رأسهم فرنسا”.

ولعل ما يأكد ذلك، يضيف محمد شقير، هو “رغبة باريس في الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال الأمن، لتأمين التظاهرات الرياضية الكبرى التي ستنظمها، وخصوصا، الألعاب الأولمبية هذا الصيف، التي ستجمع مئات الآلاف من الأشخاص، مقابل التعاون في تأمين بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم التي سينظمها المغرب العام المقبل”. مشيراً إلى “نجاح المملكة في مساعدة قطر في تأمين مونديال 2022”.

مواجهة الإرهاب

وإلى جانب هذا، تسعى فرنسا، إلى تقوية قنوات تبادل الخبرات والمعلومات مع المملكة المغربية، من أجل استباق أفضل للمخاطر المتعددة، خصوصا المرتبطة بالأنشطة الإجرامية للجماعات الإرهابية، ومكافحة المخدرات، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية”، بحسب محمد شقير.

أزمة التأشيرات

وبالإضافة إلى الجانب الأمني، أكد المحلل السياسي، على أن لقاء وزير الداخلية وما وراء البحار الفرنسي، مع نظيره المغربي، شكل فرصة كذلك، لمناقشة أزمة التأشيرات، التي كانت موضع خلاف بين المغرب وفرنسا. مشددا على أن حل هذه المسألة، يعتبر “خطوة متقدمة لتعزيز علاقة التعاون بين البلدين”.

وفي هذا السياق، ذكر وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أن بلاده تمنح 300 ألف تأشيرة سنويا للمغرب. مشيرا إلى أن “المغاربة يعتبرون ثاني أكثر جنسية حاصلة على التأشيرة الفرنسية”. موضحا في الوقت ذاته أن “أزمة التأشيرات مع المغرب انتهت”، وفق ما نشرته إذاعة فرنسا الدولية “RFI”.

وكانت فرنسا قد قررت في شتنبر من عام 2021، تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغرب بنسبة 50 في المائة، للضغط عليه، لإعادة قبول مواطنيه المطرودين من فرنسا.

زيارات متكررة

وبعد أزمة غير مسبوقة بين البلدين، شهدت سنة 2024، زيارات متتالية لمسؤولين فرنسيين إلى المغرب، بداية بوزير الشؤون الخارجية، ستيفان سيجورني، نهاية فبراير الماضي، إلى جانب زيارة وزير التجارة الخارجية، فرانك ريستر، ثم الزيارة الأخيرة لوزير الداخلية، جيرالد دارمانين.

فيما يزور وزير الفلاحة، مارك فيسنو، المغرب حاليا، إلى غاية 23 أبريل الجاري. ومن المتوقع أيضا أن يزور المملكة، خلال الأيام القليلة المقبلة، زميله في الاقتصاد، برونو لومير، ووزيرة الثقافة، رشيدة داتي.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *