مُتطرفو 2.0.. “إما أن تكون في صفّنا أو لا تكون”

أمين الري/ كاريكاتير : عثمان غالمي 

“إنهم أقلية صغيرة تتظاهر بكونها أغلبية”، بهذه العبارة وصف الناشط الحقوقي، أحمد عصيد مجموعة من المحسوبين عن تيار إسلامي موصوف بـ”التطرف”، الذين باتوا يستغلون منصات التواصل الاجتماعي تارة، ومنابر المساجد تارة أخرى من أجل استعمال لغة التهديد والوعيد ضد جزء كبير من المغاربة، الداعيين لتعديلات حداثية في ما يخص مدونة الأسرة، تتماشى مع دستور البلاد وكونية وشمولية حقوق الإنسان المتمثلة في الاتفاقيات الدولية التي تسموا عن باقي التشريعات الوطنية، كما نصت على ذلك الوثيقة الدستورية، في ديباجتها بكون “الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة”.

إلا أن هؤلاء الإسلاميين، باتوا يجدون في منصات التواصل الاجتماعي مرتعًا، للضرب يمينا ويسارا، والتجييش ضد اليساريين والحداثيين، بلغة لا تخلوا من الوعيد والتكفير، الأمر الذي دعا فعاليات نسائية للاستنجاد بالنيابة العامة، من أجل فتح تحقيق في هذه التهديدات.

تهديد ووعيد على طاولة رئاسة النيابة العامة

ودخلت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، على خط وعيد وتهديد عدد من “المتطرفين”، معربة عن “استياءها شديد من موجة العنف والتهديد التي استهدفت مجموعة من المناضلات النسائيات بسبب آرائهن ومواقفهن الحقوقية، على إثر مساهمتهن في النقاش العمومي حول مراجعة مدونة الاسرة، هذه التهديدات التي لا يخلو منها الفضاء الرقمي وبعض الخطب والتصريحات والفتاوى، والتي تحرض على الكراهية وتهدف ترهيب المدافعين و المدافعات عن حقوق الانسان، واسكات أصوات النساء والحيلولة دون حقهن في التعبير والانخراط في الاهتمام بقضايا الشأن العام، في تعارض تام مع اختيارات المغرب الرسمية، ومع ما ينص عليه الدستور المغربي من حقوق للمواطنات والمواطنين، و ما ترسخه القوانين الوطنية ، و تتضمنه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”.

وأشارت التنسيقية التي تضم 33 جمعية حقوقية، إلى “أن الرسائل التي توصلت بها كل المناضلات النسائيات تشكل جرائم إرهابية يعاقب عليها القانون الجنائي، فإننا في التنسيقية النسائية واستحضارا منا لالتزامات المغرب الدولية ولمقتضيات الدستور التي تجعل من حماية الأشخاص في حياتهم وحرياتهم وسلامتهم النفسية والجسدية من صميم مسؤولية الدولة ومؤسساتها”، ملتمسة من رئيس النيابة العامة “اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والأبحاث القضائية الضرورية للكشف عن هوية الجناة ومتابعتهم وفق ما يقتضيه القانون، مع ضمان الحماية اللازمة للمناضلات النسائيات ضحايا العنف والإرهاب وكذا أسرهن”.

وفي الوقت الذي ينصّ دستور البلاد، في الفصل السابع بعد العشرين في الفقرة الخامسة، على “حظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف”، تأبى فعاليات محسوبة عن التيار الإسلامي إلا أن تعاكس الوثيقة الدستورية للبلاد، وكل ما كوني حقوقي، من أجل التجييش والتحريض عن العنف سواء اللفظي وقد يتجه للجسدي، كما تعرف الأمم المتحدة، خطاب الكراهية، كونه “يمس “العوامل المحددة للهوية” الحقيقية والمتصورة لفرد أو مجموعة، بما في ذلك: “الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو نوع الجنس”، ولكن أيضًا خصائص مثل اللغة، أو الخلفية الاقتصادية أو الاجتماعية، أو الإعاقة، أو الحالة الصحية، أو التوجه الجنسي، من بين أشياء أخرى كثيرة”.

عجز التيار المُتشدّد في الترافع يدفعه للتواصل الرقمي

لكن بالرغم من كل النصوص سواء في المواثيق الدولية أو في الوثيقة الدستورية إلا أنها لا تقنع هؤلاء، وهذه التصريحات المُستغلّة لمنصات التواصل الاجتماعي، باستعمال “كتائب إليكترونية”، تعتبرها فعاليات حقوقية وسياسية كونها تؤكد ضُعف أطروحة “المتطرفين”.

ويرى الناشط الحقوقي، أحمد عصيد، بكون “الحملات التي يشنها التيار الديني المتطرف سواء الإخواني منه أو السلفي سببها شعور هؤلاء بضعف مواقفهم في مناقشة مدونة الأسرة، فالترافع الذي قامت به الحركة النسائية والمنظمات المدنية الحداثية والعديد من الأحزاب السياسية وخاصة اليسارية، هو ترافع قوي وعميق، ومدجج بالدراسات السوسيولوجية وأرقام المؤسسات الرسمية حول الأسرة، كما أنه ترافع يسنده الواقع اليومي للمجتمع المغربي وتدعمه التطورات التي عرفها هذا المجتمع في العقدين الأخيرين منذ آخر تعديل للمدونة سنة 2004″.

ويشير عصيد، لـ”بلادنا24”  إلى أن “ما يميز هذا الترافع الحداثي الديمقراطي هو أنه اتخذ طابع القوة الاقتراحية التي تقدمت للدولة بوصف الواقع مع تقديم الحلول، وهذا بالضبط ما عجز عنه التيار المتشدد، فهو يهرب من الواقع ولا يريد الاعتراف بأعطاب الأسرة، لأنه يعتبر احتقار النساء والأطفال أمرا طبيعيا في الفقه التراثي القديم، ولهذا لا يقدم أية حلول للمشاكل المطروحة بل على العكس يعتبر أن ما نعتبره من مظاهر الظلم والتمييز يعتبره هو شرع الله الذي لا يمكن تغييره، ونظرا لشعور هذا التيار بضعف هذا الموقف لأن الدين لا يمكن أن يرمز للظلم والتمييز لأنه قابل للاجتهاد باستمرار أمام الواقع المتحرك، فإنه كعادته لجأ إلى تهديد الدولة والمزايدة عليها بالتطرف الديني متمنيا تقليص التعديلات المقبلة، والتي يعلم أنها لا يمكن تفاديها نظرا لمسؤولية الدولة في حماية حقوق النساء والأطفال”.

ولم يقتصر الهجوم والتهديد والوعيد، الصادر من التيار “المتطرف”، فقط بالنسبة للفعاليات الحقوقية، بل تجاوز الأمر للفاعل السياسي. وتبدأ الحكاية، عندما عبرت عدد من الفعاليات عن رفضها لاستخدام خطاب العنف والتحريض، في إحدى المنابر ضد حقوقيين وسياسيين يدعون لتعديلات حداثية وحقوقية لمقتضيات مدونة الأسرة، إلا أن مجموعة من المحسوبين عن التيار الإسلامي، أبو إلا أن يضربو يمينا ويسارا واتجه بعضهم لـ”التهديد بالحرب الأهلية”.

عنف وتحريض، دعا برلمانية فيديرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة الزهراء التامني، لتقديم سؤال كتابي لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، تدعوه من خلاله لمواجهة العنف والتطرف في المنابر، والتحريض ضد الحداثيين والفعاليات الحقوقية.

تجاهل الترافع المجتمعي والاصطياد في الماء العكز

لكن السؤال البرلماني لم يكن كغيره من أسئلة فيديرالية اليسار بمجلس النواب، بشأن اهتمام التيار الإسلامي، الذي غَضَّ طَرْفَه عن الكثير من الأمور التي ساءلت التامني فيها الحكومة المتعلقة بالفساد والضرب في القدرة الشرائية، لكن مناهضة التحريض والعنف والكراهية كان بالنسبة لهؤلاء “أمر جلل”، ولا يجوز تجاهله وإنما يتعين الهجوم عليها والتحريض عليها وتهديدها، وذلك من أجل منع كل من سوّلت له نفسه مواجهة خطاب الكراهية، إلا أنه لغرائب الصدف العكس ما وقع، ونالت البرلمانية تضامنا واسعا من فعاليات حقوقية نسائية، وحتى من إسلاميين معتدلين بعدينين عن الخطاب المحرم دستوريا ودوليا وفي ديننا الإسلامي.

ويقول عصيد لـ”بلادنا24“، في هذا الموضوع، “مهاجمة هذا التيار للأشخاص والتنظيمات فهدفه إرهاب هؤلاء الفاعلين وجعلهم يتقوقعون على أنفسهم ويتركون الساحة للمتطرفين وحدهم، وهذا بالطبع غير ممكن، لأن من حق التيار الديمقراطي أن يوضح أفكاره ويشرحها للمجتمع ويقدم المزيد من الأدلة التي تؤكد ضرورة الإصلاح”، مضيفا “وحتى نكون واضحين مع هذه الأقلية المتطرفة التي تزعم تمثيل المجتمع، نذكرهم بأن الدولة فتحت باب الاستشارة مع الجميع، وأن ممثلي الإخوان والسلفيين وكل مذاهب التطرف قد شاركوا في الاستشارة وتقدموا بمذكراتهم إلى الهيئة المشرفة، التي سلمت جميع المقترحات والآراء إلى الملك الذي يتولى التحكيم في هذا النزاع القيمي، ولهذا لا معنى للتهديد وممارسة الإرهاب والسلوكات الصبيانية التي وصلت إلى حد اعتلاء منابر الدولة يوم العيد وممارسة جرائم التحريض والتهديد من فوقها”.

ودعا المفكر الأمازيغي، أنه “على الدولة المغربية المضي قدما بتعديل مدونة الأسرة حتى تمكن النساء من القيام بواجبهن في رعاية أسرهن وحماية المصلحة الفضلى لأطفالهن والمساهمة في تنمية البلاد، لأن تهميش نصف المجتمع وممارسة التمييز ضده لا يمكن إلا أن يؤدي إلى عرقلة نهوض بلدنا واستقراره”.

تعديلات تقدمية مُزعِجة للإسلاميين

لكن لماذا كل هذا الهجوم على التيارات اليسارية المتشبعة بالأفكار التقدمية؟، والجواب ببساطة هي التعديلات التي قدمتها الأحزاب السياسية الإسلامية منها واليسارية بالإضافة للجمعيات النسائية المتشبعة بالأفكار التقدمية ونظيرتها التابعة لحزب العدالة والتنمية، من أجل تجويد مدونة الأسرة.

وعن هذا الموضوع، تقول البرلمانية فاطمة الزهراء التامني، عن حزب فيديرالية اليسار الديمقراطي، “قدمنا العديد من المقترحات للجنة الوصية، في كل ما يخص مدونة الأسرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر اتجهنا لمواجهة كل أشكال التمييز ضد المرأة، والإعلاء من المصلحة الفضلى للأطفال وتوازن الأسرة”.

وتضيف البرلمانية اليسارية، “نحن في حاجة للمساواة في الإرث، مع العلم أن النفقة هي من نصيب الرجل والمرأة على حد سواء، إذا كانت الزوجة ميسورة، وإلغاء كل ما يتعلق بالتعصيب”، مضيفة “نحن في حاجة كذلك لمدونة لغير المسلمين، وكل المقترحات التي تم تقديمها استحضرت البعد الحقوقي، وتتجه لمواجهة كل أشكال التمييز واستحضار مصلحة الأسرة”.

وبالرغم من المقاربة التشاركية في ما يخص مقترحات مدونة الأسرة، التي برّرها البعض بكونها ستواجه هذا التطرف والعنف، وتفادي إشكاليات مدونة الأسرة الماضية، لكن العكس ما وقع، لكن يبدو أن “أصوات التطرف” برزت بقوة ولكن باستهدافها لأشخاص بعينهم، وليس أفكارا وأطروحات.

هل يحاول الإسلاميون تقييد السياسيين قبل دخول المدونة للبرلمان؟

حول ذات الموضوع، يرى الباحث في الفكر الإسلامي ومستشار وزير العدل، محمد عبدالوهاب رفيقي، كون “الهجومات الرقمية  كانت متوقعة، وهناك تجارب سابقة  ما كان النقاش حول قوانين الأسرة تتعرض الفعاليات الحقوقية والسياسية التقدمية لهذا الهجوم”، مضيفا في تصريح لـ”بلادنا24” فقد “كان من الأنسب أن لا يكون هذا الهجوم بالأساس لأن منهجية تعديل مدونة الأسرة مختلفة تماما على السابق”.

ويضيف رفيقي، “لأنه سابقا كان صراع بين إديولوجيات مختلفة قبل أن يأتي التدخل الملكي ليكون حاسما، وتفاديا لكل هذا بدأت بالتدخل الملكي وعرض منهجية التعديل والسقف الذي يقوم عليه هذا التعديل وكان من المفروض أن يحسم كل هذا هذه الصراعات لكن بعض التيارات الإسلامية مصرة على اختلاق الصراعات لأنها ترى أن مدونة الأسرة هي تلك الشماعة التي يمكنها أن تعلق فيها فشلها التي راكمته سواء على المستوى السياسي أو الشعبي، وتحاول استعادة التوهج من خلال هذه الصراعات”، مردفا “إذا كنا نحتاج مصلحة الأسرة والمجتمع فنحن لا نحتاج هذه الهجومات”.

الباحث في الفكر الإسلامي، يقول في التصريح نفسه، “الحوار تحول لتهديدات وشتم واتهامات والعبارات المشينة هذا خروج عن المنهجية التي تكون في مجتمع وطني في إطار أن الجميع يبحث عن الهدف لصالح”، معتبرا أن “هذه التيارات لا تهمها إلا مصلحتها الشخصية وتهديد خصومهم والضغط لكي لا تكون تعديلات لا تعجبهم ولا تروقهم ولا تتماشى مع مرجعيتهم، وللأسف الشديد أن الأسرة اخر ما يفكر فيه هؤلاء ولا يفكرون إلا في الانتشار”.

وعن الهجوم عن الفعاليات السياسية التقدمية، من هذا التيار، ومدى تأثير هذه التهديدات والوعيد على مسار مدونة الأسرة في قبة البرلمان، يقول عبد الوهاب رفيقي “الفاعل السياسي سيكون له دور كبير في مناقشة مدونة الأسرة وفي التصويت عليها وتعديل المقترحات التي ستقدمها الحكومة، ولا أعتقد أن الفاعل السياسي يتعين عليه التأثر بها وتوقع أن يتعرض لهجومات لاسيما أننا نعلم بوجود تيارات متطرفة تهاجم كل من يخالفها”.

وخلص المتحدث، فيما يخص الهجوم على برلمانية فيديرالية اليسار، حول سؤالها الكتابي الرافض للتكفير والتحريض على الكراهية، أنه “في حال ما كان الأمر يتعلق بتهديدات تمس الأفراد، فيتعين على الدولة أن تتدخل من أجل مواجهتها بحزم وبقوة لتترك الحوار يأخد مساره الطبيعي”.

الصحافة لم تسلم من “الراديكالية”

إلا أن هذه الهجومات الصادرة من عناصر “راديكالية”، لم تعد تقتصر في تهديداتها وهجوماتها على الفعاليات الحقوقية والسياسية، لكن طالت كذلك الصحفيين.

ولعل أبرز مثال في الآونة الأخيرة، ذلك المتعلق بالزميلة فرح الباز، صحفية بموقع “كيفاش.كوم” وإذاعة “ميد راديو”، والتي نالت نصيبها من خطاب الكراهية، بشكل لقي استنكارا من الجسم الصحفي، ضد هذه السلوكيات البعيدة عن إسلام الوسطية والاعتدال، قبل أن تتجه للقضاء، من أجل مواجهة “حُرّاس المعبد”، الذين بالغوا في التهديد والوعيد ضد كل مخالف لهم في الرأي.

وحول العنف اللفظي، بالقالب الديني، الذي بات يتبناه هؤلاء بشكل ممنهج، تقول فرح الباز، “إن ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي من حملات عنف وتحريض، والتي تنامت مع ما يعرفه الفضاء العمومي من نقاش حول مدونة الأسرة، ليس بالأمر الجديد، فكثيرا ما لجأ من يعتبرون أن مفاتيح الجنة بين أيديهم إلى خطاب التحريض والعنف لمواجهة الأصوات النقدية أو كل من يخالف توجههم. هذا الخطاب التحريضي الذي يمارسه بعض فقهاء وشيوخ التطرف، ممن يوظفون التراث الفقهي لتغذية ميول الحقد والكراهية لدى أتباعهم، يعتبر من أهم محرضات العنف ومؤججات الكراهية داخل المجتمع”.

الصحفية فرح، تضيف في تصريحها لـ”بلادنا24“، “عادة ما تطغى على هذا الخطاب أساليب الهجاء والقذف والتجريح والشخصنة، لكنه من الممكن أن يتحول من مجرد خطاب إلى عمل فعلي، من خلال استهداف المعني به (أو المعنيين به) في سلامته النفسية أو الجسدية، لأنه عادة ما يلقى على مسامع صغار العقول أو من تسممت عقولهم بهذه النوعية من الخطابات”، متابعة في ما يتعلق بالاستهداف الممنهج، “لا يمكننا القول بأن المستهدف من طرف أصحاب خطاب التحريض والكراهية، شخصا بعينه أو مؤسسة ما، وإنما مشروع مجتمعي قائم على النقاش الحر والمسؤول وأخلاق الإحترام المتبادل والحسّ الإنساني”.

وشددت المتحدثة، “إن الانتشار الواسع للخطاب التحريضي أمر مقلق للغاية، خاصة أنه يمارس باسم حرية التعبير، ما قد يجعل عواقبه وخيمة، ولمواجهة هذا العنف، لابد من يقظة وطنية ضد خطاب الكراهية والتحريض لضمان عيش مشترك داخل مجتمع ديمقراطي حداثي ينعم فيه الجميع بالكرامة والعدالة والمساواة”.

وعن من يتحمل مسؤولية تنامي خطاب الكراهية، تقول فرح الباز، “المواطن طبعا يتحمل جزءا من المسؤولية لعدم تقديم الشكايات، لسبب أو لآخر، فالسكوت على مثل هذه الخطابات يشجع أصحابها على التمادي في غيهم، لكن انتشار هذا الخطاب يأتي نتيجة تراكمات ساهمت فيها بعض الجماعات السياسية والفاعل السياسي المتشبع بالفكر الاقصائي والاصولي، الذين استثمروا في هذا الخطاب، في سياقات معينة وطيلة عقود، لأغراض سياسيوية ومصلحية شخصية”.

وفي سؤال، حول ما إذا كان الصحافي اليوم بات يواجه العنف والتحريض والكراهية على غرار الفاعل الحقوقي والسياسي، تقول الصحفية بموقع “كيفاش.كوم”، “طبعا الصحافي اليوم بات عرضة لمختلف أنواع العنف والتحريض، شأنه شأن الفاعل الحقوقي والسياسي، لأن عمل الصحافي يتقاطع مع كل ما هو سياسي وحقوقي ومجتمعي. وقد يتعرض الصحافي للتحريض والعنف لا لشيء فقط لأنه مارس عمله”.

من جانبه، يرى هشام أعناجي صحفي موقع “كود“، أن “العنف الرقمي المرتبط بالأيديولوجية الدينية خصوصا الموجه ضد الصحفيين، يكتسي خطورة كبيرة، لأن دعاة هذا الخطاب لا يؤمنون بدولة المواطنة والحق والقانون، بالنسبة لهم ان تكون صحفيا تنقل اراء فئة تختلف معهم فكريا واديوبوجيا فأنت عميل وصهيوني وكافر وملحد”.

ويضيف الزميل أعناجي في تصريح لـ”بلادنا24“، بالنسبة لي، أتابع تصريحات بعض شيوخ السلفية بالمغرب وتعليقات اتباعهم في وسائل التواصل الإجتماعي، هؤلاء يشكلون ظاهرة صوتية فقط، لكن خطورتهم تكمن في التحريض الذي قد يؤدي الى العنف والارهاب”، مشيرا في نفس الإطار لظهور “حدة هذا الخطاب التحريضي في نقاش مدونة الاسرة، حيث لا يزال بعض هؤلاء السلفيين منخرطين فِي حملة التهويل والتخويف، معتبرين انسفهم الفرقة الناجية التي كلفها الله لانقاذ الدين من سفلة المجتمع كما سماهم الداعية الفايسبوكي مول الفوقية”.

وتابع هشام أعناجي، “اللذين يكفرون بالديمقراطية والدستور والبرلمان والمجالس المنتخبة والإدارات الحديثة والتوزانات المالية والأبناك، هؤلاء مكانهم الرقة وليس أكادير ومراكش والرباط والعيون التي تحكمها القوانين الوضعية في جل المجالات”.

اتهامات بالعمالة وخدمة أجندات غربية

أما بخصوص الناشط الحقوقي خالد البكاري، فيُعدّد  ردود فعل التيار الإسلامي بخصوص التعديلات المرتقبة على المدونة تتراوح بين ثلاث مواقف.

الأول، اكتفى بالتذكير بمواقفه المعروفة المنتصرة لجعل الكلمة الأخيرة فيما يخص التعديلات للعلماء المشهود لهم بالأهلية في العلم الشرعي، وهذا هو موقف جماعة العدل والإحسان، والتي لم تنغمس كثيرا في هذا النقاش، على اعتبار أنها لا تفصل اي إصلاح قانوني عن تغيير منظومة وفلسفة الحكم برمتها.

الموقف الثاني، يمثله حزب العدالة والتنمية وخلفه حركة التوحيد والإصلاح، والذي يحاول استغلال هذا السياق للعودة من جديد، من خلال محاولة استرجاع ورقة تمثيله للقاعدة المحافظة، وهي التمثيلية التي تضررت كثيرا من سنوات مشاركته في الحكومة.

الموقف الثالث، وهو الأعلى صوتا، والأكثر مزايدة، ويتمثل في التيار السلفي، الذي عادة ما ينشط بقوة في ميدان العمل الاجتماعي الإحساني، وفي القضايا المرتبطة بالهوية (الإفطار العلني في رمضان، العلاقات الرضائية، المهرجانات الفنية،،،).

ويشير البكاري في تصريح لـ”بلادنا24“، أن الملفت كون التيار السلفي هذه المرة اشتغل بنوع من البراغماتية، فلم يهاجم مؤسسات الدولة أو يتهمها بالتفريط في ثوابت الشريعة، بل وجه هجومه نحو من يسمهيهم العلمانيين والمستغربين، متهما إياهم بخدمة اجندات اجنبية، وقدم نفسه مدافعا عن القيم الإسلامية في مواجهة الضغوط الأجنبية، ومنافحا عن المذهب الرسمي للدولة (المالكي) مستفيدا من كون الفقه المالكي قي قضايا الأسرة لا يختلف عن باقي المذاهب الأقل انفتاحا على هذا المستوى، (التيار السلفي بالمغرب نجح في إنتاج خطاب يستثمر المذهب المالكي عوض الاستمرار في إعادة تدوير الفقه الحنبلي الذي تم استيراده مع الوهابية ولواحقها، ولكن يؤوله بعيدا عن المقاصد، ويعيده لمربع القياس).

ويضيف الناشط الحقوقي، “كما أن التيار السلفي بدوره انتبه إلى أنه يمكن الاستفادة من وجود مؤسسة إمارة المؤمنين التي لم يعد يشكك فيها، بل بدأ يسلك نفس المسلك البراغماتي الذي بدأته حركة الإصلاح والتجديد ثم التوحيد والإصلاح في الدعوة للاحتكام إليها في مواجهة مطالب الحركة الحقوقية”.

وعن الهجومات ضد الفعاليات الحقوقية، وأبرزهم برلمانية فيديرالية اليسار يقول البكاري، “طبعا، لا يمكن إنكار وجود عنف لفظي في الاتهامات التي وجهها السلفيون خاصة للحركة الحقوقية والنساء، ولبعض الأحزاب اليسارية، ولشخصيات تدافع عن الحداثة والعلمانية، ولكن اعتقد أننا لم نصل للحدة التي كانت قبل 20 سنة، في السياق المرتبط بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”، مضيفا “لذلك اعتقد ان هذه الملاسنات متحكم فيها، وستمهد لخروج التعديلات بشكل سيجعل الجميع مرحبا بها، فالحركة النسائية والحقوقية والداعمون لمطالبهم، ينافحون انطلاقا من الدستور الذي يقر بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ( اتفاقية سيداو اساسا)، والتيار الإسلامي وخاصة السلفي يدعم مرافعاته بمركزية مؤسسة إمارة المؤمنين، والالتزام الملكي بألا يحل حراما أو يحرم حلالا”.

وخلص المتحدث، “سيعتبر الحداثيون انهم انتزعوا بعض المكاسب في سياق داعم للمحافظة وسيدعي إسلاميو المؤسسات ومشايخ السلفية انهم نجحوا في إبطال مقتضيات مخالفة للشرع (خصوصا انهم يروجون لوجود بنود في النسخة التي قدمتها اللجنة للنظر الملكي مخالفة للشرع، والحال ان لا علم لهم بما فيها، ولكنهم يهيؤون جمهورهم للاحتفاء بنصر رمزي صنعوه عبر التهويل والتخويف مما يتم التحضير له)، ولكن رغم كل ذلك، يبقى هذا السياق المشحون بالملاسنات، فرصة للتمرين على الاختلاف، وإن كان يغلب عليه الافتقار للحجاج العلمي، والاعتماد على بلاغة التخويف والتضليل والتحشيدث.

اتهامات لم تسلم منها المؤسسات الدستورية

ولم يقتصر الإسلاميون في خطاب الكراهية والتحريض ضد أصوات معارضة للتيار “المتطرف”، بل اتجهوا لنشر الإشاعات، لاسيما في ما يتعلق في مدونة الأسرة، مؤخرا باعتبارها موضوع الساعة.

ويرى المحامي والناشط الحقوقي، نوفل البعمري، أنه “منذ انطلاق النقاش حول تعديل مدونة الأسرة عادت بعض الأصوات للخروج بتصريحات غريبة، شاذة، تستهدف التعديل و كل ما يطالب بإقرار مراجعة شاملة للمدونة تحقق المساواة و الكرامة للمرأة بشكل خاص و لباقي أطراف الاسرة المغربية خاصة منها الطفل”.

البعمري، يضيف في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “هذه الأصوات المنتمية للتيار الديني بالمغرب، هي أصوات تتعمد تهييج الشارع ضد المطالبين بتعديلات من زاوية حقوق الانسان و مرجعيتها الكونية، و تستهدفهم بشكل مباشر حتى وصل للأمر للمس بهم وللتشهير بهم و التشكيك في “إيمانهم” مع ما يترتب عن ذلك من أثر وفقاً للمرجعية الدينية التي تحكم مروجي هذه الشعارات والاتهامات البعيدة عن الدين الإسلامي السمح، حتى طالت هذه الإتهامات مؤسسات دستورية على رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مستعملين في ذلك الترويج للإشاعات مع العلم أنهم لم يطلعوا على مقترحات اللجنة التي تم رفعها للملك عن طريق رئيس الحكومة”.

يتابع الفاعل الحقوقي، “موجهة التهييج هذه، يصل للتهديد و التحريض و قد يشكل كل ذلك خطراً حقيقيا على المطالبين بتعديل مدونة الاسرة من زاوية حقوق الإنسان خاصة بعض الأسماء التي يتم استهدافها بشكل مباشر، مما يُسقطهم في وضعية مخالفة للقانون خاصة و أن هذه التصريحات تصل لدرجة التحريض ضد هذه الأسماء، مما يجعلهم محرضين على المس بحياتهم، ويهددون الأمن العام و الحياة الخاصة لهؤلاء”.

“طبعاً نحن مع أي نقاش لهذه التعديلات، لكن من الأخلاقي انتظار ما سيتم الإعلان عنه من مقترحات و انذاك يمكن للجميع المساهمة في النقاش وفقاً للمرجعية التي تحرك كل طرف في احترام لقواعد الاختلاف، لكن أن يتم استهداف أعضاء اللجنة التي تم تعيينها و الترويج للإشاعات، و استهداف الأفراد و المؤسسات في معركة اديولوجية تحريضية على العنف المادي مادام أن هذه التصريحات تصل للعنف الرمزي، المعنوي فهو أمر مرفوض، و يجعل هؤلاء المحرضين تحت طائلة القانون و هو ما يجب التصدي له وتنبيه المجتمع لخطورة هذه التصريحات و يجعل من ضرورة تحريك المتابعات القانونية في حقهم أمر واجب مادام أنها ترقى لمستوى المس و تهديد حياة من تطالهم تلك التصريحات المحرضة عليهم”، وفقا لتعبير المتحدث.

ضرورة التدخل بحزم

وعن الهجومات على فعاليات يسارية بسبب دفاعها عن الحداثة، ومقترحاتها في ما يخص مدونة الأسرة، ورفضها خطاب الكراهية والتطرف، يقول نوفل البعمري، “هناك مؤسستان يجب أن يلعبا دورهما الكامل في تقعيد النقاش وفقا للقانون و تأطيره من زاوية نظر مغربية سواء على المستوى الديني او المستوى الإعلامي، يتعلق الأمر بدور الخطباء و المساجد في ضرورة أن يكون لهم دور في التصدي لكل الظواهر الصوتية التي تريد استغلال الدين الإسلامي من أجل استهداف المطالبين بتعديل مدونة الاسرة، التي تريد مزاحمة الحقل الرسمي الديني و تقديم نفسها كمدافعة عن الدين الإسلامي، و كبديل عن دور مؤسسات الدولة في هذا المجال”، مضيفا “ثم هناك الإعلام الذي يواكب هذا النقاش، لكنه اليوم يجب أن يساهم في توعية المغاربة و تحسيسهم بخطورة هذه التصريحات و عدم الانسياق وراءها و انها لا تتعلق بحرية الرأي و التعبير بل هي انتهاك لهما و تشكل تهديدا لحياة الأفراد الذين يتم استهدافهم”.

وعن التدوينات الصادرة من عناصر تحث على الكراهية، يقول المحامي، “يبقى وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لرقابة الدولة، لكن كلما كان هناك تصريح يتم بثه يشكل تهديدا و مسا بحياة الأفراد و الاشخاص و تحقيرا للمؤسسات يجب على النيابة العامة ان تتدخل تطبيقا للقانون”.

خطاب راديكالي برؤية ثقافية وتاريخية

إلا أنه في يُطرح التساؤل، هل بإمكان ترجمة هذا العنف اللفظي، والراديكالية الدينية على أرض الواقع، هو الأمر المرفوض جملة وتفصيلا، حول نفس الموضوع، يرى الباحث في الخطاب الديني، أسامة الطايع، “الحديث عن خطاب ديني راديكالي على مستوى المشهد المغربي ، يجب ان ينظر لها في إطار السياق الثقافي والتاريخي المغربي فضلا عن السياقات اجتماعية ، والتي لا تصل في الغالب الى مستوى تنفيذ التهديدات بالنظر الى توازنات القوى السياسية التي تتفادى الصدام المباشر”، في إشارة لما حدث في عدد من البلدان، لعل اخرها مصر، قبل وبعد حكم الإخوان المسلمين.

ويستدرك الطايع في تصريح لـ”بلادنا24“، “لكن التهديدات الحالية تتلخص في كونها عنف لفظي وتستخدم مصطلحات قاسية في نقاشات جانبية بعيدا عن الوثيقة الحقيقية وهي خلاصات اللجنة المحدثة لهذا الغرض والتي لحد الأن لم نرى منها غير تسريبات مشكوك في صحتها”، مضيفا “التهديدات الحالية هي الية لكسب رصيد سياسي خصوصا مع تدهور الوضع السياسي للتيار الإسلامي بعد انتخابات شتنبر الشهيرة”، في إشارة لـ12 مقعدا من نصيب حزب العدالة والتنمية ممثل الإسلام السياسي في المشهد السياسي الوطني (من داخل المؤسسات).

أما في ما يخص التهديدات التي تطال الفعاليات السياسية، بسبب مواقفهم وآرائهم حول مدونة الأسرة، أو الرافضين لخطاب العنف والكراهية، يعتبر الطايع، كون الفاعل السياسي خصوصا الممثل بالبرلمان يبقى “أمام اكراه وحيد وهو كيف يمكن كسب المزيد من الرأسمال السياسي خلال الصراع الحالي حول تعديلات المدونة بالتالي سوف نرى مزايدات سياسية مستبقلا لا تحترم اي خطوط سياسية سواء يمينية او يسارية وكذا تماهي خطوط المعارضة مع الأغلبية وذلك بالنظر الى حساسية الورقة امام السياسي في علاقته بقواعده السياسية”.

لا تأثير للبرلمان في مدونة الأسرة

وفي سؤال عن تأثير هذه التهديدات ضد الفاعل السياسي، باستعمال الخطاب الديني، على مسار تعديلات مدونة الأسرة خلال مناقشتها في البرلمان، يقول الباحث في الخطاب الديني، “لا أظن ذلك لإعتبار وحيد وهو كون إحداث اللجنة خارج العمل البرلماني، يأتي لحصد التوافق ، إذ يبقى النقاش بهياكل البرلمان نقاش صوري خلاصته التصويت بالإجماع ، وهو أمر تطبع معه الفاعل السياسي في إطار شعار الخصوصية المغربية”، مُذكّراً بـ”أنه كلما وصل النقاش للباب المسدود يتم إخراج التشريع من المؤسسة البرلمانية بهدف تكوين توافق سياسي لتمريره بشكل سريع وهذا أمر يضعف العمل البرلماني ويعطي احتمالية رفع مؤشر تسرب أخطاء تشريعية للنص القانوني ومعها التكلفة المالية”.

إلا أن هذه الخطابات تُحيلنا لعديد الأسئلة، لعل أبرزها عن ما إذا كان خروج الإسلام السياسي للعلن، قد ساهم في إضعافه في المشهد السياسي، لاسيما مع هذه الخطابات “الراديكالية”.

تراجع التعاطف مع الإسلام السياسي

ويؤكد تقرير لـ”باروميتر عربي“، عن تراجع دعم الإسلام السياسي في المغرب، حيث كان في عام 2006، 6 من كل 10 أشخاص تقريباً (58) بالمئة، يقولون إن القادة من رجال الدين يجب أن يكون لهم نفوذ على القرارات الحكومية، تراجعت هذه النسبة بثبات لتبلغ 21 بالمئة فقط في عام 2018.

وهي نفس المرحلة التي كان يقودها حزب العدالة والتنمية، مدعوما بباقي تيارات الإسلام السياسي الغير مشاركة في أجهزة الحكم، ولا تشارك بشكل رسمي في الاستحقاقات الانتخابية، كما هو الشأن بالنسبة للعدل والإنسان والتيارات السلفية، وهو ما يطرح أكثر من سؤال عن ما إذا كان الحكم من نصيب الإسلاميين يتراجع دعمهم لحكم رجال الدين أو السياسيين ذو المرجعية الدينية، ولعل الهزيمة القاسية لحزب العدالة والتنمية في انتخابات الثامن من شتنبر خير دليل على فشل مستعملي الخطاب الديني في إدارة المشهد السياسي.

لكن كل هذا يُحيل لطرح للتساؤل، ألم يكن حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله بنكيران، أوّل الداعيين والمُشرعين، لهذا لهجوم بعدما تفنّنو في الهجوم على رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، واصفين مذكرتها بالمارقة، قبل أن تتناوب عناصر “كتائب البيجيدي” في جلدها مساء نهار بالمقالات في المنصة الحزبية للإسلاميين، لا تبرير فيها ولا حجج إلا ما يدور اتهامات وخطابات لا يمكن وصفها إلا بـ”الراديكالية المحرضة”.

قبل أن يتجه بعدها عبد الإله بنكيران، ورمي سهامه على حلفاء الأمس واليوم، ويتعلق الأمر بحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لا لشيئ إلا كونهم قدّموا مقترحات بنفس حقوقي في ما يخص مدونة الأسرة، لكن يبدو كون رئيسة الحكومة الأسبق كان يُريد لشكر وبنعبد الله، بـ”الفوقية والسواك” وتحويل أحزابهم اليسارية لمرجعية إسلامية.

فهل سيعود الإسلاميون مجددا بعد “أزمة الثامن من شثنبر” عبر بوابة مدونة الأسرة؟، سؤال يطرح نفسه لكن يبقى مستبعدا لحجم الغضب على مرحلة “البيجيدي” لا تقلّ سوءا على مرحلة “الميلياردير” أخنوش، فقط هناك من رأس ماله خطاب ديني، واخر ثروة بالملايير.

تحفظات “سيداو”

وما تزال المغرب لديها مجموعة من التحفظات بخصوص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

1. فيما يتعلق بالمادة 2 التي تنص على :

“تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:

(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة،

(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة،

(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي،

(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛

(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة،

(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة،

(ي) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة”.

cedaw

لكن في نفس الوقت ما تزال المملكة، متحفظة على أن لا : تخل بالمقتضى الدستوري الذي ينظم قواعد خلافة عرش المملكة المغربية، وألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأحكام الواردة في قانون الأحوال الشخصية المغربي التي تمنح المرأة حقوقا تختلف عن الحقوق المقررة للرجل لا يجوز المساس بها أو إلغاؤها لأنها مستمدة بالدرجة الأولى من الشريعة الإسلامية التي تسعى، من بين أمور أخرى، إلى أهدافها، تحقيق التوازن بين الزوجين من أجل الحفاظ على تماسك الحياة الأسرية.
2. فيما يتعلق بالفقرة 4 من المادة 15:
تعلن حكومة المملكة المغربية أنها لا تستطيع الالتزام بأحكام هذه الفقرة، ولا سيما تلك المتعلقة بحق المرأة في اختيار محل إقامتها ومسكنها، إلا بالقدر الذي لا يتعارض مع المادتين 34 و 36 من قانون الأحوال الشخصية المغربي.

Capture

3. فيما يتعلق بالمادة 29:
لا تعتبر حكومة المملكة المغربية نفسها ملزمة بالفقرة الأولى من هذه المادة، التي تنص على أن أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية ولا تتم تسويته عن طريق التفاوض، يجب أن يتم، في عرض طلب أحدهم على التحكيم.
وترى حكومة المملكة المغربية أن أي نزاع من هذا النوع لا يمكن إحالته إلى التحكيم إلا باتفاق جميع أطراف النزاع.

aRTICLE 29

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *