من يكون هشام الدكيك الذي يجيد صنع الفرجة وتحقيق الألقاب؟

وصفه الاتحاد الدولي “الفيفا” بالخبير الاستراتيجي، وقيل عنه إنه شخص خجول لا يتكلم كثيرا، ولكنه يجيد صنع الفرجة وتحقيق الأحلام والألقاب، اقترن اسمه بالإصرار والعزيمة وصناعة المجد، في المشهد الرياضي المغربي والعالمي، كتب اسمه في التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز، حين قاد أسود القاعة إلى المجد العالمي، وفجر ينابيع الفرح في قلوب المغاربة، الذي حملهم على جناح الحلم، حين حقق المستحيل مع منتخب الفوتسال، حتى بات رقما صعبا على الصعيد العالمي. فمن يكون هشام الدكيك، الذي صنع منتخبا لم يكن أحد يتوقع أن يصل إلى وصل إليه من سؤدد ورفعة، وقدم للفريق الوطني والمغاربة كل شيء؟

موهبة خلقت من رحم المعاناة

ولد هشام الدكيك في حي شعبي بمدينة القنيطرة، في السادس من ماي عام 1972، وهناك ترعرع طفلا وركض بين أزرقة وشوارع مدينته، حيث نشأ وترعرع وحيث آمن بموهبته وبقدراته، في وقت كان فيه البعض يراه يغرد خارج السرب، وأن أحلامه لا تتجاوز سقف مخيلته، إلا أن كل هذا لم ينل من عزيمة الطفل الحالم، ليرسم لنفسه طريقا لم يكن سهلا سلوكه وخوض غماره.

تخلى عن مساره في كرة القدم، وجذبته الكرة المصغرة، تلك الرياضة التي يعشقها ويعرف تفاصيلها الصغيرة، فأصبح وفيا لها ولحلمه، لعب في فريق أجاكس القنيطري منذ عام 1990، برئاسة محمد الجامعي آنذاك، الذي آمن بشعلة الحلم المُتقدة في قلب هذا الشاب، وحمل الدكيك مهمة اللعب وتدريب الفريق في الوقت نفسه، لتكون تجربته الأولى في قيادة التشكيلة الخماسية، في وقت لم يكن مسؤولو الكرة المغربية يؤمنون بنوع رياضي يراكم عقودا من الممارسة في الأوساط الشعبية المغربية.

وبعد توالي السنين حمل أخيرا هشام الدكيك على عاتقه مهمة قيادة المنتخب المغربي داخل القاعة سنة 2010، بدون عقد أو مكافآت أو حتى حوافز، متسلحا بحب ما يجيد فعله ومتوشحا رداء العزيمة والإرادة، ومكنه غوصه في البحث والتطوير وابتكار الطرق والخطط والمهارات، من انتشال أسود القاعة من القاع إلى القمة، حتى أضحى مثالا يحتذى به، مجسدا مقولة “الأبطال يولدون من رحم المعاناة”، ليدخل بها العالمية من أوسع أبوابها وهي تقول له هيت لك.

في بداية إشرافه على تدريب المنتخب الوطني، شاء القدر أن يتعرض الرجل العصامي لحادثة سير، عندما كان في طريقه إلى مدينة تطوان لمتابعة بعض اللاعبين في مباراة للبطولة الوطنية، بُغية ضمهم للمنتخب الأول، إلا أن الحادث الأليم أقعد صانع إنجازات المغرب في الفوتسال، في المستشفى العسكري لأسابيع طويلة.

من القاع إلى القمة.. بداية الكفاح

لا يختلف محللان أو خبيران على أن المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة، كان يعاني سوء النتائج، قبل استلام هشام الدكيك لمهمة قيادته سنة 2010، وفي إحدى المباريات برسم التصفيات الإفريقية، كانت الهزيمة بحصة عريضة، من نصيب العناصر الوطنية، وذلك في قاعة ابن ياسين بالرباط، وهو جعل الدكيك يتوجه إلى أحد مسؤولي الجامعة، قائلا له: “أستطيع إخراج المنتخب المغربي من وضعيته الحالية إذا تكلفت بمهمة تدريبه”. ليجيب المسؤول الجامعي قائلا: “هل جننت، هل تريد قنبلة موقوتة؟”، وبنبرة واثقة رد الدكيك: “فلترمي إليّ بهذه القنبلة، وستراني كيف أجعلها نجمة عالمية”.

محطة التحول في مشوار الدكيك

كان تولي فوزي لقجع رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بمثابة محطة التحول في مشوار الدكيك، هذا التعيين فتح أبوابا وآفاقا في وجه وحلم رجل المعجزات، بنقل كرة القدم المصغرة المغربية إلى العالمية، كما ساهم في سطوع نجم الدكيك، الذي وبعزيمته وإصراره، نال الثقة الكاملة والإمكانيات المادية واللوجيستيكية، لتتفجر كفاءة المدرب القنيطري، فارضا نفسه بقوة على الصعيد العالمي.

جني ثمار سنوات من الصبر والعمل

التأهل لكأس العالم في تايلاند سنة 2012، كان الإنجاز الأول الذي حققه الدكيك مع العناصر الوطنية، وبعد ثلاث سنوات من المعسكرات والتأطير و التوجيه، توج “أسود الفوتسال” بكأس أمم إفريقيا للأمم للمرة الأولى في تاريخ المغرب، على حساب المنتخب المصري (3-2)، وهو اللقب القاري الأول الذي أهل كتيبة هشام الدكيك للمشاركة في نهائيات كأس العالم 2016 بكولومبيا.

الدكيك الذي تدرج في جميع الفئات العمرية لفريق النادي القنيطري، أهدى الجماهير المغربية لقبا ثانيا على التوالي في كأس إفريقيا للأمم التي نظمت بالمغرب سنة 2020، وفرج ينابيع الفرح في قلوبهم، بعد اكتساحهم لمصر في المباراة النهائية بنتيجة (5-0) لتبقى الكأس مغربية، فضلا عن تأهل العناصر  الوطنية إلى المونديال للمرة الثالثة على التوالي، في ليتوانيا عام 2021.

ألقاب الدكيك وأبنائه، لم تقتصر على الكأس الإفريقية، بل تعدتها إلى الظفر بكأس العرب عام 2021 بمصر و2022 بالسعودية، كما تمكن من التتويج لأول مرة في تاريخه، بلقب كأس القارات داخل القاعة سنة 2022، بعد فوزه في النهائي، على المنتخب الإيراني القوي بضربات الترجيح.

لم يقف الدكيك عند هذا الحد، بل ظفر أيضا بلقب كأس العرب للمرة الثالثة على التوالي، في دورة 2023 بالسعودية، وأصبح خبيرا معتمدا لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، وساهم في رسم مسار العديد من الأسماء الوطنية الشابة، وتكوين جيل جديد من المدربين واللاعبين الذين سيحملون مشعل “الفوتسال” المغربي.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *