مصور “الجزيرة” لـ’’بلادنا24’’: الصحفي الفلسطيني يعمل من أجل قضيته وشعبه.. والدحدوح غادر غزة باكيا (حوار)

تواصل إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، لليوم 196، ويعيش الفلسطينيون على وقع حرب إبادة، كما يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، التي تخول للإنسان عيشا كريما. لتستمر المعاناة، ويستمر الفلسطينيون يتنقلون بين أزقة وأحياء مدينة رفح المكتظة بالسكان، بحثا عن مكان يأويهم وذويهم.

ولم تستثني إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، أحد. فمن المدنيين، أطفالا كانوا أو نساء، شيوخا أو مرضى، مر الاحتلال إلى استهداف الأطقم الطبية، وإعماء أعين الحقيقة، من خلال استهدافه للصحفيين.

ولأن الصحفي الفلسطيني يدافع عن قضيته بقلمه وعدسة كاميرته، ويحاول جاهدا إيصال ما يحدث للعالم، فهو غير محصن ضد الرصاص الإسرائيلي، الذي ينتشر في الجو كانتشار النار في الهشيم.

وفي هذا الحوار الذي أجرته “بلادنا24“، نتعرف مع المصور الصحفي لقناة “الجزيرة” بغزة، محمود عوض، عن كيف عاش الغزيون أولى ساعات العدوان الإسرائيلي، وأيضا عن سبب تأدية أسرة الصحفي لثمن نقله للحقيقة.

بداية، كيف كانت أولى ساعات العدوان على غزة؟ وهل توقعتم في البداية أن يمتد إلى أزيد من 6 أشهر؟

بدأ القصف على غزة يوم 7 أكتوبر، بعد عملية “طوفان الأقصى”، بحوالي سبع ساعات، حيث استفاقت إسرائيل من صدمتها، لتقصف بعض المباني والأبراج، حيث قصفت برج “فلسطين” في أول بداياتها. واستشعر سكان غزة منذ اللحظة الأولى للقصف الإسرائيلي على القطاع، أن الأمر ليس عادي، وأن هذه حرب إسرائيلية.

gaza2

بعد أسبوع من القصف المستمر، الذي توسع من شمال غزة إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، طلبت إسرائيل في اليوم الثامن من الحرب، النزوح والانتقال من غزة إلى جنوب الوادي، أو ما سمته بـ”المنطقة الآمنة”. وبدأ الناس جمع أمتعهم، والانتقال إلى جنوب غزة، وبالضبط إلى خان يونس.

كنا نعتبر أن الحرب ستستغرق 10 أيام على الأغلب، لذلك تركنا كل أمتعتنا بالمنازل، حاملين على سطح سياراتنا، محافظ ملابسنا فقط، على أمل أن نعود إلى بيوتنا سالمين.

gaza6

خلال النزوح، رأيت حينها أن الكل كان في حالة رعب، أطفال، شيوخ، ونساء، لأنها هذه هي المرة الأولى التي يتركون فيها منازلهم، ويغادرون في اتجاه المجهول. وخلال طلبها منا الانتقال، استهدف الاحتلال حافلات نقل النازحين، وبدأ الجيش يقصف كل شيء بغزة.

لماذا يغامر الصحفي الفلسطيني بحياته، ويظل داخل فلسطين رغم إمكانية المغادرة؟ وهل تؤدي أسرة الصحفي الفلسطيني ثمن نقله للحقيقة؟

الصحفي الفلسطيني يعمل من أجل قضيته وشعبه. الصحفي الفلسطيني هو فلسطيني صاحب القضية، يريد أن يدافع عن قضيته، فهو صحفي مقاوم ومقاتل بقلمه، ويريد أن يقول للعالم إن هناك شعب يباد ويقصف ويغتصب. فهو يرى أنه على عاتقه توصيل أصوات الفلسطينين إلى العالم، والاحتلال يعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين، من أجل كبح صوت الحق، ومنع خروج الصورة للعالم، وقتل الحقيقة.

Palestinian journalist

نحن جزء من المجتمع، لدينا أبناء وزوجات، لدينا بيوت، هناك من أوقف العمل لفترة بسيطة حتى يقوم بحماية أسرته. لقد استهدف الاحتلال في البداية مكتب “الجزيرة” بغزة، لننتقل إلى خان يونس، ونضع خيمة بمجمع ناصر الطبي، قبل أن نغادر إلى رفح، ونضع هناك أيضا خيمة، ونعمل على إنشاء نقطة صحفية جديدة بمستشفى جديد، نأكل فيها ونشتغل، ونقضي بها حوالي 24 ساعة، تاركين أسرنا. رفح منطقة غير آمنة، ليس كما يزعم الاحتلال، فالقصف بها كل يوم يرتفع بشكل أكبر ويزداد.

كيف عشت تجربة الحرب على غزة كمصور صحفي؟ وما أبرز المشاهد التي ظلت راسخة في ذهنك؟

نحن كصحفيين، مثلنا مثل باقي الفلسطينيين، فخلال نزوح النازحين إلى جنوب غزة، وبالضبط بخان يونس،  نزحت رفقة أسرتي، وذهبت إلى بيت أختي الذي كان جد صغير، وكنا حينها على شكل كثلة بشرية، ننام بشكل متكدس، فمن لديه قريب بخان يونس، ذهب عنده، ومن ليس لديه، افترش الشارع.

لتأتي إسرائيل بعد 40 يوما من الحرب، وتطالب بإخلاء خان يونس، والتوجه هذه المرة إلى رفح الضيقة، التي كان عدد سكانها لا يتجاوز 300 ألف نسمة، ليصبح اليوم يتجاوز مليون ونصف المليون نسمة. انتشرت بسبب ذلك الأوبئة والأمراض، وأصبحنا في هجرة فوق هجرة، وتكدس فوق تكدس.

أعتبر أن استشهاد مجموعة من الصحفيين أثناء تواجدي بالمستشفى، أمر كان صعب جدا، إلى جانب استشهاد أسرة بأكملها، وعدم وجودها بالمرة.

gaza1

أنت كنت قريبا من  الصحفي وائل الدحدوح، كيف تقبل الأخير صدمات استشهاد أفراد أسرته؟ ولماذا قرر مغادرة القطاع؟

وائل الدحدوح كان قويا جدا، لقد أطلقنا عليه لقب ’’وائل الجبل’’، فنحن نستمد منه القوة. استشهدت زوجته وابنه وابنته، عندما وصله الخبر، شكر الله واحتسب، وبعد دفنهم بساعتين، بعث رسالة لـ”الجزيرة”، من أجل أن يستأنف العمل من جديد.

نفس الشيء وقت استهاد ابنه حمزة، وقبل هذا الحدث، استهدف وائل، الذي كان رفقة الزميل سمير أبو دقة، الذي استشهد، فيما أصيب الدحدوح في يده، ليكمل السير على قدميه، ويذهب للمستشفى من أجل تلقي العلاج.

غير أن تطور الإصابة، استلزم عليه إجراء عملية جراجية، إلا أن تلك العملية لا تجرى في فلسطين، فكان لا بد من أن ينتقل إلى الدوحة لإجراءها، وتلقي العلاج، رغم رفضه وبكاءه مغادرة فلسطين.

gaza 10

كلمة أخيرة

أريد أن أقول، بأن الحرب مستمرة بوتيرة متسارعة، والتهديد لازال قائما من إسرائيل باستهداف مدينة رفح.

وفي حال إقدام إسرائيل على الدخول إلى رفح المكتظة بالسكان، فسيكون الدمار كبيرا. لا يوجد مكان ننزح إليه الآن. إن هذا الأمر صعب وخطير جدا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *