هل الزواج العرفي حلال أم زنا؟

توجد العديد من الظواهر الاجتماعية التي يلتف حول تفاصيلها الكثير من الغموض والشكوك، وبشكل عام يمكن القول على أن غالبيتها يوقن متتبعيها على أساس أن العادات والتقاليد تحتفظ بقوتها في تشكيل العلاقات الاجتماعية، ومن بين تلك العادات التي لا تزال تمارس في العديد من المجتمعات حول العالم هو الزواج العرفي، ففي وجهة نظر البعض، يعتبر الزواج العرفي تجربة رائعة للتعايش بين الثقافات المختلفة والتغلب على الحواجز الاجتماعية والثقافية، لكن السؤال المطروح هنا هو هل الزواج العرفي حلال؟

الزواج العرفي

يشير الزواج العرفي إلى تلك العلاقات الزوجية التي تتم بدون الالتزام بالقوانين والمساطر الرسمية المتبعة في المجتمع وما يحمله القرآن الكريم والسنة النبوية من شروط تمام الزواج في الإسلام.

وعلى الرغم من اختلاف طريقة تنظيمه وشروطه من مجتمع إلى آخر، فإن الزواج العرفي عادة ما يتميز بتواجد شهود وشهادات من الشهود المحليين وقد يشهد على العقد رجل دين أو شخصية مرموقة في المجتمع.

وفي المجتمعات التي تمارس الزواج العرفي، يعتبر هذا النوع من الزواج فرصة للتقارب بين العائلات والقبائل المختلفة، فيعتقدون أنه أحد وسائل الحفاظ على التوازن الاجتماعي وتعزيز الروابط الاجتماعية، حيث يعتبر الزواج العرفي عند هؤلاء الناس فرصة للتعرف على الثقافات المختلفة وتبادل الخبرات والتقاليد والقيم، مما يسهم في توسيع آفاق الأفراد وزيادة التفاهم والاحترام المتبادل.

وهكذا، فيعتبر الزواج العرفي موضوعا هاما يشغل بال الكثير من الناس، خاصة أولئك الذين يجدون أنفسهم مضطرين للزواج العرفي نظرا للظروف التي يواجهونها، ومع تعدد الاعتقادات الخاطئة وانتشارها، فإن معرفة حكم الشرع بشأن الزواج العرفي يصبح أمرا مهما للغاية.

هل الزواج العرفي حلال؟

يتساءل العديد من الناس عن حكم الدين في الزواج العرفي، حيت حطت هذه القضية محل نقاش بين العلماء الدينيين والقانونيين، ويمكن أن تختلف وجهات النظر في هذا الصدد.

وبشكل عام، يعتبر الزواج العرفي نظام زواج يتم بدون توثيق رسمي وقانوني، ويعتمد بشكل رئيسي على اعتراف المجتمع بالعلاقة الزوجية بين الأشخاص، لذلك، قد يتم تصنيفه عادة بأنه غير شرعي من الناحية القانونية.

ومن وجهة نظر الشرع الإسلامي، يعتبر الزواج شرعيا إذا تم وفقا للأحكام والشروط الشرعية المعروفة، فيرى بعض العلماء أن الزواج العرفي ليس حراما إذا توافرت فيه الشروط الشرعية اللازمة، وذلك بالنظر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع بعض الأشخاص إلى اللجوء إلى هذا النوع من الزواج، ومع ذلك، فإنه من المهم أن يتم التأكد من وجود الشروط الشرعية واحترام القوانين الإسلامية المتعلقة بالزواج، مثل شهادة الزواج والشهود المحترمين.

ومع ذلك، فإن رفض الزواج العرفي لا يعتبر مسألة شرعية في حد ذاتها، حيث يعتبر ظاهرة اجتماعية تتعلق بتقاليد وعادات المجتمع، حيث يتم توصيف بعض الأمور على أنها “عيب” أو غير مقبولة اجتماعيًا، حتى لو كانت قانونيا مباحة.

هل الزواج العرفي حلال بدون ولي أمر؟

اختلف الفقهاء في حكم الزواج العرفي الذي يتم بدون ولي، حيث يعتبر الإمام أبو حنيفة أنه إذا تم عقد الزواج العرفي بدون ولي، وتوفرت بقية شروط وأركان الزواج، فإن العقد صحيح شرط أن تكون المرأة بالغة وعاقلة، وأن يكون الزوج المكافئ لها، في مقابل إذا لم تكن المرأة بالغة، أو لم يكن الزوج كفؤا لها، فإن العقد يعتبر باطلا في المذهب الحنفي.

وبالنسبة للزواج الذي يتم بحضور الولي والإعلان والصيغة والمهر، ثم يخلو من الشهود، فإن جمهور الفقهاء يرون أن العقد يعتبر باطلا بسبب عدم وجود الشهود خلال عقد الزواج، ومع ذلك، فإن المذهب المالكي يختلف عن ذلك، حيث يجيز إتمام عقد الزواج بدون حضور الشهود، ويكتفي بإعلان الزواج وإشهاره.

يعتبر حضور والي الأمر في المذهب المالكي، أمرا ضروريا لإبرام عقد الزواج الصحيح والشرعي، حيث  يعتبر الولي بالنسبة للعروس هو الشخص المسؤول عن حماية مصالح العروس والتأكد من موافقتها وموافقة وليها على الزواج، وفي حالة عدم توفر ولي أمر للعروس، يُعتبر الزواج غير صحيح وقد يعتبره بعض الفقهاء في هذا المذهب باطلاً.

هل عقد الزواج عرفي حلال؟

يعتبر الزواج العرفي غير المسجل، المعروف أيضا بـ”نكاح العرف”، عقد زواج صحيح وشرعي، يتوفر على جميع الشروط والأركان اللازمة لصحة عقد الزواج، ويمكن فيه بلوغ خطوة الإنجاب وتطبيق جميع تفاصيل الزواج المعتادة، بما في ذلك التوريث وحظر التزاوج بين الأقارب المحرمين وتثبيت النسب وتحديد المهر، وبالتالي، يتوافق هذا النوع من الزواج مع الشريعة الإسلامية ولا يتعارض معها.

ومع ذلك، فإن عدم تسجيله رسميا لدى الجهات المختصة والمحاكم الشرعية لا يؤثر على صحة العقد، ولا يجعله باطلًا أو يحمل العاقدين ذنبا إذا لم يُوثَّق العقد.

وبالرغم من كل ما سبق، أصبح التوثيق أمرا ضروريا في الوقت الحاضر لحماية الحقوق، خاصة حق المرأة في المهر، ولتسهيل الإجراءات الرسمية مثل تسجيل المواليد وزيارة المستشفيات، وهكذا، فيعتبر التوثيق في هذه الحالة مسألة إجرائية.

وتبعا لما سبق، فإذا تقصر الزوج في ذلك، فإنه يعاقَب على إهماله وعدم قيامه بواجبه تجاه زوجته وأبنائه، وليس بسبب إجراء العقد بدون توثيقه.

علاوة على ذلك، في هذا العصر، تراجعت الثقة والمصداقية، مما يزيد من احتمال فقدان الحقوق أو نسيان تفاصيل العقد من قبل الشهود، لذلك، أصبح التوثيق ضروريا في الزواج العرفي، لضمانه حفظ الحقوق والتفاصيل المتعلقة بالعقد، حيث يجب التأكيد على أن التوثيق لا يؤثر على صحة العقد نفسه، فالعقد العرفي غير المسجل مازال صحيحا وملزما.

ويتجلى دور التوثيق في تعزيز الثقة والمصداقية وتفادي المشكلات المحتملة في المستقبل، ومن ضمنها فقدان أو تغيير التفاصيل الزواجية، حيث يساهم التوثيق في تيسير إجراءات المعاملات الرسمية والقانونية، مثل تسجيل المواليد والمعاملات المالية.

الفرق بين الزواج العرفي والشرعي

هناك فرق كبير بين الزواج العرفي والزواج الشرعي، حيث يتم اعتبار الزواج شرعيا عندما تتوفر فيه شروط وأركان محددة، وعادة ما يشمل ذلك صيغ الإيجاب والقبول من الطرفين، بموافقة ولي المرأة وحضور شهود رجلين مسلمين بالغين عاقلين، والاتفاق على قيمة المهر، وبالتالي فإذا توفرت هذه الشروط، يعتبر الزواج صحيحا شرعيا.

وأما الزواج العرفي، فيكون عندما يتم الاتفاق على الزواج بين الطرفين دون إجراء الإجراءات الشرعية التقليدية، في هذه الحالة، يمكن تسجيل الزواج عند محام، ولا يتم التوثيق الرسمي لهذا النوع من الزواج في مصلحة الأحوال المدنية.

والفرق الرئيسي بين الزواج العرفي والرسمي هو في عملية التوثيق، ففي حالة الزواج الرسمي، يتم توثيقه رسميا عند المأذون، بينما في الزواج العرفي يمكن تسجيله فقط عند محام.

ماهي الأركان أو الشروط التي تنقص عقد الزواج العرفي

إذا لم يتوفر أحد شروط الزواج الشرعية أو أركانه اللازمة، يعتبر عقد النكاح باطلا باتفاق الفقهاء، مما يعني أن العلاقة بين الطرفين في هذا النوع من الزواج تعتبر زنا محرما، ولا يمكن تسميتها زواجًا بسبب عدم اكتمال متطلبات صحة العقد، ومن بين شروط صحة العقد المذكورة:

  1. عدم حضور ولي الزوجة: يكفي حضور العاقدين وشاهدين فقط، حيث يتم الإيجاب والقبول بينهما فقط، دون وجود ولي للزوجة.
  2. عدم إشهار الزواج وإعلانه للناس: يتم عقد الزواج سرا، حيث لا يعلم به إلا الحاضرون فقط.
  3. الشهود: في بعض الحالات، يكفي أن يشتمل العقد على الإيجاب والقبول، وإذا انقص العقد من جميع شروطه وأركانه باستثناء الصيغة، فإن العقد يعتبر باطلا، حيث يعتبر دليل ما روته عائشة أم المؤمنين، وقالت: “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له”، وهذا ينطبق على الزواج العرفي إذا انقصت شروط ولي الزوجة وشهود العقد والإعلان.

وهكذا، فإذا لم تتوفر شروط الزواج الشرعية أو أركانه اللازمة، يعتبر عقد الزواج باطلا وغير صحيح شرعًا، وبالتالي تعتبر العلاقة بين المتعاقدين في هذا النوع من الزواج زناً محرمًا، ولا يمكن تسميتها بالزواج.

كيف يتم الطلاق في الزواج العرفي؟

الطلاق في الزواج العرفي يتم بناء على “عدة”، ويتناول الزواج العرفي المقابلة للزواج الرسمي، على اعتبار أن الزواج الرسمي يتم توثيقه لدى الجهات الرسمية وكتابته بواسطة مأذون.

وأما الزواج العرفي، فيعني أنه لم يتم توثيقه في سجلات الجهات الرسمية، حيث يتم كتابته بواسطة المحامي أو بين الطرفين، فعلى الرغم من ذلك، يستوفي الزواج العرفي كافة الشروط الأخرى للزواج، مثل الإيجاب والقبول والشهود والولي، مما يجعله صحيحا بموجب هذه الشروط، ومع ذلك فإنه ليس موثقا لدى الجهات الرسمية.

ونتيجة لذلك، يتم تطبيق عدة الطلاق العادية على الطلاق من زواج عرفي، والتي تتضمن القراءة الثلاثية، أي ثلاث حيضات متتالية للمرأة التي تحيض، أو ثلاثة أشهر إذا توقفت عن الحيض.الزواج العرفي.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *