رأس السنة الأمازيغية.. رؤية ملكية حكيمة لهوية وطنية موحدة

يعتبر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يصادف الـ13 من شهر يناير من كل سنة، حدثا تاريخيا مميزا لذى المواطنين الأمازيغ، بعد احتفالهم بهذا اليوم وهم في عطلة رسمية مؤدى عنها بقرار ملكي، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية، ورأس السنة الميلادية، وهو ما يشكل مصدر اعتزاز لجميع المواطنين، وفخرهم بالهوية المغربية الغنية وبتعدد روافدها.

وبهذه المناسبة، أكدت أمينة بن الشيخ، المكلفة بملف الأمازيغية برئاسة الحكومة، إن “الاحتفال برأس السنة الأمازيغية خلال هذه السنة، له طعم آخر، بعد إقراره كعطلة رسمية مؤدى عنها من طرف الملك محمد السادس، بقرار ملكي صادر يوم 3 ماي 2023”. معتبرة أن هذه المبادرة “مهمة كونها تجديد وامتداد للعناية التي يوليها الملك محمد السادس للملف الأمازيغي”.

تصالح المملكة مع تاريخها

وأضافت أمينة بن الشيخ، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “دلالات هذا الاعتراف بأهمية الأمازيغية عميقة، والتي تتجلى في تصالح المملكة المغربية مع تاريخها وافتخارها به”، مشيرة إلى أن “الإنسان الذي لا يعرف تاريخه لا يعرف مستقبله، ولا يستطيع المضي قدما”.

وأشارت إلى أن “هذا الاعتراف الملكي، هو تتويج لمجموعة من المكتسبات التي بدأت سنة 2001، من خلال إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإدراجها في التعليم والإعلام، إلى جانب إخراج القوانين التنظيمية، سواء تلك المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية سنة 2019، أو قوانين المجلس الوطني للغات الثقافة المغربية التي خرجت سنة 2022”.

وبالإضافة إلى الإرادة الملكية، أكدت المكلفة بملف الأمازيغية برئاسة الحكومة، على أن “هناك إرادة سياسية من قبل الحكومة الحالية التي أخذت على عاتقها العمل على تفعيل الطابع الرسمي الأمازيغية، من خلال توفير صندوق مهم من خزينة الدولة لدعم اللغة الأمازيغية، والذي بدأ سنة 2022، بمبلغ 200 مليون درهم، تم بلغ سنة 2023، 300 مليون درهم، بالإضافة إلى تخصيص 300 مليون درهم خلال السنة الجارية”.

تثمين المكتسبات

ولتثمين هذه المكتسبات، وضمان تفعيل اللغة الأمازيغية في مختلف القطاعات، والهوية البصرية للدولة، أوضحت المتحدثة، أن الحكومة حاليا “بصدد الاشتغال على برنامج حكومي مهم، وتوقيع عدد من الاتفاقيات التي تروم توسيع مشاريع تعزيز استعمال الأمازيغية في الإدارات والمؤسسات العمومية، وتيسير استفادة المرتفقين الناطقين بها، من خلال توجيههم وإرشادهم، عبر توفير أعوان لهذا الغرض، علاوة على إدماج اللغة الأمازيغية في علامات ولوحات التشوير بمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، إلى جانب إدخالها ضمن خدمة مراكز للإتصال في بعض القطاعات”.

وبالإضافة إلى هذا، تهدف هذه البرامج الحكومية، التي من المرتقب أن ترى النور خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب بن الشيخ، إلى “تعزيز اللغة الأمازيغية في مؤسسات التكوين المهني الفلاحي، من خلال إدراجها كلغة للتكوين، كما سيتم إدراج اللغة الأمازيغية ضمن برامج محاربة الأمية، التي تشرف عليها الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية”.

وبعد سنوات طويلة من المبادرات التي خاضتها الجمعيات الأمازيغية والحقوقية، أعطى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية، دفعة قوية لمسار أجرأة التدابير المتخذة، لتعزيز الفعل الأمازيغي الوطني، لاسيما على المستويات الثقافية. وهي خطوة تأتي في سياق رفع التحديات التي طرحت على مستوى دعم الثقافة الأمازيغية في المغرب، وتعزيز مكانتها في جميع المجالات، من خلال التطبيق الأمثل لنص الدستور.

رد الاعتبار للثقافة الأمازيغية

هذا ما أكده المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، محيي الدين حجاج، مشيرا إلى أن “الاحتفالات هذه السنة لها طعم خاص، بعد القرار الملكي بترسيم السنة الأمازيغية، حيث لاحظنا تفاعل العديد من المؤسسات الرسمية مع القرار، وتنظيم احتفالات كبيرة، بما يعكس أهمية هذا القرار الملكي، وهو ما كان ينقص في السنوات السابقة. لذلك، نعتبر أن احتفالات هذه السنة ستكون بداية لمسار حافل للأمازيغية، هذا المسار الذي انطلق مع خطاب أجدير التاريخي، ومر بمحطات عديدة، أبرزها تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وترسيم الأمازيغية في دستور 2011، وصولا إلى القرار التاريخي للملك محمد السادس في ماي الماضي، باعتبار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية”.

وأشار محيي الدين حجاج، في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “هذه الخطوات، أكدت للجميع مركزية بلادنا بشمال إفريقيا، فيما يتعلق برد الاعتبار للثقافة الأمازيغية، بل وصارت بلادنا بفضل ذلك منارة للأمازيغية في المنطقة، ومرجعًا للباحثين والمهتمين بالأمازيغية في شمال إفريقيا والعالم”.

الخطوات العملية

وأضاف المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، أن “المكانة التي وصلت إليها الأمازيغية ببلادنا، وبالإضافة لتقوية البعد الحقوقي الذي اختارته المملكة في مختلف برامجها، ومنها الثقافية، فهي تؤكد أيضا عراقة هويتنا الوطنية الموحدة، والتحام المغاربة حول ثقافتهم المغربية متعددة الروافد، وفي صلبها الأمازيغية، التي تعتبر مكونا رئيسيا لهذه الهوية الجامعة والغنية في تعبيراتها. ومن تجليات ذلك، احتفال المغاربة بهذه المناسبة ناطقين بالأمازيغية وغير الناطقين، ولو تعددت مسميات هذا الاحتفال (حاگوزة، يض يناير…)، وتعبيراته (طبيعة المأكولات وطرق تقديمها)، فإن محورية الأرض وخيراتها في هذه الاحتفالات، هي القاسم المشترك لهاته التعبيرات الاحتفالية، وهو ما يؤكد أن المغاربة، ومنذ فجر التاريخ، كان ولاؤهم لهذه الأرض ثابتًا من الثوابت التي لا تتغير”.

ولتثمين اللغة الأمازيغية وأخذ مكانتها الكاملة إلى جانب اللغات الأخرى، دعى المتحدث ذاته، مختلف المؤسسات الرسمية، إلى “إيلاء مكانة خاصة للغة الأمازيغية، والتعريف بأهميتها في تقوية هويتنا الوطنية، وأن تراعي في برامجها ومخططاتها، التوصيات الملكية، والنصوص القانونية ذات الصلة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، تكريسا أولا لمسار بلادنا في هذا الباب، واحترامًا كذلك للدستور والقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *