“لوموند”: الأزمة بين المغرب وفرنسا “عميقة”

أطلقت صحيفة “لوموند” الفرنسية، المقال الأول ضمن سلسلة ركزت على التوترات المتصاعدة بين المغرب وفرنسا، حيث تناول العلاقات الثنائية المتوترة والعلاقة الشخصية المتدهورة بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وفي هذا الصدد، تحاول الصحيفة استكشاف تداعيات هذه الأزمة ودراسة التدابير المحتملة لتهدئة الأوضاع بين البلدين، اللذان كانا يتمتعان ذات يوم بـ”شراكة استثنائية” خلال حقبة ما بعد الاستعمار.

وبحسب تحليل “لوموند”، فإن الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 شتنبر 2023، كان من المتوقع في البداية أن يخفف التوترات، إلا أن ذلك كان له تأثير عكسي، حيث زاد من حدة العداء.

وقد دفع هذا الأمر الصحيفة إلى التفكير فيما إذا كان المغرب قد يكون نقطة التوتر التالية على الخريطة، في أعقاب حالة العداء لفرنسا التي ظهرت في غرب أفريقيا.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن “الأزمة عميقة”، مبرزة أن “المغرب لم يكن له سفير في باريس منذ 19 يناير 2023، ولم يكن ذلك مجرد صدفة، ففي ذلك اليوم بالذات، أصدر البرلمان الأوروبي قرارا ينتقد حرية الصحافة في المغرب”.

واعتبر هذا الأمر في الرباط “هجوما سريا من باريس، خاصة وأن القرار لقي استحسانا من قبل الكتلة البرلمانية بقيادة ستيفان سيغورني، أحد المقربين من ماكرون، ما أدى هذا إلى تعميق الشكوك المغربية في أن ماكرون كان يتآمر ضد بلادهم، مما أدى إلى انخفاض كبير في الاتصالات الرسمية”.

وتضيف، “بصرف النظر عن التردد في تعيين سفير مغربي جديد في باريس، تصاعدت التوترات بسبب معاملة السفير الفرنسي في الرباط، كريستوف لوكوتييه، الذي تم تجاهله باستمرار من قبل السلطات المغربية”.

ومع ذلك، حدث ذوبان مؤقت خلال الصيف بعد محادثة هاتفية في 21 غشت بين الملك محمد السادس وإيمانويل ماكرون، بحيث أصبحت الحاجة إلى الحفاظ على العلاقات مع المغرب أكثر إلحاحًا بالنسبة لفرنسا حيث ظلت علاقاتها مع الجزائر راكدة على الرغم من المبادرات الدبلوماسية.

ومع ذلك، فإن الخلاف المتعلق بزلزال الأطلس الكبير والتطورات اللاحقة جعل المصالحة أكثر تعقيدا، وأشارت “لوموند” إلى أن الرباط وباريس تمكنتا في الماضي من إيجاد أرضية مشتركة، لكن هذه المرة، هناك تطوران مترابطان جعلا الأمور أكثر تعقيدا.

ويتعلق الأمر بالتحول الاستراتيجي في موقف الرباط بعد “الاتفاق” الذي توسط فيه دونالد ترامب في دجنبر 2020، وشهد هذا الاتفاق اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء المتنازع عليها مقابل التطبيع الدبلوماسي بين المغرب وإسرائيل.

وبتشجيع من هذا الاعتراف، أصبح المغرب أكثر حزما في مطالبه، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء، وتتوقع أن يعترف حلفاؤها، بما في ذلك فرنسا، رسميا بسيادتها على هذه الأراضي المتنازع عليها، والتي كانت نقطة خلاف مع جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، منذ سنة 1975، ومع ذلك، فإن فرنسا تتحرك بحذر لتجنب استعداء الجزائر، خاصة وأن ماكرون يسعى للمصالحة مع الجار المغرب.

كما جاء في المقال، “إن إصرار المغرب المتزايد على هذه القضية ترجع جذوره إلى تصوره لنفسه كقوة إقليمية ناشئة، تتميز بسياسة خارجية أكثر حزما، كما يقدم عام 2023 مشهدا متغيرا مقارنة بالماضي، مما يستلزم نهجا دقيقا ودقيقا من فرنسا في إدارة علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *