كيف يمكن أن يؤثر صعود أردوغان على العلاقات المغربية التركية؟

استطاع رجب طيب أردوغان، الفوز بولاية رئاسية جديدة في تركيا، بعد حصوله على 52,2 في المائة من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، متفوقا بذلك على منافسه كمال كليتشدار أوغلو.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الرباط وأنقرة تجمعهما علاقة جيدة إقليميا ودوليا، وتربطهما علاقات تاريخية قوية، وأواصر عميقة الجذور، وتقاليد مشتركة. فكيف سيؤثر صعود أردوغان على العلاقات المغربية التركية؟

العلاقات السياسية

أبرز الخبير في العلاقات الدولية أحمد نورالدين، في تصريحه لـ”بلادنا24”، أنه “على الصعيد السياسي، فإن أهم ملف بالنسبة للمغرب هو ملف الصحراء، والموقف التركي كان قد عبر عنه الرئيس أردوغان بوضوح عدة مرات، منها سنة 2013 خلال زيارته للمغرب، حيث أكد عدم اعتراف تركيا بجبهة “البوليساريو” الانفصالية، وهو ما أغضب النظام الجزائري الذي زاره أردوغان في اليوم الموالي من زيارته للرباط، فكان الاستقبال باهتا، وعلقت حينها الخارجية الجزائرية بشكل سلبي حاد كعادتها في مع كل مؤيد للوحدة الوطنية والترابية للمملكة. ولكن منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وركزت الجزائر جهودها لجر تركيا إلى صفها أو على الأقل إلى الحياد، من خلال إغراء تركيا بصفقات اقتصادية كبرى، حيث ارتفعت الاستثمارات التركية في الجزائر إلى 5 مليارات دولار، وفي قطاعات استراتيجية مثل مصنع الصلب والحديد في وهران الذي ينتج تقريبا حاجة السوق الجزائرية من حديد التسليح الموجه لقطاع البناء. وقد تجاوز عدد الشركات التركية في الجزائر 1400 شركة، وبهذا الرقم تصبح الشركات التركية من حيث العدد هي الأكبر متقدمة على فرنسا وباقي الدول الأوربية. بالإضافة إلى استثمار صونطراك الجزائرية حوالي 1,8 مليار دولار في قطاع الغاز وصناعة البلاستيك التركية. كما أن تركيا رفعت حجم وارداتها من الغاز الطبيعي الجزائري”.

وأمام هذه السياسة الجزائرية، يضيف المتحدث ذاته، أنه “يمكن أن نلاحظ تحولات طفيفة ولكنها ملموسة وتؤشر على الضغوط الجزائرية، ومن هذه التحولات أن القناة الرسمية الدولية للأخبار التركية “تي أر تي” بدأت تسلط الضوء أكثر فأكثر على الحركة الانفصالية في الصحراء، وتستضيف وجوها انفصالية في برامجها الاخبارية، وتنشر خارطة مبتورة للمملكة، وبدأت لغتها تجامل الجزائر، وإذا لم يسارع المغرب إلى طرح كل هذه الملفات على الطاولة، فقد يتكرر مسلسل “فرانس24″ الذي مهد إعلاميا لتغير الموقف الفرنسي، وكنا قد حذرنا من ذلك الانزلاق في بدايته، ولكن في غياب استراتيجية مغربية تحول الأمر إلى الأزمة الصامتة بين باريس والرباط التي مازلنا نعيش تبعاتها. وأتمنى ألا يتكرر السيناريو مع تركيا أو البرتغال”.

التعاون التجاري والاقتصادي

وفي نفس الصدد، قال الخبير في العلاقات الدولية، أن “إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا لتركيا سيعزز صعود تركيا اقتصاديا وتأثيرها سياسيا على المستوى العالمي، لأن برامج الرئيس التركي طموحة على هذا الصعيد وهو لا يخفي ذلك بتاتا”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “المغرب إذا لم يسارع إلى بلورة استراتيجية تجارية واقتصادية ومالية واستثمارية تجاه هذا البلد، فإن حجم العجز التجاري سيتفاقم، وأضرار بعض القطاعات خاصة النسيج ستتعاظم. نشير هنا إلى أن حجم المبادلات بين البلدين تجاوز حاجز الثلاثة مليارات دولار سنة 2021، والعجز التجاري المغربي يقدر بأزيد من ملياري(2) دولار وهو رقم مخيف”.

وشدد أحمد نورالدين، أنه “هناك أيضا جوانب إيجابية تتمثل في حجم تراكمي للاستثمارات التركية بالمغرب بلغ حوالي واحد مليار دولار، ووجود حوالي مائة شركة تركية بالمغرب تشغل حوالي 6 آلاف مغربي، ولكنها تبقى أرقاما ضعيفة مقارنة مع الاستثمارات التركية في دول مغاربية أخرى”.

وأشار الخبير في العلاقات الدولية، أنه “المشكلة ليست في الأتراك، فمن حق أي دولة أن تكون لها طموحات في زيادة حصتها في الأسواق الخارجية، بل إن ذلك يعتبر مؤشرا على حيوية اقتصادها، ولكن المشكل فينا نحن داخل المغرب سواء كقطاعات للتجارة والصناعة والاستمارات أو كحكومة بصفة عامة. لماذا المشكل فينا؟ ببساطة لأن الصادرات التركية سجلت ارتفاعا يعادل 15 في المائة، سنويا تجاه المغرب منذ دخول اتفاقية التبادل الحر حيز التنفيذ سنة 2006 إلى غاية 2022. وارتفاع مطرد بهذا الحجم يعني وجود استراتيجية تركية للتوسع داخل السوق المغربية، ولكن في المقابل ماذا عنا نحن؟ هل يملك المغرب استراتيجية للتوسع في السوق التركية التي تضم 85 مليون مستهلك؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه والذي يجب أن نحاسب عليه الحكومة. لأنه في كل الأحوال العالم متجه نحو العولمة أكثر فأكثر، وإذا لم تغزنا تركيا ببضائعها وشركاتها فأكيد أن هناك دولا أخرى فعلت وستفعل ذلك مثل الصين وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وكوريا، وغيرها. إذن الحل في امتلاك استراتيجية لمضاعفة حصة المغرب من الأسواق الخارجية وليس في البكاء او انتقاد الدول الأخرى”.

وأكد المصدر ذاته، أنه “مع تركيا الطريق معبدة لأن لدينا اتفاقية للتبادل الحر، بقي أن نملك استراتيجية وبرامج لزيادة صادراتنا المغربية تجاه هذا البلد الذي استطاع أن يضاعف ناتجه القومي الخام أكثر من أربع مرات خلال 20 سنة، واستطاع أن يستقطب استثمارات أجنبية تفوق 250 مليار دولار في نفس المدة، وأن يستقطب حوالي 79 ألف شركة أجنبية. أين إذن حصة المغرب من سوق تركية يصل فيها متوسط الدخل الفردي أزيد من 10 آلاف دولار سنويا، بمعنى وجود قدرة شرائية مهمة”.

وإذا كان الأتراك لديهم بعض السبق في شبكات التوزيع بالجملة والتقسيط وهو ما أعطى دفعة لصادراتهم تجاه المغرب، يوضح المتحدث ذاته، أنه “بإمكان الدولة المغربية أن تساعد ماركات مغربية معينة على إنشاء شبكات توزيع داخل تركيا أيضا، وفي قطاعات متنوعة مثل النسيج أو المخابز العصرية والحلويات، أو مطاحن الدقيق والمعجنات، أو توزيع الآلات الكهرومنزلية، أو توزيع العقاقير بالجملة والتقسيط، أو صناعة الصباغات الكيماوية في قطاع البناء، وبعض مواد البناء والمنتجات الصحية والترصيص والكهرباء في هذا القطاع، وغيرها من القطاعات التي يتوفر فيها المغرب على خبرة مقدرة وتجارب ناجحة، ولا أريد أن أذكر ماركات بعينها تفاديا للإشهار وإلا فهي معروفة وكثيرة في هذه المجالات التي ذكرت”.

وفي هذا السياق، قال أحمد نورالدين، أنه “لا يجب أن ننسى قطاعات يعتبر فيها المغرب رائدا قاريا مثل التأمينات والبنوك، وصناعة الأدوية ومستحضرات التجميل وغيرها كثير. إذن الكرة في ملعب وزارة التجارة والصناعة والاستثمار، وفي ملعب الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، وفي ملعب البنوك وشركات التأمين، للقيام بدراسات للسوق ووضع برامج عملية، وتقديم سلة من المحفزات تشمل النقل البحري والجوي وتشمل الضرائب وتشمل الخدمات القنصلية التجارية وباقي التسهيلات والضمانات”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *