عيد الأضحى.. عادات وتقاليد بين الاندثار والتغيير

يحظى عيد الأضحى أو “العيد الكبير”، كما يطلق عليه المغاربة، بقداسة ورمزية كبيرة، وبعادات وتقاليد متأصلة مند قديم الزمن. إلا أن بنية المجتمع المغربي في ظل التحولات السوسيولوجية التي حلت عليه، تمكنت من مس مجموعة من التقاليد والعادات، حيث لايمكن الحسم إن كانت تغييرات سلبية أو إيجابية.

عيد الأضحى بين الماضي والحاضر

شهد المغاربة هذه السنة على وجه التحديد، أزمات متتالية، بعد جائحة كورونا، تغيرت على إثرها العديد من العادات. والواضح أن الظواهر الاحتفالية المتعلقة بالأعياد، والتي تتغير كل سنة، عرفت هي الأخرى هذه السنة، على إثر لهيب الأسعار، وغيرها، اندثار مجموعة من التقاليد التي تميز المناسبة، إذ قرر مجموعة من المواطنين، الاستغناء عن اقتناء الأضاحي، والسفر بدل الاحتفال.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاجتماعي، أبو بكر حركات، أنه “مع تطور الحياة، وتغير العادات والتقاليد، تبدو بعض المظاهر التي كانت تعتبر جزءا من عيد الأضحى، قد اختفت تدريجيا، وهذا الاختفاء ناتج عن كثير من العوامل منها الاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية”.

وأشار حركات في حديثه لـ”بلادنا24“، أن “طريقة عيشنا ونحن في سنة 2023، ليس هي نفسها طريقة عيش آبائنا وأجدادنا في الستينيات، فالزوج والزوجة في الألفية الثالثة، بات خروجهما للعمل ضروري، خاصة في المدن، وباتت الأغلبية لا تجد الوقت الكافي للاهتمام بشؤون البيت، كما كان عليه الوضع من قبل، حيث كانت الأمهات تهتم بالبيت، وتعطي للعيد وقته، من تحضيرات وتقوم بجمع العائلة وتطبق التقاليد. ومن جانبه، يقوم الأب باقتناء الأضحية وإسعاد أسرته. كلها إذن مظاهر قد اختلفت واختفت أيضا”.

تكاليف العيش.. والسنة المؤكدة

وبخصوص بعض أسباب هذه التغيرات، أبرز الأخصائي النفسي، أن “المصاريف وتكاليف العيش في الوقت الحالي، وما حل عليها من ارتفاع في الأسعار، مقارنة بالدخل الشهري لبعض الأفراد، يعد سببا من الأسباب العميقة التي جعلت من عادات العيد تفقد تلك الصورة القديمة التي تلقينها رفقة العائلة الممتدة في الزمن القديم”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “اقتناء الخروف، بالأخص خلال هذه السنة، التي شهدت ارتفاعا في الأثمنة بشكل صاروخي، جعل فكرة الاستغناء عن هذه السنة المؤكدة في الدين ممكنة، حيث تختار عائلات كثيرة السفر بدل العيد، تفاديا لشقاء هذه المناسبة، خاصة بالنسبة للنساء، وتفضيل العطلة والترفيه، بدل البقاء في البيت وذبح الأضحية”.

وأشار حركات، أن “مسألة العيش في الشقق والسكن في الطوابق، سبب آخر من بين الأسباب التي ساهمت في اندثار هذه العادات، فهو ليس كالسكن الذي نشأ فيه معظم المغاربة في شقق تتسع للعائلة ولضيافة الخروف أيضا. إذ اليوم يعد مشكل السكن أيضا عائقا لمن يرغبون في الامتثال لهذه التقاليد”.

دفء العيد العائلي.. بين الاستغناء والحاجة

“تفاصيل العادات والطقوس مسها التغير هي الأخرى”، يقول أبو بكر حركات، في تصريح لـ”بلادنا24“، مشيرا أنه “في العادة، ما إن ينتهي أداء صلاة العيد، حتى ينصرف المغاربة إلى ذبح الأضاحي، وأغلبها من الخراف. وتجري هذه العملية في أسطح البيوت، بتعاون بين رجال الأسرة، فيما يلجأ من لا يتقنون هذه المهارة إلى جلب جزارين يجوبون الأحياء، ويفصل الخروف بطريقة معينة تميز كل جهة في المغرب عن الأخرى، حتا من جهة المأكولات”.

وتابع حركات، قائلا: “اليوم الكثير من الأسر اختفت لديها هذه الصورة، هناك من يشتغل صباح العيد، وهناك من يستغني عن مجموعة من الوجبات والمناسبات العائلية لتقاسم طعم اللحم الذي يميز هذه المناسبة”، مشيرا أن “المجتمع في أساسه، بينة تتحرك، وهذه التغيرات لا يمكن تحديد مصيرها بين الحفاظ عن هذه العادات، وبين الاستغناء التام عليها”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *