تقرير | مراكز الاتصال .. “استعباد” مُقَنّن للشباب المغربي

يكفي أن تكون متحدثاً جيداً باللغة الفرنسية لتظفر بفرصة عمل في “الكول سانتر” ، اِنس أمر الشهادات الجامعية ، و المسار التعليمي الحافل بالنجاحات ، أنت الآن في مقابلة العمل ، أمامك دقائق محدودة ، لتقدم نفسك بأفضل شكل ممكن ، لا تتلعثم ، طبق تقنيات التواصل الجسدي التي تلقنتها في غرفتك أمس ، مخارج الحروف لا تغفل عنها ، تسلح بالثقة ، فذاك المكتب الشاغر هناك في ذاك الركن ينتظرك ، إن استطعت تخطي تحدي المقابلة ، ستغدو السماعات حليفا لك ، و أنيسا ينسيك وحشة المكان .

تُعد مراكز الإتصال في المغرب ، ذاك المرتع الذي يلجأ إليه كل الحائرين ، و كل من خانته سُبل الحياة للبحث عن فرصة عمل ، لتصبح بهذا حصنا منيعا يضمن للتائهين ،و سبيلاً معبّداً بامتيازات تفضيلية ، ليُصبح الشاب المغربي أداة صماء مستغلة ، اختارت رغماً عنها الاشتغال تحت وطأة الاستعباد ، عوض التخبط بين ثنايا الشوارع للبحث عن هذا العمل .

حسرة تتدجى في عيني سمير

سمير ، شاب في العشرينيات من عمره ، تبدو علامات التعب واضحة على محياه ، يحكي لـ“بلادنا 24” عن تجربته في العمل في مراكز الاتصال ، واصفا إياها ب”الضنكاء” ، يقول إنه وبعد حصوله على شهادة الإجازة في الجغرافيا ، لم يجد أي فرصة عمل بالرغم من اجتهاده المتواصل في البحث .

يضيف المتحدث أنه كان في كل صباح ، يحمل ملفه الرمادي الذي يضم وثائقه ، و يطرق باب المدارس الحرة و الشركات ، لعله بظفر بفرصة صغيرة تنقذه من وهدة البطالة ، ليجد هذا الأخير نفسه في إحدى الأيام ، في الطابق الرابع ببناية شاهقة ، و يضع ملفه الرمادي ذاك في مركز الاتصال المقصود ، يقول سمير أنه يعلم عين اليقين كل إرهاصات العمل في مراكز النداء و التي يتلقف أخبار العاملين بها في صفحات الفايسبوك ، ليستشهد بهذه المقولة : “الضرورة تبيح المحظورة” .

فئة راضية

و في مقابل علامات الحسرة التي تطبع ملامح بعض المشتغلين بمراكز الاتصال ، و الذين يشتكون باستمرار من مرض الأذنين و من تعب الجلوس في كرسي لساعات طويلة ، ناهيك عن الاستفزاز الذي يتعرضون له أحياناً من بعض الزبناء ، الأمر الذي يخلق تعباً نفسياً تشتد حدته يوما بعد يوم .

و خلاف كل هذا ، هناك نوع آخر من المشتغلين راضون كل الرضا بعملهم ، و بالعكس ، فهم يجدون المتعة في التحدث مع الزبائن ، و يبنون علاقات قوية مع الزملاء ، لتخترق أحيانا هذه الصداقات حاجز العمل ، و تبنى و بشكل آخر خارج أسوار المركز ، بعيدا عن ضجيج السماعات و استفسارات الزبناء و صرامة المدراء .

 

“لم يقترن بالصدفة”

لبنى ، و هي مشتغلة بأحد مراكز الاتصال ، و بنبرة يغلب عليها الحماس ، و بريق يكسو مقلتيها ، توضح أن اختيارها للعمل في مركز الاتصال لم يقترن بالصدفة ، لأنها لطالما كانت تحلم بعمل متعلق بالأساس بالتواصل مع الزبناء ، و هذا ما يحقق حسب تصريحها لـ”بلادنا 24″ فرصة مهمة بالنسبة لها لتطوير مهارات الاقناع لديها ، و كذا تطوير لغاتها الأجنبية ، من أجل الظفر بالترقية ، كهدف مستقبلي يقبع في خانة الانتظار .

و بين منصاع و راض بالاستعباد ، و آخر باحث عمّا يستهوي الألباب ، تتعدد ألوان الاختيار باختلاف المقاصد ، كل حسب ما يختار و الرغبة واحدة ، و ما إن ترى الشباب و هم راسفون في قيود نمطية ، لا يصدعون إلاّ لأمرها ، ستنكسر النظرة مستحضرة ضوابط الواقع  بارتساماته المعهودة ، على أمل التغيير و تحقيق ما يسعد قلوب من هم في أمس الحاجة لذلك العمل .

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. Votre article manque d’objectivite,si dans les centres d’appel c est de l esclavage que dire des fermes des usines ….je trouve cette approche reductrice d’un metier appart entiere il y a bcp de choses a corriger dans n importe quel metier dans notre pays mais ecrire de tel articles pour surfé sur les emotions des gens c’est tres petit,pour info le plus debutant dans ces centre d esclavage gagne mieux sa vie que vous peut etre…dommage

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *