حوار| جواد الخني: عدم التبليغ عن جرائم الاتجار بالبشر من بين أكبر تحديات المغرب

قدمت وزارة الخارجية الأمريكية في الأيام الماضية، تقريرها السنوي الخاص بوضعية الاتجار بالبشر. هذا التقرير صدر عن مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر بوزارة الخارجية الأمريكية. وقد أبرز مدى انتشار هذه الظاهرة حول العالم أجمع، وكذا مدى فعالية الجهود التي بذلتها مجموعة من دول العالم العام الماضي لمحاربتها.
المغرب ضمن الدول التي لاقت إشادة صريحة بجهوداتها المبذولة في نطاق محاربة الاتجار في البشر، حيت سجل التقرير أن المغرب في شخص الحكومة “لا تَفِي تماما بالمعايير الدنيا للقضاء ومحاربة الاتجار بالبشر، ولكنها في المقابل تبذل جهودا كبيرة لتحقيق مجموعة من المهام والنتائج الإيجابية في هذا النطاق”.
وفي هذا الجانب، صرح رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، جواد الخني، لـ”بلادنا24“، كإجابة على عدد من التساؤلات المتعلقة بتقييم دور المغرب في القضاء على الاتجار بالبشر.

ماهي المهام والنتائج التي حققتها الحكومة المغربية وجميع مؤسساتها للحد من هذه الظاهرة؟

فعلا هناك جهود كبيرة لمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك من خلال أجرأة قانون 14-27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، حيث تم إحداث لجنة وطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه سنة 2018. كما تم اتخاذ عدد من التدابير والآليات، في مقدمتها الاجراءات القضائية التي تسعى لضمان حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولاسيما الحرص على عدم مواجهة الضحية بالمتهم، وعلى إشعار الضحايا بحقهم في تنصيب أنفسهم طرف مدني أو بالاستماع إليهم كشهود، وعلى جعل الجلسات أكثر سرية، وكذا تمتيع الضحايا بالمساعدة القضائية.
إضافة الى تعيين مخاطب وحيد على صعيد المحاكم لتتبع قضايا الاتجار بالبشر، ووضع قاعدة بيانات خاصة بقضايا الاتجار بالبشر وبالقرارات الصادرة بشأنها. وهناك أيضا إحداث وحدة على صعيد رئاسة النيابة العامة متخصصة في تتبع قضايا الاتجار بالبشر واللجوء.
وقد عمل المغرب كذلك على إحداث شبكة لنواب الوكلاء العامين للملك على صعيد محاكم الاستئناف متخصصة في قضايا الاتجار بالبشر. وهناك أيضا فرصة إحداث فريق متخصص من المساعدين الاجتماعيين على مستوى المحاكم في مجال التعرف على الضحايا المفترضين والتكفل بهم ومرافقتهم ومواكبتهم. ومن ضمن المتطلبات التكفل الصحي بضحايا الاتجار بالبشر في المؤسسات الصحية العمومية، وإحداث أجهزة ترابية مندمجة لحماية الأطفال المعرضين للمخاطر، مع استمرار التعبئة الوطنية في إطار حملة وطنية لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول والتصدي لظاهرة تشغيل الأطفال وتهريب البشر.

لماذا المغرب ضل في قائمة المستوى الثاني بالرغم من كل هذه الجهود؟

 

تقرير الاتجار بالبشر يعتمد على قواعد ومؤشرات قانونية وعمليةن من بينها مدى ملائمة القوانين الوطنية لشرعية الدولية بمعايير (التعريف، الضحايا، المتابعات، التعويض)، وهو ما يطرح على السياسة الجنائية تحديات استثنائية تدعو إلى تهيئ سلطات البحث والتحري للتعرف على ضحايا هذه الجريمة من جهة. كما تتطلب تشجيع الضحايا أنفسهم، وعامة الأشخاص في المجتمع على التبليغ عن هذه الجريمة، في مواجهة انتشار ثقافة عدم التبليغ عن هذا النوع من الجرائم مما يشجع على مزيد من الاستغلال وتحسيسهم بخطورتها، وتعريفهم على أركانها والوسائل التي ترتكب بها.

ومن منطلق التشجيع على التبليغ، وهي رسالة إنسانية تسائل كل ضمير حي، هناك وعي وانشغال النيابة العامة على بلورة وتنفيذ التوجيهات الملكية بالدفاع عن الحق العام والذود عنه، وحماية النظام العام والعمل على صيانته، في ظل التمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف.

إذن فجريمة الاتجار بالبشر تعد من أخطر الجرائم، لأن الشخص المتّجر به تمارَس عليه السيطرة من خلال معاملته كشيء ممتلَك تنزع عنه كرامته الإنسانية، بسبب الهشاشة والضعف وتلقيه للمساعدة وتعريضها لجميع ضروب الإيذاء بوجود طرف قوي وعليه. فجريمة الاتجار بالبشر التي تعني تجنيد شخص أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيواؤه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك، بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة، أو بإعطاء أو بتلقي مبالغ مالية أو منافع أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.

تضمن التقرير مجموعة من التوصيات في صدد مواجهة الإتجار بالبشر، هل تضن أنه من الممكن أن تمتثل المؤسسات لجميع هذه التوصيات؟ وكيف ذلك؟

المغرب منخرط بشكل طوعي في المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، وآخر النماذج التي ستعزز مسألة تفعيل قانون الاتجار بالبشر وضمن مسار بلادنا في المصادقة وإعمال القانون الدولي الإنساني بتاريخ 22 يوليوز 2022، يبدأ العمل ببرتوكولين في غاية الأهمية، يتعلقان بإجراء تقديم الشكاوى الفردية بالمغرب.

من ضمن الرهانات تنظيم لقاءات توعوية بالجريمة وخطورتها وأبعادها وتجلياتها والتبليغ عنها، واستحضار مؤسسات الإعلام الوطني في التحسيس والتوعية بمكافحة الجريمة والوقاية منها. ونجد أيضا التعاون الدولي على مستوى التصدي لجرائم الاتجار بالبشر العابرة للحدود الوطنية، وخاصة الهجرة غير النظامية وعلاقتها بالاتجار بالبشر. هذه التدابير مكنت وفق معطيات رسمية من التصدي لهذه الظاهرة، حيث أفضت جهود النيابات العامة وأجهزة الشرطة القضائية إلى متابعة 47 شخصا في إطار 17 قضية مسجلة سنة 2017، و231 شخصا في إطار 80 قضية مسجلة سنة 2018، و207 شخصا في إطار 151 قضية مسجلة سنة 2019، و138 شخصا في إطار 131 قضية مسجلة سنة 2020، أي بمجموع 723 شخصا متابعا في إطار 379 قضية خلال السنوات الأربع المذكورة، مع رهاننا المدني والحقوقي في إنصاف الضحايا وجبر ضررهن والتعويض المعنوي والمادي وتنزيل استراتيجية وطنية في هذا المجال، ووضع قاعدة بيانات وطنية إحصائية تمكن من المساعدة على التشخيص والتقييم، وتجميع العمل القضائي ذي الصلة.

مهى الفطيريمتدربة 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *