حقوقيات لـ”بلادنا24″ : مدونة الأسرة ناقصة وأظهرت تمييزا ضد المرأة

بعد مرور 18 عاماً على إقرار مدونة الأسرة في 2004، ورغم ما حققته حينها من خطوات إيجابية في سبيل الانتصار للمرأة المغربية، إلاّ أنها بحسب جهات حقوقية لم تصل إلى المستوى المنشود، كما لم تحقق الكثير من المكتسبات التي نادت بها من أجل تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين، بل عرفت تجاوزات عدة، وعثرات من خلال تضمين نصوص تكرس التراتبية بين الزوجين، وتهدف إلى انتهاك بعض حقوقهن، إذ بات من الضروري المطالبة بتغيير جذري بغية مواكبة وتيرة التطور من جهة، والتزاما بجل المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب من أجل رفع التمييز ضد النساء من جهة أخرى.

بهذا الخصوص صرحت المناضلة الحقوقية والسياسية خديجة الرياضي لجريدة “بلادنا24، قائلة: “في البداية كنا ننظر لمدونة الأسرة الصادرة في 2004 بأنها خطوة إيجابية مقارنة مع مدونة الأحوال الشخصية السابقة لأنها كانت كارثية، ولكنها هي الأخرى لا تستجيب لكافة المطالب التي نعتقد أنها تحمي حقوق النساء، ونعتبر أنها “مدونة الأسرة” تتخللها ثغرات كثيرة وتمييز واسع بين النساء والرجال في مجال الأسرة، والتي تحدد بحسب رأيي في خمس جوانب أساسية.

الجانب الأول بحسب الرياضي يتجلى في سن الزواج إذ مازالت هناك فتيات يتزوجن في سن أقل من 18 سنة بموافقة من القاضي نظرا للواقع الاجتماعي وعقلية بعض القضاة التي تقبل تزويجهن، أما الجانب الثاني ما يتعلق بالولاية على الأبناء، فالأم هي المسؤولة على حضانة الأبناء ورعايتهم، وأي قرار يخص الأبناء يرجع إلى الأب وهو ما يسمى بالنيابة الشرعية على الأبناء حتى وإن كانت الأم هي الحاضنة.

وتابعت الحقوقية ذاتها بالقول:” أما الأمر الآخر يهم حق التزوج بغير المسلم، فالرجل يتزوج بالمرأة على اختلاف دياناتها، لكن المرأة لا يحق لها الزواج بغير المسلم حتى يغير ديانته، وهو تمييز بين الرجال والنساء، وتمييز بحق غير المسلم الذي يفرض عليه ديانة أخرى، أما الجانب الرابع يرتبط بالتمييز بين النساء والرجال في مسألة الإرث، فيما يخص الجانب الأخير مسألة  تعدد الزوجات رغم أن الزوجة الاولى يجرى إخبارها لكن عدم إلغائه يبقى حيفا بحق النساء”.
ورأت خديجة الرياضي أنه على مستوى الطلاق أحدثت المدونة بعض التغييرات لكنها لم تحل جميع المشاكل خاصة ما يتعلق بالنفقة، والنسب، مشيرة إلى أن أهم ما تضمنته المدونة هو حق المرأة بتزويج نفسها ورفع الولاية عنها”.
وأوضحت المتحدثة نفسها في نهاية مداخلتها مع جريدة “بلادنا24″، أن القوانين غير كافية، بل إنها ناقصة، وكي تساهم الأخيرة في رفع العنف يجب أن ترسخ قيم المساواة داخل المجتمع، ورغم أن المدونة في البداية تشير إلى أن الأسرة تبنى تحت مسؤولية الرجل والمرأة، لكنها تبقى فقط حبر على ورق، لأنه بحسب رأيها كل الجوانب الآنفة الذكر تكرس لهذه التراتبية، بالإضافة إلى المدرسة والإعلام، والخطاب الديني المعادي للمرأة والذي يقوم بتشييئها، مضيفة بالقول” العنف وسيلة تحتاجه الأنظمة الديكتاتورية فهي تستفيد من عدم المساواة بين الجنسين لأن المرأة تقوم بعمل مجاني، ومادام هناك نظام استبدادي عام، سيظل العنف الذي تغذيه بعض الوسائل الرامية إلى ترسيخ عقلية العنف ضد المرأة.
وفي سياق متصل، أفادت بشرى عبدو مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في حديثها مع “بلادنا24″ أن مدونة الأسرة جاءت في مرحلة معينة وخطوة إيجابية لكن تنزيلها اليوم على أرض الواقع أظهر بشكل ملموس وجود تمييز في حق النساء وخاصة عند الحديث عن موضوع الولاية الشرعية التي تحد كل حقوق المرأة سواء المطلقة أو المتزوجة، وكل الحقوق الملزمة على أطفالها من قبيل رخصة التنقل من مدرسة إلى أخرى، وكذلك رخصة التطبيب، والسفر خارج المدن وغيرها من الأشياء التي تحد من ولاية الأم على أطفالها.
وتابعت حديثها: ” كذلك يعد زواج القاصرات مسؤولية تُلقى على عاتق الدولة لأنها من واجبها إلغائه بشكل كلي، فالقاصرة مكانها الطبيعي في المدرسة، وليس بيت الزوجية”.
وأشارت المتحدثة ذاتها أن ما يؤحذ كذلك على مدونة الأسرة مسألة تعدد الزوجات قائلة: “يجب إلغاؤه تماما رغم أن هناك نسب قليلة جدا تسعى للتعدد لكن نجد بعض الممارسات الملتوية بهذا الخصوص” ودعت مديرة التحدي إلى انسجام قانون الأسرة مع جل فصوله كي يكرس للمساواة الحقيقية بين النساء والرجال في الحياة المشتركة، علاوة على إعادة النظر بموضوع النفقة كي تؤمن كذلك الحد الأدنى للعيش الكريم فما يعطى اليوم للنساء لا يغطي كل المصاريف اليومية من سكن وتطبيب وتمدرس ومأكل ومشرب “.
وأضافت بشرى أن الذمة المالية في تقسيم الممتلكات تعتريها أيضا صعوبات كثيرة جدا، و على جل المؤسسات المعنية أن تساهم في التوعية وتسهيل المساطر من أجل استفادة الزوجين من تقسيم الممتلكات بشكل عادل، موردة أنه حان الوقت لإحداث تغيير جذري على مستوى قانون الأسرة كي ينسجم و لاتفاقيات الدولية وكذا مع الدستور المغربي”.
وأردفت المتحدثة نفسها في ختام حديثها قائلة: “عند الحديث عن أي مكتسبات لابد أن تنبني على المساواة الحقيقية بين النساء والرجال، وأن تكون حاملة للقيم الإنسانية، وتنبذ التمييز والدونية، وعندها يمكن تقليص العنف ضد النساء، لأنه يعزز من خلال التربية، ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وانطلاقا من العقلية السلطوية السائدة، والقوانين غير المنصفة، وعندما نملك قوانين رادعة وزاجرة بالإضافة إلى دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية بإيصال القيم الإنسانية ستتراجع نسبة العنف”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *