تقرير إخباري : بعد ضجة استدعائهم لـ"فرصة".. هل تتجه الدولة إلى تقنين مهن "المؤثرين"؟

تقرير إخباري : بعد ضجة استدعائهم لـ”فرصة”.. هل تتجه الدولة إلى تقنين مهن “المؤثرين”؟

نشر في: آخر تحديث:

أصبح اليوم العديد من الشباب المغربي يتجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي و جعل منها موردا للرزق، يحقق من خلالها أرباحا مالية مهمة قد تصل إلى “ملايين السنتيمات” سنويا، الأمر الذي يتطلب مواكبة قانونية لهذه المهن الجديدة، خاصة أنها أصبحت تثير الجدل بحكم قدرتها على التأثير في أوساط عموم الشباب، كما أن ذلك يساءل مضامين المحتوى الذي يروج في العديد من القنوات.

ووجد اليوم “اليوتوبرز” و”المؤثرون” أنفسهم في دائرة النقاش العمومي، بعدما كان تواجدهم افتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أثارت مثلا واقعة إطلاق برنامج “فرصة” الكثير من الجدل، حول سبب استدعاء هؤلاء “المؤثرين” وتخصيص مبالغ مالية مهمة للبعض منهم من أجل “التسويق” للبرنامج، الأمر الذي أثار امتعاض كثير من متابعي الشأن العام، خاصة وأن الحديث هنا عن أموال عمومية.

كما أن انتشار محتويات من قبيل “روتيني اليومي” جعلت من الظاهرة محط مساءلة أخلاقية حول مضامين ما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت اليوم مفتوحة على جميع التوجهات، ولا تخضع لأية محاسبة، اللهم بعض الفيديوهات المنتشرة التي تلتها عملية اعتقال، هذا الاعتقال ذاته محط جدل، مادام البعض يراه مجرد مشاهد تمثيلية مثلا “واقعة أولاد تايمة” الأخيرة.

نقاش برلماني

أثيرت قضية انتشار فيديوهات “روتيني اليومي” في جلسة مجلس النواب الاثنين الماضي، وطرحت زينب السيمو النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار سؤالا موجها لوزير الشباب والثقافة والتواصل حول موضوع” استراتيجية وزارة الشباب والثقافة والتواصل من أجل محاربة بعض أصحاب الفيديوهات المسيئة وصانعي المحتوى التافه”، حيث نبهت إلى انتشار السب والقذف في وسائل التواصل الاجتماعي، وطالبت بسن تشريعات للمحافظة على المصلحة العامة.

كما أشارت البرلمانية إلى أن هذه الفضاءات أصبحت مكانا سهلا للاتجار في مآسي الناس، بل وجعل من ذلك مصدرا مدرا للدخل، ولم تفوت الفرصة للإشارة إلى أن بعض تلك المحتويات مسيئة لصورة المرأة وللذوق العام، دون إغفال أن هذه الفئة تجني موارد مالية مهمة دون الخضوع لضرائب.

غياب ترسانة قانونية

في معرض رده على السؤال، قال المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل على أن المضامين القانونية تشمل فقط ما ينشر على الصحافة الورقية والإلكترونية والإذاعة التليفزيونية، ولا يشمل مواقع التواصل الاجتماعي، أما ما يخص ممارسات السب والقذف والتهديد فإنها تخضع لصلاحيات السلطة القضائية التي يمكنها تحريك المتابعة، كما يمكن للمتضررين تحرير شكاية لدى السلطات المختصة.

وأردف الوزير أن وزارته تشتغل رفقة المهنيين لمحاربة انتشار الأخبار الزائفة، لكن تحاشى التعليق على المضامين اللاأخلاقية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

مداخيل مالية هامة

يجني “اليوتبرز” مداخيل مالية مهمة والتي تبقى غير خاضعة لأي تضريب، هذا بالإضافة إلى الإشهارات أو الشراكات مع هيئات للترويج لمواد معينة وهي أموال “طائلة” تروج داخل الاقتصاد الوطني وتبقى غير خاضعة لأي رقابة من طرف السلطات المالية.

فمثلا موقع “يوتيوب” لنشر الفيديوهات يؤدي لأصحاب القنوات ما يقارب 3000 درهم عن كل مليون مشاهدة وهو مبلغ مالي محترم ويسهل الوصول إليه خصوصا في حالة قنوات “روتيني اليومي” التي تملك آلاف المتابعين.

ويسمح موقع “سوسيال بلاد” بالاطلاع على عدد مشاهدات وكذا الأرباح السنوية للحسابات الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يكشف الموقع أن أحد المؤثرين الذي يتابعه ما يناهز 600 ألف متابع، تصل مداخيله السنوية لما يقارب 15 مليون سنتيم سنويا، أما إحدى قنوات “روتيني اليومي” الذي يتابعه ما يقارب 90 ألف متابع، فتصل مداخيله السنوية إلى ما يناهز 80 مليون سنتيم.

صعوبة التقنين والمقاربة التربوية هي الحل

يرى حسن خرجوج الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي أن الأمر صعب جدا إن لم نقل مستحيل، بحكم صعوبة الأمر تقنيا وأي عملية تقنين قد تؤثر بشكل أو بآخر على حرية التعبير في البلاد، كما حدث في التجربة الصينية.

وأضاف المتحدث في تصريح له لا يمكن الحديث بأي شكل من الأشكال عن تقنين ونحن مجرد مستهلكين ولا نستطيع إنتاج منصات، وبالتالي لا نملك سوى الاستهلاك والمتابعة، مصرحا أنه قد نحتاج إلى أكثر من أربعين سنة حتى نتحدث عن التقنين، وأكد على غياب الأرضية المناسبة والكفاءات اللازمة لدى الدولة من أجل عملية التقنين.

أما بخصوص الحل أمام هذه الظاهرة فقد أكد خرجوج على أن المقاربة يجب أن تكون تربوية وليس زجرية، مضيفا أن هذه الفئة تحتاج إلى مزيد من التأطير والتكوين من أجل تطوير محتواها، وإنتاج مضامين تتماشى والذوق العام للمغاربة، لأن الإشكالية اليوم هي إشكالية وعي وما يحدث في العالم الافتراضي من تجليات الواقع.

اقرأ أيضاً: