بعد “فضيحة” وهبي.. هل صناعة الفضائح تنتج رموزا سياسية في المغرب؟

لم يمض على تنصيب الحكومة أزيد من سنة ونصف، بيد أنه كثرت زَلاّتها السياسية التي أربكت الحياة العامة والمشهد السياسي المغربي، وأثير الجدل مرة أخرى، حول توقعات إمكانية تعديل الحكومة، نتيجة زلزال سياسي مرتقب في الأيام القادمة.

ولم يسلم وزير العدل عبد اللطيف وهبي، المثير للجدل، من الجلد بعد “فضيحة” جديدة تدخل سجله السياسي، كوزير لواحدة من أقوى الوزارات في البلاد، وكسياسي، لحزب جديد لم يمر على تأسيسه بعد 15 سنة.

وهبي، الذي تم تنصيبه على رأس وزارة العدل عام 2021، اصطدم مع الشارع المغربي في أولى زلاته الشهيرة بـ”التقاشر”، والتي لم تكد تنسى، حتى وقع في أخرى، جمد فيها عضوية السياسي هشام المهاجري بالحزب إرضاء لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، وفق ما تم تداوله إعلاميا، ليدخل فيما بعد في صراع كبير مع جسم المحاماة، والذي انتهى بفضيحة كبيرة وضعته في ورطة “تزوير” امتحان ولوج مهنة المحاماة.

وهبي الرجل السياسي الذي لا يمل من الزلَّات

لم يتأخر عبد اللطيف وهبي، صانع الجدل السياسي، في صناعة الفضائح في المغرب كغيره من السياسيين الذين لا يملون في إطلالتهم على المغاربة من إثارة ملفات “فضائحية” تهز صورة المغرب، خاصة في الوقت الذي حقق فيه المغرب قفزة نوعية في مجالات وقضايا عدة، آخرها الإنجاز الرياضي الذي عاشه المغاربة خلال تأهل المغرب إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022.

ولأن وهبي، أطل في نهاية عام 2021 على المغاربة بفضيحة “تقاشر”، التي كانت أولى سقطاته التي جرته إلى انتقادات وسخرية كبيرة عند المغاربة، شكلت ردود فعل رأى فيها الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والفاعلون السياسيون، والمتابعون للمشهد السياسي المغربي، أسلوبا متعاليا وتهديديا، تهجم به وهبي على المدير الإقليمي لوزارة الثقافة.

غير أن الأمين العام لحزب “البام”، قرر في خريف السنة الماضية، اتخاذ إجراء متناقض خلق الجدل حينها، خاصة بعد انتشار مقطع فيديو توثيقي، خلال المؤتمر الجهوي الرابع للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يدعو فيه وهبي الفريق البرلماني في الحزب، إلى انتقاد أخنوش وقياديي حزبه داخل البرلمان في أي تصرف يعطل مصلحة المغاربة، انتهى بالعصف بالنائب البرلماني هشام المهاجري، وتجميد عضويته داخل الحزب مع إحالة ملفه على لجنة الأخلاقيات.

وقبل أيام على تسجيل معركته مع القضاة والمحامين، وعلى إثر تسريب امتحانات الولوج لمهنة المحاماة، دشن عبد اللطيف وهبي السنة الجديدة بفضيحة “تزوير” النتائج الكتابية لامتحان مهنة المحاماة، جعلته محط الانتقادات مرة أخرى، خاصة بعد خروجه الإعلامي الأخير، الذي أثار مخاوف المغاربة حول أكثر قطاع حكومي حساس، وذلك عندما دافع وزير العدل عن نجاح ابنه في المباراة المذكورة.

وكشفت النتائج المسربة لامتحانات ولوج مهنة المحاماة، عن خروقات وتلاعبات كبيرة، في صفوف هيئات المحامين بالمغرب، وكذا داخل وزارة العدل، مما جعل وهبي، يخرج بتصريحات مثيرة، أكد فيها على أنه تعرض للضغط من المحامين.

وهبي بين زلة لسان ونزوع تسلطي وعفوية مزيفة

في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة إصلاح منظومة العدالة، لم يكن يتوقع أن يصطدم الرأي العام، مع خطيئة كبيرة من خطايا وزير العدل، في واحد من أكثر القطاعات في العالم تأسيسا للعدل والديمقراطية.

فوهبي، كبروفايل سياسي بارز في المشهد السياسي المغربي، تحول من شخصية سياسية مهمة على رأس وزارة العدل، إلى رجل بزلة لسان ونزوع نحو عفوية مزيفة، تغرقه، وتجره إلى سخرية المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسجل الشارع المغربي، أخطاء حكومة أخنوش، حيث لم يغفل عن التعبير عن سخطه من السلطوية والطغيان والاستقواء الناجم عن الاستحقاق الانتخابي، والتي تجعل الفاعل السياسي يخاطب المواطنين والمواطنات، بشيئ من الاستعراض لقدراته الشعبوية على حساب واجبه المتمثل في خدمة المغاربة، وحسن مخاطبتهم.

هل تصنع “زلة سياسية” رموز الوطن؟

يعتبر المختصون، أن صناعة الرمزية في السياسة، لم تعد مرتبطة فقط اليوم، بالنفوذ السياسي والقرب من مركز السلطة وحدها، بل تعدت ذلك، لتصبح آلية من آليات التواصل، التي تجسد لصورة العظمة والثروة والسعادة، والتي لم يخلو منها المشهد السياسي في السنوات العشر الأخيرة.

غير أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الاله بنكيران، لم يختلفا عن غيرهم من القادة السياسيين في الأحزاب المغربية، الذين يعتبرون من صناع القرار، الذين صنعوا رمزية سياسية متعثرة في تاريخهم السياسي، عبر فضائح كبيرة، في وقت أصبحت فيه الزلات، مادة دسمة ومعلومة سريعة الانتشار في الفضاء الإعلامي الجديد.

بلادنا24خديجة بوتشكيل

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *