المحامية أشتاتو لـ”بلادنا24”: هل نريد مدونة مدنية أم نريد مدونة شرعية؟

لا زال الجدل متواصلا حول ”المرجعية الإسلامية” في تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، لوجود العديد من الجمعيات و الأحزاب التي تشدد على أنها ضرورية في أي تغيير سيطرأ على المدونة، فيما توجد فئة أخرى تؤيد وجوب احترام حريات الفرد والحياة الاجتماعية.

العديد من الحقوقيين يرون أن عددا كبيرا من أحكام مدونة الأسرة يجب إعادة النظر فيها، بالنظر للظروف الاجتماعية التي تغيرت منذ صدورها سنة 2004، ويرددون عبارة ”الديمقراطية تعني المساواة بين الطرفين، أي الرجل والمرأة، لذلك لا بد من إشراك النساء في العديد من المجالات”.

وفي هذا الحوار كشفت فتيحة أشتاتو، محامية بهيئة الرباط عن رأيها لـ”بلادنا24”، حول التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة.

ما رأيك بالتعديلات الجزئية المرتقبة حول ”مدونة الأسرة”؟

كما جاء في الخطاب الملكي، ”لن أحلل ما حرّم الله ولن أحرّم ما حلل الله في قضية مدونة الأسرة التي لها نصوص قرآنية شرعية”، رغم أننا نجد أن الغالبية قاموا بربطها بثوابتنا، كما أننا قمنا باعتبارها حدثا بارزا في فترة مراجعتها، إلا أننا لن ننكر أنها جاءت بمجموعة من المكتسبات، لكن من خلال التطبيق تبين وجود العديد من الثغرات، والمنحى الذي كنا بانتظاره لم يذهب في المسار الذي أردناه وتمنيناه، بسبب العديد من النصوص و أحيانا بسبب العقلية الذكورية للسلطة التقديرية، توجد أسباب لذلك حان الوقت وأصبح من اللازم إجراء تعديلات عدة.

هناك العديد من أخذ الآية القرآنية، على أننا لا يجب أن نمس بالأشياء التي توجد بها نصوص قطعية، فهناك نقاش، هناك فريق تقليدي محافظ يقول لا يجب المساس بالأشياء المتعلقة بالدين، رغم أن هناك بنودا ليس لها علاقة بنص شرعي بل شهادات فقهية لا غير، إلا أنهم لا يقبلون النقاش فيها، على سبيل المثال ”الإرث بالتعصيب”، ألا وهو المجتمع المغربي تطور والمرأة باتت تعيل الأسرة لم تعد معالة، عكس القديم، كانت المرأة عند موت زوجها يعولها أحد من أفراد أسرتها.

فلا يعقل كوني محامية، أقوم بتجهيز كل ما يخص بيت الوالد وأعيل أسرتي، ولكوني ليس لدي أخ أجد أحدا من أفراد العائلة كابن العم يرث معي، رغم أنه لا يوجد ود ووصال بيننا، فهذا ما ننادي بتغييره.

كذلك فيما يتعلق بالفصل 400 لمدونة الأسرة، الذي يوجد به إشكال ويتضمن عبارة ”كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”، الاجتهادات الفقهية مختلفة، نجد الاجتهاد الفقهي، المالكي، الحنبلي، فنحن نعرج إلى الاجتهاد المالكي، والمالكي ”متشدد” فالخطاب الملكي يقول يجب أن ننفتح على الاجتهاد المنفتح، وأشار إلى أن المجتمع لا يمكن أن توجد به تنمية إلا بإشراك المرأة وتحقيق العدل بينها وبين الرجل في كل المجالات.

بينما نجد هناك جانبا آخرا متقدما ويسمى بالحداثي، يستند على الدستور الذي ينص على مجموعة من الحقوق والمساواة في الفصل 19، ويقول لدينا اتفاقيات دولية صادق عليها المغرب، نحن نعرف أن الاتفاقية بمجرد المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية تصبح واجبة التطبيق وقانونا وطنيا.

في هذا الصدد يجب أن أصرح قائلة، يتوجب علينا أن نقطع مع ماذا نريد، هل نريد مدونة مدنية أم نريد مدونة شرعية؟

نعلم أن القاضي لم يعد يستمع للقاصر، والمشرع لم يلزم توقيع طلب الإذن للقاصر الأم، بل يقتصر على توقيع الطلب من طرف الولي، في هذه الحالة ما هي وجهة نظرك؟

زواجهن بات قاعدة لم يعد استثناء، هذا كذلك يدخل فيما قلته من قبل، ألا وهو المصادقة على الاتفاقيات الدولية، نحن صادقنا على اتفاقية حماية الأطفال إذن فمن واجبنا حماية هؤلاء الأطفال، لوجود الالتزام الدولي، ونعلم أن السن القانوني للزواج 18 سنة، لكن للأسف ذلك الاستثناء الذي يوجد في المادة 20 و21 أنجب مشكلا.

إحصائيات رئاسة النيابة العامة والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وغيرهم، كلها تؤكد أن هذا الإذن أصبح قاعدة لم يعد استثناء، لهذا نطالب بإلغاء تزويج القاصرات وتجريمه، بل ”الطفلات”، لأن كلمة القاصرات لا تفي وليست بمحلها.

مكان ”الطفلات” ليس بيت الزوجية بل المدرسة وأحضان والديها، خاصة في ظل المدونة التي تنص على المساواة.

زواج القاصرات استغل في التعدد، أحيانا نجد أنفسنا أمام قضية التعدد وقبالة هدم عائلة أخرى وأطفال آخرين.

ماذا تقولين حول الجدل والنقاش القائم حول مدونة الأسرة من طرف المحافظين والتقدميين؟

هذه مسألة تهم المجتمع، والمشرع يشرع بجميع مكونات المجتمع، إذا للخروج بحلول في المستوى لخلق التوازن في مجتمعنا، يجب الاستماع لكل شيء يجب أن تكون هناك تشاركية مع المجتمع المدني مع المحافظين والتقدميين، وحوار جدي فعال من أجل مصلحة الإنسان أولا وقبل كل شيء إن كان امرأة أو رجل أو طفل، هذا هو الأساسي، وبالنسبة للاجتهاد الفقهي ما دام الباب مفتوحا، فيما لا يوجد فيه نصوص قطعية، فمن المفروض على علمائنا ألا يكونوا متشددين، ونحاول خلق توازن.

على سبيل المثال، هناك نصوص قطعية في القرآن ولا تستعمل، على سبيل المثال القصاص، لكن لانقوم بتطبيقه ونحن مسلمون، إذا من قام بسرقة شيء ما تقطع يده.

نحن نعيش تناقضا، يجب أن نتحلى بالإرادة من أجل التغيير، نحن نعلم أن النساء يعانين من الهشاشة والفقر، لذلك يجب تدخل جميع القطاعات من أجل تحقيق التوازن في المجتمع والحماية لكل أطرافه خاصة النساء، لأنهن يعانين من التمييز وغالبا ما يكون قانونيا.

 بلادنا24- حفصة المقدم

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *