السيدا.. مكافحة مستحيلة بدون توعية بمخاطر المرض

في ظل غياب التوعية لمكافحة فيروس السيدا، من الممكن أن يعرف المغرب ارتفاعا مستمرا في حالات الإصابة بالإيدز، ولا يمكن أن يتحقق الوعي بمخاطر هذا المرض في اليوم العالمي لمحاربة داء فيروس نقص المناعة المكتسبة فقط، رغم أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أوضحت أن انتشار الفيروس بات منخفضا، إلا أنه لايزال هناك ضعف في جانب توعية المواطنين بخطورة المرض.

إحصائيات الوزارة

وكشفت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن الإحصائيات الوطنية الأخيرة تشير إلى، أن “انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة بات منخفضا في المغرب بنسبة 0.08 في المائة، كما تظهر الإحصائيات وجود 830 إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، في حين تم تسجيل 23000 شخصا مصابا بفيروس نقص المناعة المكتسبة منهم البالغين والأطفال سنة 2021”.

وفي ذات السياق، أضافت الوزارة، أنه “تم تحقيق تقدم ملموس في مكافحة السيدا، وذلك بفضل الجهود المبذولة من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وشركائها وكذا جمعيات المجتمع المدني، حيث انخفضت الإصابات الجديدة بالسيدا بنسبة 48 في المائة بين 2011 و2021، كما ارتفعت نسبة الأشخاص المتعايشين مع الفيروس الذين يعرفون بإصابتهم من 22 في المائة سنة 2011 إلى 82 في المائة سنة 2021”.

وأبرز المصدر ذاته، أنه “قد تمكن حوالي 125490 شخص من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، من الاستفادة من التغطية الصحية من خلال برامج الوقاية المشتركة في 2021، بالإضافة إلى توسيع عملية الكشف عن الفيروس بأكثر من 1600 مؤسسة صحية و59 مركزا دائما ومتنقلا للمنظمات غير الحكومية و70 مؤسسة سجنية”.

ارتفاع الإيدز لدى النساء الحوامل

أما فيما يخص الحد من انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة من الأم إلى الطفل، أوضحت الوزارة، أن العدد “قد ارتفع لدى النساء الحوامل اللواتي تم إخضاعهن لاختبار الفيروس في استشارة ما قبل الولادة، من 5630 في 2011 إلى 95808 في 2021”.

وأكدت الوزارة، أنها سبق ووضعت مجموعة من التدابير للتشخيص والتكفل بالمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة، من بينها، “اعتماد نهج الكشف ثم العلاج منذ عام 2015، وتوفير العلاج المجاني بمضادات الفيروسات والرصد البيولوجي، بالإضافة إلى إعداد 35 مركزا للتكفل بالمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، فضلا عن 14 مختبرا لتوفير التشخيص والرصد البيولوجي”.

وذكرت الوزارة، أن “الولوج لخدمات اختبار فيروس نقص المناعة المكتسبة والتكفل به متوفر مجانا بالمراكز والمؤسسات التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في إطار الإنصاف واحترام حقوق الإنسان للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة”.

الارتفاع بين ممتهنات الجنس

ومن جهة أخرى، قالت نادية بزاد، رئيسة المنظمة الإفريقية لمكافحة داء السيدا، في تصريح لـ“بلادنا24”، إن المغرب عرف انخفاضا في نسبة انتشار المرض، “لكنه مازال مرتفعا على مستوى الفئات الهشة، وهم محترفات الجنس ومتعاطي المخدرات، حيث تصل نسبة الإصابة إلى 7 في المئة، ويساهم في زيادة هاته النسبة، ممارسة الرجل الجنس دون حماية خارج إطار الزواج، مما يسهل انتقاله إلى زوجته، وبالتالي إلى جنينها في حالة الحمل، وإلى باقي أفراد الأسرة”.

اللامساواة في الوقاية من السيدا

وفي نفس السياق، أضافت بزاد، قائلة: “اليوم ليس هناك أي استراتيجية تهم الوقاية الجنسية”، وزادت “الوقاية في يد الرجل فقط، هو الذي يمكنه أن يضع الواقي الذكري أو أن يمتنع عن ذلك، عكس المرأة ليس لها أي حل، ولا يمكن أن تحمي نفسها، وإن طلبت من زوجها ذلك يمكنها التعرض للعنف”.

وأشارت رئيسة المنظمة الإفريقية لمكافحة داء السيدا، إلى أن “العنف هو وسيلة من وسائل انتشار السيدا، والنساء المعنفات لا يبحثن عن الحل (النصيحة التشخيص العلاج)”.

الإيدز بجانبين

ومن جهة أخرى قالت، المتحدثة، إن “فيروس السيدا له جانبان، الأول هو الطبي والذي نتحكم فيه ويتمظهر في التشخيص والعلاج، وهو متوفر في المغرب بالمجان، لكن الجانب الثاني وهو الاجتماعي، ويتعلق احترام حقوق المرضى وحقوق الناس الذين ينتمون إلى الفئات الهشة، لأنهم يعيشون التمييز وبالتالي يتهربون من التشخيص، لذلك لابد من تغيير نظرة المجتمع، لأن كل شخص له الحق في التشخيص والعلاج”.

غياب الوعي بمخاطر السيدا في صفوف الشباب

وتطرقت الدكتورة إلى نقطة أخرى، وهي الشباب، قائلة: “إنهم لا يملكون أية معرفة وهم الضحايا في ظل غياب التربية الجنسية”، وأضافت ”تدرس التربية الوطنية والإسلامية في حين ليست هناك تربية جنسية، هناك غياب فظيع للتربية الجنسية وصمت حول المشاكل الصحية الجنسية لذلك ينتشر هذا الفيروس”.

وذكرت أن هناك دراسة مفادها أنه ”في حالة اطلاع الشابة أو الشاب على معلومات صحيحة حول الأمراض المنقولة جنسيا، لا يمارسون علاقة جنسية غير محمية”.

2030.. سنة القضاء على السيدا

وعلقت نادية بزاد، بأن “الشباب عرضة لهذه المشاكل ولابد من التطرق لهذا الموضوع، لكي نستطيع فعلا في سنة 2030 القضاء على فيروس السيدا”.

وأكدت رئيسة المنظمة الإفريقية لمكافحة داء السيدا، أن ” العلاج والتشخيص موجود، لكن جانب التوعية غائب”.

وأضافت أنه “ليست هناك توعية في المغرب سواء في المحيط المدرسي والعائلي وأيضا الإعلامي، عدا خلال اليوم العالمي للسيدا، فالكل يهتم به أما باقي الأيام يتخللها الصمت، ولا يمكننا أن نحقق الوعي في يوم واحد”.

ودعت بزاد المغاربة إلى التشخيص، وأكدت أنه مجاني، مشيرة إلى أنه “كلما كان التشخيص مبكرا كل ما كان الشفاء من المرض أسرع، حيث يمكن عيش حياة طبيعية والزواج والإنجاب”.

اللامساواة تعيق نهاية السيدا

وفي نفس السياق، أظهر تحليل أممي جديد، صدر تحت عنوان “أوجه عدم المساواة الخطيرة”، كيف تمنع عدم المساواة بين الجنسين، والأعراف بين الجنسين، نهاية فيروس الإيدز، مقابل الاستمرار في زيادة الإصابات الجديدة والوفيات في أجزاء كثيرة من العالم.

وجاء في تقرير للأمم المتحدة نُشر في الأيام الماضية، يخص فيروس نقص المناعة البشرية، أن “اللامساواة ستمنع العالم من تحقيق الأهداف العالمية المتفق عليها بشأن الإيدز”، لكن “خريطة الطريق النسوية يمكن أن تعيد البلدان إلى مسارها الصحيح”.

وحسب نفس التقرير، فإن “العامل الدافع هو القوة”، مستشهدا بدراسة أظهرت انخفاض تعرض الفتيات للإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بنسبة تبلغ 50 في المائة، “في حال سُمح لهن بالبقاء في المدرسة وإكمال تعليمهن الثانوي”.

وأشار نفس المصدر، إلى أنه “عندما يتم تعزيز ذلك بحزمة من دعم التمكين، تقل مخاطر الفتيات بدرجة أكبر”.

والجدير بالذكر، أن التقرير جاء قبل اليوم العالمي للإيدز، الذي تحييه الأمم المتحدة في الأول من دجنبر من كل عام.

ويذكر أن السنة الماضية، توفي 650 ألف شخص بسبب فيروس نقص المناعة المكتسبة، وأصيب به 1.5 مليون.

بلادنا24لبنى بوشارب

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *