الثقافة والأناقة لدى المشاهير جدل مجتمعي بين التأثر والتأثير

هناك من يعتقد أن الجمال جمال الروح، وآخرون يعولون على جمال المنظر واللباقة المستندة إلى العلم والثقافة، وبين النظريتين لا يمكننا أن نقبل بعض التقاليد البالية التي تصور المرأة جسدا فقط أو معايير من الجمال حددها الزمن، فالمرأة مزيج من الثقافة والحدس والجمال.

إذ من الممكن ألا يختلف اثنان على ملامح الجمال في المناظر الطبيعية، أو الأعمال الفنية، ولكنهما حتما، يختلفان في الحكم على جمال المرأة، لأن جمال المرأة موضوع نسبي مركب ومعقد في عناصره.

أطروحة نزار قباني

“مكياج المرأة يجب أن يكون مكياجا ثقافيا لأحبها، أنا لا أستطيع ان استحمل امرأة غبية”، يروي الشاعر والكاتب نزار قباني في إحدى لقاءاته الصحفية، مبرزا، أن الجمال بالنسبة له مرتبط بالثقافة، لكن إشكالية الجمال والثقافة لم تنحصر في رأي نزار قباني فقط، بل امتدت مع العصور وصولا إلى وقتنا الحالي، حيث باتت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا، لا يمكن الحسم فيه، بين خطورته وأهميته، إذ بات رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير يؤثرون بشكل كبير على المتلقي، خاصة النساء منهم.

فقد لا يتفق الجميع مع أطروحة نزار قباني، ورأيه حول المرأة، إلا أن الكاتب المولوع والمعروف بغزله وتقديره للمرأة والجمال الرباني للنساء، فضل فعلا الثقافة على الجمال الفارغ، إذ هناك من يعتبر المرأة المثقفة كنز هذا الزمان.

أناقة وثقافة المشاهير

بين التباهي والمنافسة حول الجمال، من الأجمل في هذا الحدث الفني، من أكثر نحافة، من منهن ترتدي أغلى وأرقى الثياب..، هي مواضيع تضج بها وسائل الإعلام ومواقع التواصل حول إطلالات المشاهير في المناسبات الفنية الكبرى، إلا أن الموضوع لم يقف على هذا الحد بل وصل إلى أن من تتميز بالثقافة ولا تحظى بأناقة كافية لا تعتبر نموذجا يحتذى به، فالمظاهر في الوقت الحالي باتت الأهم، وفق ما يروج.

إذ أن علاقة المشاهير بمتابعيهم، تعد علاقة تتسم بخطورة كبيرة بين التأثر والتأثير، حيث هناك بعض النساء اللواتي يبحثن عن هويتهن وأنوثتهن من خلال نفس ماركات اللباس ونفس الصور ونفس نمط العيش بدل التركيز في إغناء العقل بما يحتاج إليه، وذلك نظرا لما تلتقطه عقولهن من مواقع التواصل الاجتماعي.

مشهورون لكن فارغون

أن تحظى بالجمال والأناقة والرقي والثقافة، أمر ليس بالسهل، نماذج كثيرة نراها في الفترة الأخيرة من المشاهير لا يتقنون لغة سوى لهجتهم الأصلية وبعض الكلمات من لغات أجنبية لا تكفي لتركيب جملة مفيدة، إذ أن صمتهن ووقفتهن أمام الكاميرا والتباهي بأغلى المجوهرات والملابس يعد أفضل لهن نظرا لجاذبيتهن أمام الكاميرا.

فعلى “إنستغرام” تتفاوت أسماء العارضات والفاشينيستات في التسابق على أرقام المتابعين المقدرة بمئات الآلاف، وربما الملايين، لأنهن يقدمن صورتهن في أزياء ومستحضرات تجميل جديدة، وكذلك هو الحال على فيسبوك ويوتيوب لبعض صانعات المحتوى اللواتي لا يضفن قيمة تتناسب مع شهرتهن.

إذ أن هذا العرض المستمر للذات على الآخرين لاجتلاب اهتمامهم بصرف النظر عن جودة المحتوى المقدم، يدفعنا إلى التساؤل حول الأمر، هل هو حدث عابر صنعته وسائل التواصل، أم هي شهوات للذات خدمها فيسبوك وأقرانه؟ وما نتيجة الشهرة السريعة فارغة المحتوى؟ وكيف هو حال الجماهير في التعامل مع المشاهير في الوقت الحالي؟ خاصة النساء بين التأثر بالأناقة والإغفال عن الثقافة.

بلادنا24 ـ حنان الزيتوني 

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *