خبير في العلاقات المغربية الإسبانية يحلل أبعاد زيارة سانشيز للرباط ونتائجها (حوار)

حل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أمس الأربعاء، بالمغرب، في زيارة عمل وصداقة، رفقة وفد مرافقه له، يتقدمهم وزير الخارجية، خوسي مانويل الباريس. زيارة تأتي لتكرس تجذر العلاقات بين الرباط ومدريد، كما أنها تأتي لتؤكد على الموقف التاريخي الذي عبرت عنه الحكومة الإسبانية بشأن قضية الصحراء المغربية.

في هذا الحوار مع عبد العالي باروكي، أستاذ جامعي متخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، سنحاول التطرق إلى أبعاد هذه الزيارة وحيثياتها، ومدى تأثيرها على البلدين معا. كما سنحاول الإجابة عن مدى عمق علاقة المغرب بجارته الشمالية، التي تأجلت زيارة وزير خارجيتها إلى الجزائر 12 ساعة فقط قبل موعدها.

بداية، كيف تقرؤون توقيت زيارة رئيس الحكومة الإسبانية للمغرب، وما دلالاتها الدبلوماسية والسياسية؟

توقيت الزيارة بالنسبة للإسبان، تعتبر دينا مرتبطا بعرف لرئيس حكومة إسبانيا في العقود الأخيرة، لزيارة المغرب بعد تنصيبه على رأس الحكومة، رغم أن هذه المرة لم تكن وجهة بيدرو سانشيز الأولى خارج إسبانيا، أو خارج الاتحاد الأوروبي هي المغرب، بل كانت هناك زيارات لأماكن أخرى، مثل الأردن وموريتانيا.

هذه الزيارة مهمة على عدة مستويات، فعلى المستوى السياسي، هي تأكيد لموقف مدريد من تجديد علاقاتها مع الرباط، بعد التوقف، بسبب الأزمة الدبلوماسية السابقة. وهي كذلك تأكيد على رغبة إسبانيا بالسمو بهذه العلاقات نحو الأفضل، كما أنها زيارة لربط الماضي بالمستقبل.

السنة الماضية، أي بعد الإعلان المشترك لأبريل 2023، وكذلك نظرا لكون السنة الماضية، هي سنة انتخابية بالنسبة لإسبانيا بامتياز. الآن يأتي رئيس الحكومة، ليؤكد للمغرب استمراريته في النهج الذي بدأه منذ سنتين مع المملكة.

في اعتقادكم، هل تحمل هذه الزيارة أية رسائل سياسية للجزائر؟

بالنسبة للمغرب، أظن أنه في علاقاته، وكذا سياسته الخارجية، هو يشتغل في إطار الوضوح والطموح، الذي رفعته المملكة المغربية في السنوات الأخيرة، وكل خرجاته الرسمية وجميع المواقف التي يتخذها المغرب في السنوات الأخيرة، لا تأخذ بعين الإعتبار جوانب أو دول أخرى، لأن المغرب يشتغل في إطار استراتيجية واضحة، يرسمها الملك محمد السادس.

أما بالنسة لإسبانيا، فأظن، كذلك، أن هذه الزيارة، لسيت وليدة الأمس أو اليوم أو الأسبوع الماضي، وإنما هذا النوع من الزيارات يتم الإعداد له مسبقا.

أظن أن زيارة وزير الخارجية الإسباني للمغرب، قبل ذلك، تدخل في هذا السياق، أي التحضير لزيارة رئيس الحكومة الإسبانية. كما أن علاقات المغرب مع شركائه، ليست ردود فعل، كما قد يعتقد البعض، وإنما هي تدخل في إطار استراتيجية وسياسة خارجية محكمة وواضحة المعالم.

هل يمكن القول إن تواجد وزير الخارجية الإسباني رفقة سانشيز، انتصار جديد للدبلوماسية المغربية، خاصة بعد إلغاء زيارته للجزائر؟

تواجد وزير الخارجية في الوفد المرافق لبيدرو سانشيز هو أمر عادي، لأن وزير الخارجية هو المسؤول الحكومي الأول بعد رئيس الحكومة، فيما يخص العلاقات الخارجية، وخاصة في علاقات إسبانيا بالمغرب،. وكذلك لأن هو الذي يتتبع مجموعة من الملفات، التي تم بدأها منذ الإعلان المشترك، وكذلك منذ القمة رفيعة المستوى السابقة.

وبالتالي، فأظن أن وزير الخارجية، من الطبيعي أن يكون من ضمن الوفد الرسمي لزيارة سانشيز. ومسألة إلغاء الجزائر لزيارته قبل ساعات، أو قبل يوم من تاريخها، فهذا الأمر يهم الجزائر أكثر مما يهم المغرب.

وأظن أن مواقف إسبانيا فيما هو مرتبط بالمغرب، مرده، إلى أن مدريد تربطها علاقات استراتيجية مع الرباط. وبالتالي، فإسبانيا تسعى إلى العمل على تطوير هذه العلاقات إلى الأفضل.

ختاما، ما الذي يجعل العلاقات المغربية الإسبانية متميزة بهذا الشكل، خصوصا إذا أخذنا بعين الإعتبار، أنها علاقات تاريخية، قوية، ومتينة؟

ما يميز العلاقات المغربية الإسبانية، هي أنها علاقات ضاربة في التاريخ، وهي ليست وليدة الأمس، وليست حديثة أو محدثة.
صحيح أن علاقات الرباط بمدريد في السابق، كانت علاقات ثنائية كلاسيكية في بعدها الثنائي، ثم بعد انضمام إسبانيا إلى المجموعة الأوروبية، أصبحت ذات أبعاد شبه ثلاثية.

المغرب يتعامل مع إسبانيا في سياق أوروبي، رغم كون مجموعة من الاتفاقيات كذلك توقع بشكل ثنائي. أما الآن بعد القطيعة، والأزمة التي سبقت، نشهد عودة العلاقات المغربية الإسبانية مؤخرا. وهناك حديث مثمر عن شراكة استراتيجية، وحين نقول استراتيجية، فنحن نتحدث على الأقل على المدى المتوسط، ثم على المدى البعيد.

وهي أيضا علاقات تأخذ المعطيات الجيو سياسية، وكذلك الماكرو اقتصادية، والمصالح المشتركة، إقليميا ودوليا. وهذا ما تسير نحوه العلاقات بين البلدين في القريب، بدءا من الإعلان المشترك، وحتى تنزيله على أرض الواقع، من خلال إبرام مجموعة من الاتفاقيات في مجالات متعددة، خاصة في المجال الأمني، والهجرة، ومحاربة المخدرات، والمتاجرة في البشر، وكذلك التنسيق الأمني ومحاربة الإرهاب، إلى غير ذلك. ثم بطبيعة الحال، الملفات ذات الطابع الاقتصادي والاستثماري، باعتبار أن المغرب نفسه يشكل منصة للاستثمار في إفريقيا.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *