المسيرة الخضراء.. عنوان نبوغٍ مغربي متجدد

السادس من نونبر ليس مجرد تاريخ عادي، يوم يحتفل فيه المغاربة قاطبة، من طنجة إلى الكويرة، بذكرى المسيرة الخضراء، الملحمة الوطنية الخالدة في مسلسل استكمال الوحدة الترابية للمملكة، والتي تجسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي.

المسيرة الخضراء محطة راسخة في وجدان المغاربة

يشكل تخليد هذه المحطة التاريخية الكبرى، المليئة بالدروس والعبر، والقيم الحميدة، مناسبة لاستحضار الأمجاد واستنهاض الهمم، من أجل إعلاء صروح المغرب.

وفي هذا الشأن، يرى فؤاد مسرة، أستاذ القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط، ورئيس مركز تناظر للدراسات والأبحاث، كون المغاربة يتذكرون هذه الملحمة “التي تعبر عن العبقرية والنبوغ المغربي، وذكاء ملك وشعب، بالإضافة إلى القيم الراسخة في وجدان كل المغاربة”.

ويضيف مسرة، في تصريح لـ”بلادنا24” أن ’’هذه الذكرى تبرز إحدى خصائص الأمة المغربية في رفض الظلم، وتوقه إلى الحرية والانعتاق من الاستعمار، وهو ما تمثل في الكثير من الأحداث، من قبيل تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، وأيضا ثورة الملك والشعب”.

وأبرز أن ذكرى المسيرة الخضراء، ’’هي استمرار لتاريخ من الكفاح، والتضحية ضد الاستعمار ظهر وتجلى من خلال مقاومة القبائل المغربية في كل ربوع الوطن، والاحتفاء بها جاء لحفظ ذاكرة المغاربة وهويتهم الوطنية’’.

دلالات ذكرى المسيرة الخضراء

ووفقا لفؤاد مسرة، فإن المسيرة الخضراء، تدل على’’إيمان المغاربة بثقافة السلم واعتماده كآلية لحل كل المشاكل المستعصية، وهذه نتيجة للهوية المغربية، التي احتكت بالعديد من الشعوب الأخرى’’، واصفا أيها بـ’’رأس مال لا مادي ورصيد وطني وموروث حضاري، لدولة أمة لها تاريخ طويل وحافل في الدفاع عن مقدساتها وتوابتها الدينية والوطنية’’.

وأبرز الأستاذ الجامعي، أن الذكرى تحمل الأجيال الحالية والقادمة، ’’واجب الحفاظ على المصالح العليا للوطن، والدفاع عن هذه المصالح، عبر تمثل وتملك قيم الجدية والمسؤولية، والعمل على تقدم المغرب وصيانة مكانته بين الأمم’’.

المسيرة الخضراء وتنمية الأقاليم الجنوبية

لاشك أن استرجاع المغرب، لأقاليمه الجنوبية ساهم في تنميتها تنمية كبيرة، على جميع المستويات.

ويرى رئيس مركز تناظر للدراسات والأبحاث، أن أقاليم المملكة الجنوبية، ’’شهدت تنمية كبيرة على جميع المستويات، سواء السياسية أو الإقتصادية والإجتماعية أو الثقافية مباشرة بعد استرجاعها’’.

ففي الجانب الاقتصادي والاجتماعي، يعتبر المتحدث، أنه ’’يمكننا أن نتحدث عن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي شرع في تنزيله منذ سنة 2015، ليعطي زخما تنمويا مشهودا، بتحسينه من جودة عيش الساكنة’’.

أما بالنسبة للمستوى الثقافي، فيقول مسرة، أن التنمية الثقافية، ’’تظهر من خلال الاهتمام الكبير بالمكون الحساني في الهوية المغربية، وأيضا من خلال الفعاليات الثقافية التي تشهدها المنطقة، والتي أضحت تكتسي بعدا إقليميا وقاريا ودوليا’’.

وأوضح أستاذ القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المغرب اعتمد الجهوية المتقدمة، ’’وأعطى لجهتي العيون والداخلة الأولية في تطبيق هذه الجهوية، كما مكن الساكنة المحلية من تطبيق الجهوية المتقدمة، مع اقتراحه مبادرة الحكم الذاتي لتدبير هذه المناطق تحت الراية المغربية، مما يدل على ثقته في الساكنة المحلية’’.

48 سنة على المسيرة الخضراء 

على طول 48 سنة، يقول فؤاد مسرة، أن ’’المنطقة عرفت العديد من الاستحقاقات الانتخابية، سواء المحلية أو الجهوية، أو على مستوى الغرف أو الإنتخابات البرلمانية، ودائما ما تسجل أعلى نسب المشاركة على المستوى الوطني في هذه المناطق الجنوبية’’، مبرزا أن المناطق الجنوبية، ’’تعرف مجتمع مدني قوي، متحرك متعدد الاهتمامات والتخصصات’’ .

مجهود تنموي كبير بالأقالم الجنوبية

ويعتبر المتحدث ذاته، أن ’’الاستعمار الإسباني، لم يحدث بنيات تحتية قوية في هذه المناطق، بل كان استعمارا استغلاليا فقط، ما أدى بعد استرجاع المناطق الجنوبية، إلى بذل مجهود تنموي كبير تم تقيمه بعد 20 سنة، ليعطي النموذج التنموي الجديد، وبموجب ذلك، وضع المغرب رؤية مفادها أن تصبح هذه المناطق الجنوبية قطبا اقتصاديا كبيرا على المستوى الوطني والقاري والدولي’’.

مضيفا أنه يجب أن يكون رافعا للتنمية والإستثمارات، ’’وهذا يدل على رؤية مهمة تهتم بإشراك الساكنة من جهة، والقيام بالعديد من المشارع المهيكلة من جهة أخرى، كميناء الداخلة الأطلسي، والطريق السريع الذي سيربط تزنيت بالداخلة، أو المجهود الكبير على مستوى التعليم والصحة”.

واعتبر فؤاد مسرة، أن المناطق الجنوبية أصبحت تنافس المدن العالمية من حيث السياحة، مردفا: ’’أصبحنا أمام مدن تنافس المدن العالمية، يمكننا أن نتكلم عن الداخلة كمدينة عالمية، لأنها تستقطب السياح من جمييع أنحاء العالم’’.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *