إسقاط المحكمة الدستورية مقاعد البرلمانيين.. طعون انتخابية وملفات فساد رائجة

خلف قرار المحكمة الدستورية بإسقاط عضوية نائبين برلمانيين بمجلس النواب، جدلا حول وضعية هذه المؤسسة الدستورية، خاصة أن الأمر يتعلق بنواب متابعين في قضايا فساد.

وبلغ عدد المقاعد البرلمانية التي أسقطتها المحكمة منذ بداية الولاية التشريعية الحالية 20 مقعدا.

واختلفت أسباب القرارات، بين مقاعد أسقطت بسبب الطعون الانتخابية، وأخرى بسبب متابعة برلمانيين في قضايا فساد، أو حتى اعتقال عدد منهم في سجون المملكة.

الطعون الانتخابية

شكلت طعون الأحزاب السياسية جزءا مهما من المقاعد التي أسقطتها المحكمة الدستورية، وتنوعت هذه الطعون بين خروقات خلال الحملة الانتخابية، أو تغيير اللون السياسي إلى فقدان الأهلية.

إلا أن أبرز قرار صدر عن المحكمة، هو إسقاط مقاعد انتخابية بدائرة الحسيمة، بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها المملكة جراء تفشي وباء كورونا، وهو القرار الذي كان محط نقاش دستوري.

إذ أن القرار شمل مقاعد كل من نور الدين مضيان (الاستقلال)، محمد لعرج (الحركة الشعبية)، بوطاهر بوطاهري (التجمع الوطني للأحرار)، ومحمد حموتي (الأصالة والمعاصرة).

أما دائرة الدريوش، فقد شكلت الاستثناء، إذ شملها قرار المحكمة الدستورية مرتين، بعدما أسقطت عضوية كل من عبد المنعم الفتاحي (الاستقلال)، والمصطفى الخلفيوي (الأصالة والمعاصرة)، ثم قررت إعادة الانتخابات مرة ثانية، بعد إسقاط كل من محمد الفضيلي (الحركة الشعبية)، وياسين أوشن (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية).

وشملت القرارات دوائر أخرى، كمديونة التي أسقطت فيها هاشم أمين الشفيق (الاستقلال)، ومكناس التي عرفت إلغاء عضوية بدر الطاهري (التجمع الوطني للأحرار)، إضافة لجرسيف التي تم إسقاط عضوية كل من محمد البرنيشي (الأصالة والمعاصرة) وعلي جغاوي (الاستقلال)، ثم عين الشق التي أسقط فيها كل من عبد الحق الشفيق (الأصالة والمعاصرة) وإسماعيل بنبى (الاستقلال).

برلمانيون أمام القضاء

لعل قرارات المحكمة الدستورية المتعلقة بإسقاط نواب بسبب ملفات أمام القضاء يحمل أكثر من دلالة، خاصة أن الأمر يتعلق بنواب يفترض فيهم النزاهة والشفافية، والابتعاد عن شبهات الفساد.

وأسقطت المحكمة الدستورية النائب البرلماني عن دائرة آسفي محمد الحيداوي (التجمع الوطني للأحرار)، بسبب إدانته من قبل بجنحة إصدار شيكات بدون رصيد.

كما أسقطت بابور الصغير (الاتحاد الدستوري) عن دائرة سطات، وهو المتابع بالنصب وإصدار شيكات بدون مؤونة عند التقديم، الملف الذي اشتهر باسم “بابور ولاسامير”.

ذات المحكمة أسقطت البرلماني عن دائرة فاس عبد القادر البوصيري (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، وهو المتابع في قضية اختلالات بجماعة فاس في حالة اعتقال، كما تم عزله من مجلس جماعة ذات المدينة.

وهي نفس الحالة بالنسبة لسعيد الزايدي (التقدم والاشتراكية)، عن دائرة بنسليمان، والذي يتابع بتهمتي الابتزاز والارتشاء، خلال فترة ترأس جماعة واد الشراط.

عبد النبي العيدودي (الحركة الشعبية) الذي اشتهر باسم “هشة بشة”، هو الآخر تم إسقاطه من عضوية مجلس النواب، عن دائرة سيدي قاسم، وهو الذي أدين بسنتين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية نافذة قدرها 5 آلاف درهم، بعد متابعته بجناية تبديد أموال عمومية.

دائرة بني ملال كذلك شهدت عزل النائب البرلماني أحمد شد (الحركة الشعبية)، بعدما استندت على قرار المحكمة الإدارية القاضي بعزله من رئاسة جماعة بني ملال.

الأغلبية تتصدر العزل

جاءت أحزاب الأغلبية على رأس المقاعد التي تم عزلها بمجلس النواب، بوقع 12 مقعدا، توزعت على كل من حزب الاستقلال في المركز الأول (5 نواب)، الأصالة والمعاصرة (4 نواب)، الأحرار (3 نواب)، ثم الاتحاد الدستوري (مقعد).

وعلى مستوى المعارضة، فقد حل الحركة الشعبية في المركز الأول (4 نواب)، الاتحاد الاشتراكي (مقعدين)، ثم التقدم والاشتراكية (مقعد واحد).

على الأحزاب تحمل مسؤولياتها

ترى مريم ابليل الباحثة في القانون البرلماني، أن أكبر تحدي للبرلمانات عبر العالم الآن هو الدفاع عن مكانتها وسمعتها، في ظل خفوت بريق الديمقراطية التمثيلية.

وتضيف مريم ابليل في تصريح لـ”بلادنا24“، أن “قرارات المحكمة الدستورية في المغرب في هذه الفترة ستكون لها آثار كبيرة على مستوى مكانة وصورة البرلمان لدى المجتمع”.

مضيفة أن “قرارات التجريد من المقاعد ليست مرتبطة بنزاعات انتخابية، ولكن مرتبطة بملفات فساد. فمثلا، بعد الانتخابات كانت هناك العديد من قرارات التجريد من المقعد بسبب نزاعات انتخابية ومرت بشكل عادي، لكن الإشكال الآن هو ارتباطها بإدانات قضائية وملفات الفساد، وأيضا تسلسل الأحداث الذي جعل المتابعين يسمون الأمر بحملة لمحاربة الفساد”.

كما ترى الباحثة في القانون البرلماني، أن “البرلمان يسعى بطرق عديدة لمحاربة الأخبار الزائفة التي قد تؤثر في سمعته ومكانته لدى المواطنين (إحداث منصة أن تعرف أكثر لمحاربة الأخبار الزائفة بموقع مجلس النواب)، إلا أن الإدانات الأخيرة ضربت في الصفر كل المجهود المبذول”.

ودعت المتحدثة ذاتها “الأحزاب السياسية لتحمل مسؤولية التزكيات التي تعطيها في فترة الانتخابات، إضافة للدفاع عن المؤسسة البرلمانية”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *