خبير اقتصادي يفكك أسباب اختيار قناة عالمية المغرب كأفضل وجهة سياحية (حوار)

على موقعها الإلكتروني وفي القسم الخاص بـ”الأسفار”، أوصت قناة “سي إن إن” التلفزيونية الأمريكية، سياح العالم بزيارة المملكة المغربية، لاكتشاف جمال مدن وتاريخ المغرب.

وجاءت توصية القناة الاخبارية الشهيرة، بعد تصنيفها للمملكة ضمن أفضل الوجهات السياحية، التي يمكن زيارتها خلال سنة 2024. معتبرة أن المغرب “رائد عالميا”، في مجال السياحة المستدامة، ومبرزة ازدهار النشاط السياحي، الذي سجل قفزة بنحو 90 بالمائة العام الماضي، مقارنة بسنتي 2020 و2021.

في هذا السياق، حاورت “بلادنا24“، بدر الزاهر الأزرق الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد.

بداية، ماهي المعايير التي يتم اعتمادها ويتوجب على الدول أن تتوفر عليها حتى يتم تصنيفها كأفضل وجهة سياحية عالمية؟

أظن أنها تتدخل فيها مجموعة من المحددات، أولها التنوع، أي ماذا يقدم هذا البلد، من تنوع ثقافي وتراثي وقيمي، وهنا نتحدث عن الجمع بين السياحة الثقافية والتاريخية وبين سياحة الاستجمام وأنواع أخرى من التي ظهرت مؤخرا مثل السياحة التضامنية والسياحة الخضراء وغيرها.

والمملكة المغربية اليوم، لا تقدم نوعا واحدا من السياحة، وإنما تقدم عدة أشكال، إذ بإمكان السائح الاختيار بينهم، أو الجمع بين أكثر من شكل سياحي.

ثانيا، القرب من مختلف الأسواق، لأن الموقع الاستراتيجي للمملكة المغربية، يجعلها أقرب وجهة سياحية من الأسواق التقليدية، خاصة في الشرق الأوسط وأوروبا وفي أمريكا، وكذلك الصين رغم بعد المسافة، إذ نسجل ارتفاع عدد السياح الصينيين بالمغرب مقارنة بالسنوات الماضية.

ثالثا، البنى التحتية الفندقية، التي تعد جيدة مقارنة مع الدول المجاورة، وهو الأمر الذي يرفع من مؤشرات الجودة بالنسبة للقطاع السياحي.

إضافة إلى النقل، الذي يعد أحد العوامل الرئيسية، لتنصيف المغرب من أفضل الوجهات السياحية، خاصة النقل الجوي، توجه المملكة المغربية نحو النقل منخفض التكلفة منذ سنة 2007 كانت خطوة ذكية، بالإضافة إلى انخراطها في اتفاقية السماء المفتوحة.

وهو ما مكن المغرب من تطوير القطاع النقل الجوي، الذي يعتبر اليوم أهم ناقل للسياح بالبلاد، ناهيك عن النقل البحري بين مضيق جبل طارق، الذي يعتبر أيضا من قطاعات النقل الرائدة.

عامل آخر يمكن إضافته، وهو الموارد البشرية المؤهلة، وهذا يظهر بشكل كبير في الاستقبال وجودة الخدمات، ما يجعل نسبة عودة السياح مرتفعة.

قناة “سي إن إن” اعتبرت المغرب رائدا عالميا في مجال السياحة المستدامة.. ما المقصود بهذا المفهوم الجديد للسياحة؟

السياحة الكلاسيكية لم تعد المُحفز الرئيسي بالنسبة للسياح، فاليوم سَلَّةُ العروض السياحية أصبحت تتوسع شيئا فشيئا، والحديث هنا عن سياحة التسوق، والسياحة الاستشفائية، والسياحة الرياضية، وأيضا السياحة المستدامة أو السياحة الإيكولوجية أو السياحة الخضراء، ويمكن أن نسميها أيضا بالسياحة التضامنية.

هذا النوع السياحي، يعد عرضا سياحيا يعمل على تقديم مجموعة من الخدمات للسائح، دون أن يكون لذلك أثر على السياق المناخي، على عكس السياحة الكلاسيكية التي تكون في بعض الحالات ملوثة وضارة.

وبالتالي، اليوم نتجه شيئا فشيئا للسياحة المستدامة، لأنها تلبي حاجيات السياح دون المساس بالمقدرات الطبيعية للأجيال الحاضرة، وفي نفس الوقت للأجيال المستقبلية، وبالتالي لديها انعكاس جد إيجابي على أداء القطاع السياحي، ونحقق الأهداف التنموية والاقتصادية كذلك، وفي نفس الوقت نحافظ على المناخ والبيئة.

في نظركم، كيف يمكن أن يؤثر هذا التصنيف على القطاع السياحي ببلادنا؟

هذا التصنيف بطبيعة الحال سيكون له تأثير إيجابي، لأنه يحسن تصنيف المملكة المغربية، ويحسن كذلك صورتها، ويساهم في تسويق وجهة البلاد.

وبالتالي هذا التنصيف وغيره، هو ترويج لوجهة المملكة المغربية، كوجهة سياحية مسؤولة ومستدامة، وبالتالي يمكن أن نستدرج السياح، الذين يركزون بشكل كبير على السياحة المسؤولة.

ما تقييمكم لحصيلة القطاع بالنسبة للسنة الفارطة خاصة وأن إيرادات السياحة بالمغرب بلغت 97.4 مليار درهم؟

خلافا لنمو بعض القطاعات، مثل الصناعات الاستخراجية والفلاحة وغيرها، فالقطاع السياحي أكد صموده، إذ يعتبر اليوم قاطرة الاقتصاد المغربي إلى جانب قطاع صناعة السيارات، وسجل نسبة نمو قياسية التي تجاوزت أرقام السنة المرجعية.

وبالتالي حتى السنة المقبلة نفس التوقعات، التي لا زالت مستمرة حول أداء القطاع الاقتصادي بالمغرب، وبالعكس هناك توقعات أن ترتفع وأن تتسارع وتيرة النمو، خاصة وأن المملكة المغربية اليوم مقبلة على مجموعة من الأوراش الكبرى، التي ستعزز البنية التحتية السياحية، وكذا جاذبية المملكة المغربية، وفي نفس الوقت استضافة مجموعة من التظاهرات الرياضية الكبرى، التي ستعلب دورا كبيرا في تسويق المملكة المغربية كأفضل وجهة سياحية، على الصعيد العالمي.

على ذكر استضافة المملكة لتظاهرات رياضية كبيرة ومرموقة، نحن اليوم نستعد لاستقبال مونديال 2030.. كيف سيؤثر هذا الحدث الضخم على القطاع السياحي مستقبلا؟

أكيد كأس العالم، وكأس افريقيا، وكأس العالم للقارات، وأي حدث مثلما كان نوعه، كان وسيكون له الأثر الكبير والمهم على أداء القطاع السياحي، لأننا نسوق لصورة المغرب، وليس أي تسويق، وإنما تسويق عبر أحداث وتظاهرات دولية كبرى، التي من شأنها أن تعزز صورة المملكة، وإعطاء ثقة أكثر فأكثر للسياح من أجل القدوم إلى المملكة.

بالعودة إلى فاجعة الحوز، هل كان للزلزال الأليم الذي هز المنطقة أثر على النشاط السياحي خصوصا بالمنطقة التي تشكل منطقة سياحية جاذبة؟

بطبيعة الحال هذه التخوفات كانت معقولة ومنطقية، على أساس أن الزلزال ضرب أهم منطقة سياحية بالمغرب، وهي مراكش والحوز، وهنا نتحدث عن السياحة سواء في بعدها التقليدي أو الإيكولوجي والتعاوني والقروي وغيره.

لكن إصرار البنك الدولي ومجموعة من الشركاء الاقتصاديين بالمملكة المغربية وصندوق النقد، على الإبقاء على تنظيم حدث الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش، أعطى ثقة كبيرة للسياح للتوافد على المغرب، وكذلك دفع السلطات المغربية إلى تسريع وتيرة الإعمار وترميم مجموعة من المناطق السياحية، سواء في مدينة مراكش أو خارجها.

وهذا له انعكاس كبير على أداء القطاع السياحي بهذه المنطقة، التي يمكن القول اليوم أنها تجاوزت آثار الكارثة، في حين أنه لازال في منطقة الحوز، عمل كبير سيمتد على سنوات، من أجل ترميم آثار الكارثة وإعطاء الفرصة للمنطقة، من أجل استعادة نموها الاقتصادي خاصة في الشق المتعلق بالسياحة.

أميمة حدري – صحفية متدربة

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *