دراسة: نسبة عدم نشاط المغربيات 73 بالمئة.. و”رفض الأسرة” على رأس الأسباب

يعد الاتجاه التنازلي في معدل النشاط، خاصة النساء، أحد السمات الرئيسية لسوق العمل في المغرب، حيث تواجه هذه الأخيرة عدة ضغوط اقتصادية وديموغرافية تعيق اندماجها في سوق الشغل، إذ أنه وعلى الرغم من النمو الاقتصادي القوي المسجل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن عدد فرص العمل التي تم خلقها لم يكن كافيا لاستيعاب القوى العاملة المتاحة.

وفي هذا السياق، أكدت المندوبية السامية للتخطيط، في دراسة مقطعية حول مشاركة النساء في سوق الشغل المغربي، أن نسبة عدم نشاط النساء في المغرب تصل إلى 73 في المائة أغلبهن ربات بيوت، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة الرجال، المقدرة بنحو 7.5 في المائة.

وأكدت الدراسة التي أجريت في إطار شراكة المساعدة التقنية – آلية تقديم الخبرة، أن هذا التفاوت يتجلى أكثر بين النساء المتزوجات، اللاتي يصل احتمال عدم نشاطهن إلى 81.9 في المائة (3.1 في المائة لدى الرجال المتزوجين)، مقارنة بالشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و 34 سنة مع احتمال يبلغ 79.4 في المائة (3.3 في المائة لدى الشباب).

انخفاض معدل النشاط

وفي ظل الوضع الاقتصادي والديمغرافي الراهن، تضيف المندوبية، انخفض معدل النشاط في المغرب من 53.1 في المائة عام 2000 إلى 43.6 في المائة عام 2023، موضحة أن الزيادة الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للنساء، نظرا لاستمرار تراجع معدل نشاطهن الذي انخفض من 28.1 في المائة في عام 2000 إلى 19 في المائة عام 2023، ليظل أقل بكثير من معدل نشاط الرجال (69 في المائة عام 2023).

وأكد المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل نشاط النساء في المغرب بصفة عامة شهد اتجاها تنازليا منذ مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث بلغ معدل نشاط الرجال 69 في المائة مقابل 19 في المائة فقط للنساء، مما يضع المغرب ضمن البلدان ذات معدلات النشاط النسائي الأدنى في العالم، وتتجلى هذه التفاوتات بشكل أكثر وضوحا عند مقارنتها بمتوسط الفجوة العالمية، والتي تبلغ 26 نقطة مئوية.

وبناء على ما جاء في الدراسة، تقترن هذه التفاوتات بارتفاع معدل البطالة بين النساء (18.3 في المائة للنساء مقارنة بـ 11.5 في المائة للرجال)، وتركيز 41.5 في المائة من النساء العاملات في القطاع الزراعي، فضلاً عن الوضع الهش في التوظيف الذي تبلغ نسبته 57 في المائة.

وبالإضافة إلى السياق الاقتصادي، تعتبر الضغوط الديموغرافية المستمرة في التزايد من تأزيم وضعية النساء، فبحلول عام 2050، سيزيد عدد السكان في سن العمل بمقدار 8 ملايين شخص، نصفهم من النساء، وتكشف عمليات المحاكاة التي تم إجراؤها أنه في السيناريو الحالي المتمثل في الاتجاه التنازلي في معدل النشاط، سيرتفع عدد النساء غير النشيطات بمقدار 5.2 مليون، ليصل إجمالي عددهن إلى 16.2 مليون في عام 2050، وستكون هذه الضغوط كبيرة حتى في السيناريو حيث يبقى معدل الخمول ثابتا، حيث سيرتفع عدد النساء غير النشيطات بمقدار 3.2 مليون امرأة ليصل عددهن إلى 14.2 مليون. وفق المصدر ذاته.

ولمواجهة هذه التحديات الاقتصادية والديموغرافية، تضيف المندوبية السامية للتخطيط، حدد المغرب لنفسه هدف تحقيق معدل نشاط نسائي بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2035 كجزء من نموذجه التنموي الجديد، ومع ذلك، فإن هذا الهدف مقيد، من ناحية، بالظروف الاقتصادية، حيث ينبغي للاقتصاد أن يخلق في المتوسط 293 ألف فرصة عمل للنساء سنويا، ومن ناحية أخرى، بسبب الأعراف الاجتماعية والثقافية التي لا تزال تحصر النساء والفتيات في العمل.

ولتعميق التحليل الكمي للمعوقات الاجتماعية التي تساهم في انخفاض مستوى مشاركة المرأة في سوق العمل بالمغرب، قامت المندوبية بإجراء دراسة نوعية تعتمد على تحليل 22 مجموعة، ضمت 274 امرأة من المناطق الحضرية والقروية بالجهة الشرقية والدار البيضاء سطات، حيث أبرزت النتائج الرئيسية، التي تعكس تصورات النساء المشاركات، التأثير الكبير للأعراف الاجتماعية والثقافية (التصورات والممارسات الاجتماعية) والتكوينات الأسرية على وصول المرأة إلى سوق العمل واندماجها المهني.

رفض الأسرة

أكدت الدراسة أن أحد التصورات السائدة التي انبثقت عن المجموعات هو “رفض الأسرة”، الذي اعتبره جزء كبير من المشاركين عائقًا رئيسيًا أمام مشاركتهم في سوق العمل، كما أكد المشاركون على أنه على الرغم من مهارات المرأة ومؤهلاتها، إلا أنها تواجه هذه المعارضة الأسرية.

ويظل هذا العائق، الذي غالبا ما يعبر عنه الزوج، موجودا في كلا المنطقتين حتى في ظل وجود حاجة مالية واضحة، لكنه يبرز بشكل خاص في الجهة الشرقية منه في جهة الدار البيضاء سطات، مما يسلط الضوء على التباين الجهوي في المواقف فيما يتعلق بالإناث.

وللإشارة، وتروم هذه الدراسة تحديد أنماط النساء متعددة الأبعاد اللاتي يرجح عدم مشاركتهن في سوق الشغل، فضلا عن إبراز التفاعلات بين الإكراهات الفردية والاجتماعية والسياقية التي يواجهنها.

كما تلقي الضوء على تعقيد الإكراهات التي تخضع لها مشاركة المرأة في سوق الشغل المغربي من خلال مقاربة مقطعية متعلقة بالنوع الاجتماعي، تجمع بين منهجيات البحث الكمية والنوعية، وكذا تحليل المعوقات الاجتماعية التي تعيق مشاركتهم الاقتصادية.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *